يقال :"إن موريتانيا بلد غنيّ وشعب فقير"
مالذي تعنيه هذه المقولة ؟
يرى المختضون أن هذا المقولة تشير بعمق لما تعانيه موريتانيا من ضعف في التنمية واستشراء للفساد، رغم الثروات الكثيرة فيها، مع قلة عدد السكان.
إن الفساد متجذر في هذه البلاد بفعل مساعدة النحبة، مع استثناءات نادرة على لجمه والمساهمة في صناعة من يقومون به .
ظهر الحديث علنا على الفساد - على استحياء- منذ انطلاق الديمقراطية بالبلاد 1992 ولكن ذلك الحديث بقي ضمن "كلام الليل يمحوه النهار".
النخبة في بلادنا كما يرى متابعون للشأن العام، لها علاقة وطيدة بترسيخ الفساد، لأنها مستفيدة منه في شتى الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبالتالي فهي مرتبطة به ارتبطا عضويا؛ رغم دعواتها العلنية لمحاربته .. أي مفارقة هذه ؟
ساعد النخبة على ترسيخ الفساد في المجتمع جملة عوامل لعل من أبرزها:
ــ احتضانها اجتماعيا،
ــ فساد الإدارة، وضعف الحكامة، وغياب الشفافية، بشكل كبير في التسيير لدى الجهاز التنفيذي؛
ــ تحكم العوامل الضيقة في كثير من المسيرين للشأن العام؛
ــ استشراء توظيف فاسد للسياسة من أجل خدمة الفساد؛
ــ غياب كوابح الفساد من شفافية عامة في التعيينات، والصفقات والبعثات وغيرها، وضعف رقابة الإعلام والبرلمان والمجتمع المدني؛ ــ غياب عقاب رادع للمفسدين ـرسمياـ وعدم عزلهم اجتماعيا؛
ــ محاربة المصلحين، وذوي الكفاءات والتطبيع مع المفسدين، وتوظيف عديمي الكفاءات؛
ــ غياب مفهوم الدولة،والعمل طبق،ا للولاءات الضيقة والأخذ برأي المفسدين؛
ــ تلميع الفساد والمفسدين والتطبيع معهم وترقيتهم؛
ــ حرص غالبية النخب على بقاء الفساد واستفادتهم منه.
إنه من أجل محاربة جادة للفساد، يجب القضاء على كل تلك النقاط السوداء السابقة، مع اتباع الإجراءات التالية :
ـ ترميز الموظفين الذين يخرجون وأياديهم نظيفه؛
ـ الحرص على خلق كادر بشري نظيف وبعيد عن محاباة المفسدين، والنخبة الفاسدة؛
ـ سيطرة الإدارة العقلانية في الشأن العام وتغيير عقليات المجتمع حتى ينبذ الفساد والمفسيدين؛
ـ إبعاد السياسة عن الإدارة؛ فلا تستطيع الدولة الإصلاح بموظفين تريد منهم الأصوات؛
ـ جعل النخبة النظيفة في مكانتها اللائقة من حيث المناصب والعيش الكريم، دون حاجة للتملق والولاءات الضيقة؛
ـ محاربة كل أنواع التملق، وصناعة الرموز الفاسدة ،وإبعاد المفسدين وحواضنهم الكثيرة شعبيا وإعلاميا .
إن النخبة الموريتانية خبيرة في صناعة الشعارات، وهذا باب كبير للفساد يجب أن يتمّ سده نهائيا، وتنصرف النخبة للعمل الجاد من أجل توعية المجتمع، ومساعدة الجهاز التنفيدي، والعمل معه بشكل جاد للقضاء على هذه الآفة .
ختاما : على السلطات العليا بالبلد أن تعي أن الفساد لن تتم محاربته بقوانين تظل حبيسة الأدراج والورق، وأنه لن تلجمه الندوات في الفنادق من طرف نخبة معظمها يدور في فلك الظاهرة المقيتية؛ بل إن محاربته تتم من خلال تحقيق كل تلك النقاط السابقة وفي مقدمتها تولية المصلحين للشأن العام، فلا إصلاح بدون مصلحين!!!
كلمة الجديد .. زاوية يومية يكتبها "تحرير الموقع"