هجرة الكفاءات ... الخيار المُــرّ !! ــ رأي الجديد نيوز

قال الشاعر : 

وأخّرني دهري وقدم معشرا 

على أنهم لايعلمون وأعلمُ

**

ومُذ أفلح الجُهّال أيقنت أنني

 أنا الميمُ والأيام أفلحُ أعلمُ

** 

(الأفلح : مشقوق الشّفة السُّفلى والاعلم مشقوق الشّفة العُليا والميم حرف شفوي).

 

 لا أجد وصفا دقيقا للواقع الطارد للكفاءات ببلادنا أفضل من البيتين السابقين.

 

 البيئة الطاردة للكفاءات معالمها كثيرة؛ تبدأ بالتجاهل بعد التّخرج، وتشغيل الكثير من عديمي الكفاءة، مرورا بالظروف القاهرة للعمل في تخصص غير مُوات بسبب البطالة الضاغطة، وظروف المجتمع الماديّ التي لاترحم. وانتهاء بالتهميش في قطاع ما، إن حالف الحظّ صاحب شهادة ونجح في مسابقة شفافة، وعادة ما يكون ذلك بعد مسار طويل من المشاق . 

 

في ذات الوقت؛ نجد نماذج أخرى من التّهميش للكفاءات، تتعلق بعدم الترقية في عملهم وإهمالهم كليا، وعدم تثمين مجهوداتهم، في حين يعين البعض ويُرقّى لاعتبارات ضيقة دون مراعاة للأسس المنطقية من كفاءة وأقدمية.

 

هنالك كذلك التهميش بواسطة تعيين موظف ضحل المعرفة لا يعرف عن المنصب الذي عيّن فيه إلا امتيازاته المادية مرؤوسا،  على نخبة من أصحاب الكفاءة والخبرة في المجال.

أمثلة كثيرة تتفطر لها الأكباد من تهميش الكفاءات الذين أبطأ بهم زخمهم القبلي ومسارهم السياسي في التطبيل؛ فهذا مدير طري العود يدير كوكبة من أستاذه في مؤسسة جامعية!! ا وهذه مقدمة خدمة في التعليم كان حلمها الترسيم، أصبحت حاكما مساعدا لأغنى مقاطعة في العاصمة. 

وهذا أستاذ جامعي متعاون يتقاضى مبلغا زهيدا، في الوقت الذي يتقاضى من هم أقل منه رتبة ومستوى رواتب كبيرة وهم في رتبة المتعاون ذاتها.

 

وهؤلاء موظفون شارفوا على التقاعد، هم أول من يحضر، وآخر من يغادر، ينجزون كل الأعمال بحرفية عالية، يتقاضون رواتب زهيدة، ومن جاءت به الصدفة ومُكّن له  يجني أضعاف أضعاف تلك الرواتب مجتمعة.

  

 هؤلاء أطر موريتانيون تكونوا وتخرجوا على حساب ميزانية الدولة، ومع حاجة البلد الماسّة لهم طردتهم البيئة، فتفرقوا في فجاح الأرض يخدمون بلدانا حلوا ضيوفا عليها، وهم ناجحون في كل مجالاتهم . 

 

أين مصداقية إصلاح الإدارة ؟ أين المصلحون ؟ إنها مجرد شعارات جوفاء، مادام الوطن ينطبق عليه المثل الشعبي :" شمامه خذ خيرها ولاتجعلها وطنا"

 

ختاما: الوطن للجميع، وعلى الجميع خدمته بصدق وأمانة، وهنا يتحتم على السلطات العليا أن تدرك حقيقة مرة، وهي أن الإدارة لاتقوم إلا على الأطر والشفافية والكفاءة، وأن اليد المرتعشة لاتبني .

كلمة الجديد .. زاوية يومية يكتبها "تحرير الموقع"