تأملات حول الحوار السياسي في موريتانيا: بين الآمال والخيبات

 أحمد سالم بوحبيني

 

فيما يخص الحوار السياسي الجاري التحضير له، فإنني مقتنع بأن شخصية السيد موسى فال – بما يتمتع به من حكمة ولباقة ودبلوماسية وقدرة على الإصغاء – تمثل قيمة مضافة حقيقية. وإذا كان من الممكن أن يفضي هذا الحوار إلى نتائج بناءة، فلا شك عندي في أن موسى فال سيساهم في ذلك بجدية وذكاء.

غير أن المشكلة الجوهرية التي تعاني منها الحوارات السياسية في موريتانيا هي تكرارها دون أهداف واضحة أو رؤية مشتركة. فقد أسفرت الحوارات الأولى غالباً عن ترتيبات ظرفية: تقاسم للمشهد السياسي، وتقاسم للجنة المستقلة للانتخابات، وتوزيع للمناصب، واتخاذ قرارات تخدم بعض الأحزاب، مثل منع الترشحات المستقلة – دون أن يكون هناك أي مضمون جوهري.

تتكرر دائماً في كل حوار مواضيع مثل الإرث الإنساني، والعبودية، والوحدة الوطنية، فقط من أجل ملء جدول الأعمال. لكنها مواضيع فارغة، فقدت مضمونها، يُلوّح بها لإضفاء طابع جاد على لقاءات لا يُناقش فيها شيء أساسي في الواقع.

لقد تابعت شخصياً أحد هذه الحوارات عن قرب، عندما كنت رئيساً للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (FNDU)، وعبّرت حينها عن قناعتي بأن الديمقراطية تقتضي أن يمارس النظام المنتخب مهامه في الحكم، بينما تقوم المعارضة بدورها في النقد وطرح البدائل. لكل طرف دوره. ولا يكون من مبرر للحوار إلا عندما تطرح قضية وطنية كبرى، فيمكن لرئيس الجمهورية أن يستشير القوى السياسية. أما فكرة الحوار الدائم، دون مضمون أو أهداف، فهي طريق مسدود.

ما كان لافتاً آنذاك، هو أن الجميع – من السلطة والمعارضة – كانوا يطالبون بحوار رسمي، ويعلنون انفتاحهم واستعدادهم، بل أحياناً استعجالهم للمشاركة فيه. ولكن دون أن يكون لديهم أي تصور حقيقي لما ينتظرونه منه أو لما ينبغي أن تكون مخرجاته. بل إن كل طرف، بطريقته الخاصة، كان يساهم فعلياً في تعطيل انعقاده أو تفريغه من مضمونه. كان هناك حرص ظاهري على الحوار، لكن في العمق كانت هناك أيضاً إرادة خفية – عن وعي أو غير وعي – لمنع قيام حوار حقيقي، صادق وبنّاء.

أتذكر الجهود التي بذلتها في ذلك الوقت بصفتي رئيساً للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (FNDU)، مع السيد مولاي ولد محمد لغظف، الذي كان حينها وزيراً أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية ومكلفاً بالحوار. لقد حاولنا التقدم، لكن جهوده كانت تعرقلها مواقف السيد سيدي محمد ولد محم و يحي ولد حمدين، في حين كنت أنا أُواجه عراقيل من طرف حزب التكتل الذي انتهى به الأمر إلى الانسحاب من المنتدى.

آمل بصدق أن يفضي الحوار الجاري التحضير له هذه المرة إلى نتائج إيجابية ومفيدة للبلاد.