في رولان غاروس عام 2014، وخلال مباراة للتنس بين رافائيل نادال وليوناردو ماير، شوهد فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد يجلس بجوار القطري ناصر الخليفي رئيس باريس سان جيرمان وهما يتبادلان الضحكات في المدرجات.
كانت الصورة تشير إلى صداقة قوية واحترام شديد بين المسؤولين الرفيعين، قبل أن تتحول إلى عداوة مع تقلّب الزمن.
السبب الرئيسي يرجع لانتزاع ريال مدريد كيليان مبابي مجاناً من سان جيرمان بعد سنوات من الجدل والتلاسن بين الطرفين، ورغم كل محاولات إغراء اللاعب الفذّ للبقاء بالعاصمة الفرنسية.
والسبب الآخر لا يقل أهمية، ويتعلق بتبني فلورنتينو مشروع دوري السوبر الأوروبي الإنفصالي عن يويفا ودوري الأبطال، وهو ما حاربه بشدة الخليفي رئيس رابطة الأندية الأوروبية.
ورغم توتر العلاقات تناول بيريز والخليفي الغداء سوياً في مطعم "جاي سافوي" أحد أشهر مطاعم باريس والعالم في 2022 قبل مواجهة بين الفريقين، محتفظين بما تبقّى من الوِدّ آنذاك.
بعد أشهر قليلة من هذا الغداء قال الخليفي لمحطة "TNT" البرازيلية: "علاقتي ليست جيدة بفلورنتينو، في الحقيقة لم أتحدث معه أبداً، لا توجد حاجة للحديث معه، كيليان لاعبنا".
وتجدد الحديث عن الخلاف بين الطرفين مع تجدد مواجهة ريال مدريد ومبابي ضد سان جيرمان في نصف نهائي كأس العالم للأندية الأربعاء المقبل.
معركة مفتوحة
تجنب مبابي الصدام مع النادي الباريسي في دوري الأبطال بالموسم المنقضي حين خرج الريال من ربع النهائي على يد أرسنال، فيما مضى سان جيرمان في طريقه حتى نال لقبه الأول بجدارة، لتتحول احتفالاتهم إلى سخرية من هدافهم التاريخي، الذي سجل 256 هدفاً في 308 مباريات مع الباريسيين.
فصول الصراع المدريدي "المبابي" الباريسي يمكن تخيلها في فيلم درامي مثير في هوليوود، ويشاء القدر أن تقام المباراة بالقرب من أرض الأحلام السينمائية بالولايات المتحدة.
وانتصر بيريز في معركة مبابي بعد أن جلب النجم الذي لطالما حلم به منذ رحيل كريستيانو رونالدو، ودون دفع يورو واحد لسان جيرمان، الذي رفض بيعه في عام سابق مقابل 200 مليون يورو.
وفي المقابل يعتبر الخليفي نفسه منتصراً، لحين إشعار آخر، بعد تعطيل مشروع السوبر الأوروبي، وتطوير مسابقة دوري الأبطال بنظام جديد أثار إعجاب الكثيرين بعدما جعل التنافس أكثر إثارة.
ولا يزال الصراع مفتوحاً على مصراعيه، إذ تنظر المحاكم في النزاعات المالية بين مبابي وناديه السابق، بسبب مطالبته بمكافآت بقيمة 55 مليون يورو لم يحصل عليها.
توتر خارج الملعب
مبابي يصرّ على احترامه لسان جيرمان وجمهوره، لكن مشكلته شخصية مع الخليفي، الذي لم يشكره في فيديو وداع النادي، وربما مع المدرب لويس إنريكي الذي همّشه في موسمه الأخير بالاتفاق مع الإدارة.
واتهم مبابي مؤخراً النادي الباريسي بالتحرش الأخلاقي ومحاولة الابتزاز، فضلاً عن اتهام بإساءة معاملة النادي لشقيقه الأصغر إيثان للضغط عليه من أجل تجديد العقد.
لويس إنريكي بدا مرتاحاً أكثر بعد رحيل مبابي، وقال بجرأة: "أصبحنا فريقاً أفضل وأكثر جماعية"، وبرهن على ذلك بالتتويج بالكأس ذات الأذنين عقب اكتساح إنتر ميلان بخماسية في النهائي.
وسيترقب الجميع كيف سيكون رد فعل مبابي إذا هز شباك جيانلويجي دوناروما، وهل سيوجّه رسالة معينة للمدرب الإسباني.
مبابي غاب عن دور المجموعات بمونديال الأندية بسبب مشكلة بالمعدة، وشارك بديلاً في آخر مباراتين، وأحرز هدفاً رائعاً أمام بوروسيا دورتموند في ربع النهائي، لكنه بدا شاحباً وفقد الكثير من وزنه بسبب المرض، لذا ربما لن يكون في قمة لياقته أمام سان جيرمان.
وليس من المعروف إن كان سيظهر فلورنتينو أو الخليفي في ملعب ميتلايف لمشاهدة القمة يوم الأربعاء، لكن من المتوقع ألا ينتقل التوتر إلى المستطيل الأخضر حين يلتقي مبابي بزملاء الأمس، إذ تربطه علاقات وطيدة بلاعبي الفريق الفرنسي، وخاصة عثمان ديمبيلي.