المرصد الأورومتوسطي: مجزرة مجمع ناصر متعمدة ونفذت بتوجيه مخابراتي

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، إن الجريمة المركّبة التي نفّذها الجيش الإسرائيلي في مجمع ناصر الطبي بخان يونس اليوم تمثّل استهتارًا وقحًا بالقانون الدولي الإنساني، وتعكس بشكل لا لبس فيه جوهر الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي أنّه وثّق شنّ الجيش الإسرائيلي في حوالي الساعة العاشرة من صباح اليوم الإثنين، غارة على الطابق الرابع من مبنى الاستقبال والطوارئ في مجمّع ناصر الطبي، ما أسفر عن مقتل الصحفي «حسام المصري» مصوّر وكالة رويترز، ومواطن آخر على الأقل. وبعد عدة دقائق، وأثناء تجمع مواطنين وطاقم من الدفاع المدني للبحث عن ضحايا محتملين وتواجد صحفيين لتغطية الحدث، عاود الجيش استهداف المكان بصاروخ مباشر أصاب طواقم الإنقاذ والصحفيين، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد منهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الجريمة المزدوجة أسفرت، وفق حصيلة أولية، عن مقتل 20 شخصًا، بينهم الطبيب "محمد الحبيبي"، وخمسة صحفيين هم: حسام المصري – مصوّر وكالة رويترز للأنباء، ومحمد سلامة – مصوّر قناة الجزيرة، ومريم أبو دقة – صحفية تعمل مع عدة وسائل إعلام بينها "إندبندنت عربية" ووكالة "أسوشيتد برس"، ومعاذ أبو طه – صحافي حر متعاون مع عدد من وسائل الإعلام، وأحمد أبو عزيز- صحفي محلي، إضافة إلى سائق الإطفاء في الدفاع المدني "عبد الله الشاعر"، ومدنيين آخرين، فضلًا عن إصابة ما لا يقل عن عشرة أشخاص آخرين بينهم صحفيون ومنقذون من الدفاع المدني.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ فريقه الميداني رصد تحليق مسيّرة إسرائيلية تُستخدم لأغراض التصوير، على ارتفاع منخفض جدًا في سماء مجمع ناصر الطبي قبل استهداف المكان، ما يعطي دليلًا إضافيًا على أنّ الهجوم لم يكن عشوائيًا بل متعمدًا، ونُفّذ بتوجيه استخباري تضمّن جمع معلومات دقيقة بوسائل إلكترونية متقدمة حول طبيعة المكان المستهدف وهوية الضحايا الذين سقطوا في الاستهداف.

ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ إسرائيل قتلت في مجزرة واحدة طبيبًا وسائق إطفاء وخمسة صحفيين ومدنيين آخرين، في تجسيد واضح للنية الإسرائيلية الواضحة في استئصال المجتمع الفلسطيني في غزة، واستهداف ركائزه ومقوماته، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 22 شهرًا.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ هذا النمط لا يشكّل حادثًا منفردًا، بل سياسة متكرّرة وموثّقة في مواقع متعددة خلال الإبادة الجماعية، إذ وثّق فريقه الميداني عشرات الحالات التي ارتكبت فيها القوات الإسرائيلية جريمة "القصف المزدوج" عمدًا، في أسلوب لا يقتصر على إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين، بل يتعمّد أيضًا استهداف فرق الدفاع المدني والمسعفين والصحفيين بعد استجابتهم للقصف الأول، محوِّلًا أماكن الإنقاذ والتغطية الإعلامية إلى مصائد قاتلة، في تعبير واضح عن نية مبيّتة لشلّ عمليات الإغاثة، وإسكات الشهود، وإتلاف الأدلة، وتقويض أي حماية للمدنيين حتى في المرافق الطبية المفترض تحصينها بالقانون الدولي.

وبيّن أنّ ما جرى يشكّل جريمة مركّبة متعدّدة الأركان، إذ انطوى على استهداف مستشفى كمرفق طبي محمي، وقتل طبيب على رأس عمله، وقتل صحفيين أثناء أداء مهامهم، واستهداف مرضى خلال محاولات إسعافهم وإخلائهم، فضلًا عن إصابة ومقتل عناصر من الدفاع المدني أثناء قيامهم بواجب الإنقاذ، 

وأكد أنّ هذا السلوك يمثّل اعتداءً متعمّدًا على أشخاص وأعيان تتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني، ويشكّل في حد ذاته جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان.

وحذّر المرصد من أنّ صمت المجتمع الدولي إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي تنفّذها إسرائيل شكّل غطاءً مباشرًا لتماديها في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وأسهم عمليًا في نزع الحماية عن الأشخاص والأعيان المحمية صراحة بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الطبية والطواقم الإنسانية والصحافيون.

245 صحفيًا

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الإثنين، عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 245 صحفيًا منذ بداية الحرب على قطاع غزة، وذلك بعد استشهاد الصحفي أحمد أبو عزيز متأثرًا بجراحه.

وأوضح البيان أن أبو عزيز، الذي كان يعمل مع شبكة قدس فيد وعدة وسائل إعلام أخرى، استشهد متأثرًا بجروحه التي أصيب بها خلال القصف الإسرائيلي على مجمع ناصر الطبي في محافظة خان يونس جنوبي القطاع، وهي الجريمة التي أسفرت عن 20 شهيدًا وعشرات الإصابات بين المرضى والطواقم الطبية والصحفية والدفاع المدني.

وأدان المكتب الإعلامي الحكومي بشدة ما وصفه بـ«الاستهداف الممنهج للصحفيين الفلسطينيين»، داعيًا الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب وكافة المؤسسات الصحفية في العالم إلى إدانة هذه الجرائم بحق الإعلاميين في غزة.

وحمل البيان الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الإدارة الأميركية ودول أوروبية بينها المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، المسؤولية الكاملة عن «الجرائم الوحشية التي ترتكب بحق الصحفيين»، مؤكدًا أن هذه الهجمات تأتي في سياق «سياسة إبادة جماعية منظمة».

وطالب المكتب الإعلامي المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بالعمل الصحفي والإعلامي بـ«إدانة هذه الانتهاكات وملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية، والضغط الجاد والفاعل لوقف الإبادة الجماعية وحماية الصحفيين والإعلاميين في قطاع غزة من الاستهداف والاغتيال».

وختم البيان بالدعاء للشهداء الصحفيين بالرحمة، ولذويهم وللأسرة الصحفية الفلسطينية بالصبر والسلوان، متمنيًا الشفاء العاجل للجرحى.

ورصدت كاميرا «الغد» لحظة استهداف طواقم الدفاع المدني التي وصلت إلى المجمع عقب قصف استهدف الطابق الأخير من المستشفى، حيث كان يقف مصورون وصحفيون.

وأسفر الهجوم الأول عن استشهاد الصحفي حسام المصري الذي يعمل بإحدى وكالات الأنباء الدولية، بعد أن قصفت طائرة مسيّرة إسرائيلية الطابق الأخير من مبنى المستشفى.

وبعد وصول طواقم الدفاع المدني إلى المكان، وأثناء انتشال جثمان الشهيد، استهدفت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية عناصر الدفاع المدني خلال عملهم، ما أدى إلى ارتقاء نحو 15 شهيدا.

وأفاد الدفاع المدني في غزة باستشهاد سائق الإطفاء عماد عبد الحكيم الشاعر، وإصابة 7 آخرين من طواقم الدفاع المدني بخان يونس، أثناء محاولتهم إنقاذ المصابين وانتشال جثامين الشهداء جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف مبنى في مجمع ناصر الطبي.

وقال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة لقناة «الغد» إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب «مجزرة بحق عناصر الدفاع المدني في خان يونس».

مؤكدًا أن قوات الاحتلال استهدفت المواطنين بشكل مباشر ودون أي إنذار، ما أدى إلى مقتل 138 عنصرًا من طواقم الدفاع المدني في استهدافات مباشرة أثناء أداء عملهم الإنساني.

وأضاف أن الاحتلال يواصل استهداف طواقم الإنقاذ والإسعاف عند تدخلها لانتشال الشهداء والمصابين.

مشددًا على أن ما جرى في مجمع ناصر الطبي «جريمة مكتملة الأركان»، وأن الاحتلال يثبت يومًا بعد يوم أنه لا حصانة للصحفيين ولا للأطباء ولا حتى للمسعفين، الذين يُفترض أن يحميهم القانون الدولي الإنساني.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الإثنين، أن حصيلة الشهداء في القطاع بلغت 51 شهيدًا خلال الساعات الماضية (من منتصف الليل حتى الثانية ظهرًا).

وأوضحت أن الشهداء توزعوا بواقع 10 في شمال القطاع، و15 في وسطه، و26 في جنوبه.

وأشارت إلى أن من بين الضحايا خمسة صحفيين استشهدوا في القصف الإسرائيلي الذي استهدف مجمع ناصر الطبي في خان يونس، وهم: حسام المصري، محمد سلامة، مريم أبو دقة، معاذ أبو طه، وأحمد أبو عزيز.