المخرجة السينمائية ومترجمة لغة الإشارة لالة كابر للجديد نيوز: دخلت عالم الصّم عن طريق الصدفة !

 

ضيفتنا مخرجة سينمائية مشهورة، يَحُزُّ في نفسها أنه رغم تشريفها للبلد وتكريمها في أكثر من مهرجان سينمائي، لم تشتهر ـ محليا ـ  إلا بكونها مترجمة للغة الإشارة .

 

تعرف بـ" عَرّابة الصُّم " في موريتانيا ... دخلت عالمهم المُغلق  عن طريق الصّدفة كمتطوعة  لتدريسهم المعلوماتية ..

 

سحرها عالمهم وحركاتهم، أثناء التحدث  بلغتهم العجيبة التي يتفاهمون بواسطتها ..

 

تَرى أن النظام الحالي كان بمثابة "الأب الحنون لهم".

 

وترى أن عالمهم مليء بالمواضيع المسكوت عنها ... وأكبر تحدّ يواجه اندماجهم في المجتمع هو نقص مترجمي لغة الإشارة وتزايد أعدادهم .

 

نسعد في هذه المقابلة باستضافة المخرجة الكبيرة ومترجمة لغة الإشارة لالة كابر  

 

الجديد نيوز: توصفين "بعرابة الصم" في موريتانيا. كيف بدأت مسيرتك مع هذه الفئة، وما هو واقعها حتى الآن؟

 

شكرا لـ"الجديد نيوز" على الاستضافة وعلى اللفتة الكريمة..

 أصبحت أعرف بـ"عرابة الصم" عن طريق الصدفة، فقد كنت أعمل  تلميذة إخراج بدار السينمائيين، كان ذلك سنة 2010 وفي العام 2011 تعرفت على منظمة لرعاية الصم، كانت قريبة من المركز الذي أتدرب فيه، وقد طلبوا مني أن أتطوع لهم بأي معرفة تساعد الصم، كانت المرة الأولى التي أرى فيها كما هائلا من الصم يجمعهم مكان واحد، بدأت تدريس المعلوماتية للبنات من هذه الفئة.

سحرتني لغتهم وحركاتهم التي يتفاهمون بها، وعلمت أن هناك لغة يقال لها لغة الإشارة.. تعرفت على أحلامهم وأفكارهم وسافرنا سويا، وتمازجتُ معهم وبدأتُ أتعلم لغتهم لمساعدتهم أكثر وحلّ مشكلاتهم، أترجم لهم إذا اجتاجوني في أماكن عملهم ومؤسساتهم، ومع مرور الوقت اختفت جمعيات الصمّ وتراجع الجانب التكويني المهني، فقررت أن أشرع في تأسيس هذه المنظمة التي تحمل اسم (راما) عام 2020 

 

الجديد نيوز: تعملين كمخرجة سينمائية وناشطة اجتماعية ومترجمة للغة الإشارة. كيف توفقين بين كل هذه الأعمال، وما هو المحبّب منها إليك ولماذا؟

 

أحاول الموائمة بين هذه الأعمال بتطويعي  مجال السينما ووسائل التواصل الاجتماعي لإبراز مشاكل الصم والبحث لها عن حلول..

 ومعلوم أن وسائل الإعلام والسينما والمسرح .. يركز من خلالها على موضوع يتمحور حوله الكلام، وقد تبين لي  أن أكثر المواضيع المسكوت عنها هي التي تتعلق بفئة الصم..

 أحيانا أجد صعوبة في الموافقة بيهم، وذلك ما لمسته من أن الكثيرين فرغم تفوقي في مجال السينما، وتشريفي للبلد في أكثر من مهرجان وحصولي على العديد من الجوائز، فإنهم لا يعرفون عني ذلك، ولكن ترجمتي للغة الإشارة لصيقة بأذهانهم..

ما زلت أحاول التوفيق بينهم، وسيتسنى لي ذلك بحول الله وقوته.

 

الجديد نيوز: يرى البعض أن العهد الحالي حسن من ظروف هذه الشريحة وفتح لها المجال للاندماج بالمجتمع.

كيف ذلك؛ وما هي انعكاساته على واقعها؟

 

 لا يمكن للعين أن تخطئ ما تحقق  لفئة الصم، بل والمعوقين عامة.. فقد وجدوا في ظل هذا النظام الأب الحنون والأمة الرؤوم لتسوية كافة مشاكلهم..

 أصبحوا برلمانيين وفُـتِحت لهم المراكز في الداخل  براعاية وزارة الشؤون الاجتماعية، في هذه المراكز يسهر العاملون على إحصائهم وحلحلة مطالبهم.

وثمة إرادة قوية عند السيدة الأولى مريم داداه للارتقاء بالأشخاص المعاقين بصفة عامة بعد عهود من التهميش والإقصاء. 

 

الجديد نيوز: يتم الاحتفال باليوم العالمي للغة الإشارة في الـ 23 سبتمبر  أكتوبر من كل عام، فما هو مبرر احتفالكم في الـ 10 من أكتوبر وهو يوم الصحة النفسية؟ 

 

صحيح ما قلتموه؛ اليوم العالمي للإشارة هو يوم دولي يخلد في الـ 23 سبتمبر، وهو اليوم الذي يصادف تأسيس الاتحاد العالمي للصم، ولكن الظروف لم تساعدنا على تخليده لظروف قاهرة هذه السنة في موعده، فقمنا باختيار تاريخ الـ 10 أكتوبر عشوائيا، فجاء مصادفا لليوم العالمي للصحة النفسية.

 

الجديد نيوز: المجتمع الموريتاني تغيرت نظرته بصورة ملحوظة للمعوقين. كيف تصفين تعاطيه مع شريحة الصم؟

 

عانا أصحاب الإعاقة من مشكلتين بارزتين: الأولى تمثلت في نظرة المجتمع، والثانية في غيابهم أو تغييبهم من خلال الجهات المعنية، وقد بدأت النظرة في التغير فبدأ المجتمع يتعرف عليهم، ولم يكن قبل ذلك يعرف أن لديهم مدارس خاصة بهم، وأنه يمكن لهم أن يدرسوا ويتحصلوا على أعلى الشهادات..

 يرجع ذلك في نظري إلى أن الكثير منهم كان مهملا، وما زالت المعاناة الكبرى وهي كيفة إقناع الأهالي بأن أبناءهم المعاقين يمكن لهم أن يكونوا من صفوة المجتمع إذا حصلوا على العون منهم، ومع الوقت سيتم التغلب على كل تلك المشاكل بتعاضدنا جميعا.

 

الجديد نيوز: الأصم شخص كامل تنقصه حاسة السمع. كيف نستطيع أن نجعله يعيش معنا دون حواجز نفسية أو شعور بالنقص؟

 

بالفعل الأصم شخص كامل، والاختلاف بيننا وبينه هو عامل اللغة ـ فقط ـ فنحن مثلا نتكلم اللغة العربية وأولئك اللغة الفرنسية .. والأصم يتكلم لغة الإشارة، وبالتالي فهي التي يمكن أن تفك عزلة الشخص الأصم.

 

الجديد نيوز: حسب تجربتكم، ماهي أبرز النواقص التي مازالت تعيق اندماج هذه الفئة، وما هي أفضل السبل لتحقيق ذلك؟

 

حسب التجربة فإن المشكلة التي تقف عائقا في اندماج فئة الصم تتمثل في حاجز التواصل نظرا لقلة المترجمين للغة الإشارة، وزيادة أعداد الصم، والحلّ عندي  يكمن في نشر لغة هذه الفئة مع إدماجهم في المؤسسات العمومية.

حوار: محمد ولد سيدناعمر