أفادت مصادر مطلعة أن الضابط محمد ولد الدنه، المدير السابق للشرطة الفنية والمتقاعد حديثًا، قد رفض أي امتيازات أو هدايا من الشركة التكية، المنفذة للمختبر بما في ذلك هدية رمزية عبارة عن ساعة يدوية عُرضت عليه بعد اكتمال الأشغال، متمسكًا بقواعد الشفافية والمهنية في الرقابة.
هذا مثال نادر في الشفافية والنزاهة نحتاج أمثاله والدولة حاليا تخوض حربا على الفساد .
ليست الحرب على الفساد مالية وإدارية ـ فقط ـ بل يجب أيضا أن تكون في الجانب المعنوي المتعلق بإحياء القيم الأساسية لتولي المسؤولية – نحن هنا لانتهم أحدا- ولكن الملاحظ أن هنالك جانبا مهملا لم يجد الاهتمام المطلوب لحد الساعة في هذه الحرب، وتم التركيز على الجوانب العقابية المالية والإدارية والجنائية إن وجدت .
إن إحياء الجانب القيمي في الحرب على الفساد يتطلب "هندسة المجتمع وراثيا " – إن جاز التعبير- للتكيف مع قيم ضرورية في تولي المسؤولية، وهي الأمانة والصدق ونزاهة الكف، والبعد عن استخدام المعايير الضيقة وتغليبها على المصلحة العامة .
بالتأكيد أن وجود مثل هذا المسؤول وتوليته لا يجب أن يكون إلا حسب معايير الكفاءة والنزاهة، لكي يكون ولاؤه لخدمة الوطن ولا ضغوط لأي أحد أوجهة عليه، فمن ولاؤه لوطنه لا خوف عليه .
من البدهي أن مشاركة المجتمع في الحرب على الفساد هي الجبهة الثانية بعد الدولة، باعتبار الكثير ين فيه يمجدون المفسدين، وينزلونهم منازل لا يستحقونها خوفا وطمعا، ويستشهدون بأمثلة من قبيل " اللي تول شي ظاكو " ويؤكدون بالقول "فلان فكراش" لأنه استطاع أن يكون ثروة من جمع المال العام .
ختاما : في مجتمع يحب المظاهر، ولابعرف أنها خداعة ...في مجتمع كل همه تمجيد من يملك مالا دون السؤال عن مصدره، في مجتمع بات البعض منه لابعلي كثيرا من القيم التي هي شرط في تولي أمانة المنصب ويتحايل عليها، يكون من الضروري جدا خوض حرب أخلاقية لزرع القيم وإعادة القيمة لأصحاب المعرفة والكفاءة والنزاهة، ودفعهم لتولي المناصب وإزاحة المفسدين ومن يزرعونهم في بيئة موبوءة بكل ماهو فاسد .