يجتمع قادة من أنحاء العالم، اليوم الخميس، في بيليم البرازيلية لمحاولة إظهار أن تغير المناخ ما زال يمثل أولوية دولية قصوى رغم الوعود الكاذبة وانسحاب الولايات المتحدة من العمل المناخي ورفضها المشاركة في هذه القمة.
واستجاب حوالى 50 رئيس دولة وحكومة لدعوة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا لزيارة هذه المدينة الواقعة في منطقة الأمازون تمهيدا لمؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين للمناخ (كوب30) الذي يعقد بين 10 و21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
مقاطعة أميركية
وتشارك وفود من كل الدول تقريبا في المؤتمر، لكن واشنطن لم ترسل وفدا فيما وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب علم المناخ بأنه «خدعة».
وكان اختيار مدينة بيليم التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليون نسمة نصفهم يعيشون في أحياء فقيرة وعشوائية، مثيرا للجدل بسبب بنيتها التحتية المحدودة، وبالتالي تعقّد الأسعار المرتفعة لحجوز الفنادق مشاركة الوفود الصغيرة والمنظمات غير الحكومية.
واستثمرت السلطات في مبان جديدة وعمليات ترميم، لكن قبل أقل من 24 ساعة على افتتاح القمة، وصلت فرق وسائل الإعلام وكشافة الوفود إلى مكان انعقاد مؤتمر الأطراف الأربعاء لتجد أن أعمال البناء لم تنته بعد.
كذلك، تتسبب هذه القمة بمفاقمة الاختناقات المرورية في بيليم مع إغلاق بعض الطرق. بحسب تقرير لفرانس برس.
تأمين عسكري
وفي هذه المناسبة، نُشر حوالى 10 آلاف عنصر من القوات الأمنية، بالإضافة إلى 7500 من العسكريين.
بالنسبة إلى الرئاسة البرازيلية، فإن الهدف هو إنقاذ التعاون الدولي بعد مرور عشر سنوات على اتفاق باريس للمناخ.
ولا تسعى البرازيل إلى اتخاذ قرارات رمزية جديدة في بيليم، لكنها تريد أن يكرس المؤتمر التزامات ملموسة وينظم متابعة للوعود السابقة، على سبيل المثال في ما يتعلق بتطوير مصادر الطاقة المتجددة.
وقال لولا في مقابلة مع وكالات أنباء من بينها فرانس برس «كفى كلاما. لقد حان الوقت لتنفيذ ما اتفقنا عليه».
وستطلق البرازيل الخميس صندوقا استثماريا لحماية الغابات، بالإضافة إلى التزامها زيادة إنتاج الوقود المستدام أربع مرات. كما ترغب العديد من الدول في توسيع التزاماتها بخفض انبعاثات غاز الميثان.
مشاركة واسعة
تشارك 170 دولة في مؤتمر المناخ، لكن الولايات المتحدة، ثاني أكبر ملوث في العالم، لن ترسل وفدا يمثلها، وهو أمر يريح أولئك الذين يخشون أن تضع إدارة ترمب عراقيل، كما فعلت أخيرا لإفشال خطة عالمية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة من النقل البحري.
من الجانب الأوروبي، سيتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والأمير وليام يومَي الخميس والجمعة.
وانسحب الرئيس النمساوي بسبب تكاليف الإقامة في حين سيغيب عن القمة معظم قادة مجموعة العشرين.
وما زالت العديد من الدول النامية غير راضية عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن تمويل المناخ العام الماضي في باكو، وتريد إعادة طرح هذه القضية على الطاولة.
وقال إيفانز نجيوا الدبلوماسي المالاوي الذي يرأس مجموعة الدول الأقل نموا لوكالة فرانس برس «هذه ليست صدقة بل ضرورة».
ويريد الاتحاد الأوروبي وتحالف الدول الجزرية الصغيرة قبل كل شيء أن تُبذل جهود إضافية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة بالتخلص من الوقود الأحفوري.
وقالت إيلانا سيد، الدبلوماسية في أرخبيل بالاو في المحيط الهادئ ورئيسة تحالف الدول الجزرية الصغيرة لوكالة فرانس برس «لن تتمكن العديد من بلداننا من التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يتجاوز درجتين مئويتين. بعض دول جزرنا المرجانية ستختفي».
والبرازيل التي تسعى لأن تكون جسرا بين دول الشمال والجنوب، ليست مستثناة من التناقضات إذ فيما تروّج لنفسها على الصعيد البيئي، أعطت الضوء الأخضر للتنقيب عن النفط قبالة سواحل الأمازون.
وقالت أنخيلا كاكسويانا، منسقة مجموعة المنظمات الأصلية في الأمازون البرازيلية «هناك تناقض كبير».
وأضافت في بيليم أن الحكومات نفسها التي تلتزم العمل المناخي تتفاوض بشأن التنقيب عن النفط في أكبر غابة مطيرة في العالم.