اعتبرت السلطات الانتقالية في منطقة تيغراي الإثيوبية، اليوم الخميس، أن اتهامها بمهاجمة إقليم عفر المجاور «لا اساس له».
ومساء الأربعاء، أكدت سلطات عفر أن قوات من تيغراي شنت وصفتها «بالترهيب». واستولت على 6 قرى في الإقليم.
وردت السلطات في تيغراي أن «هذا الاتهام لا أساس له: «لم يتم انتهاك حدود عفر، منددة بمؤامرة شريرة تهدف الى الإضرار عمدا بشعب تيغراي».
في ظلّ عودة التوتّر بين أديس أبابا وإقليم تيغراي في شمال إثيوبيا، أعلنت سلطات إقليم عفر في شمال شرق البلاد أنها تعرّضت لهجوم من قوات تيغراي التي سيطرت على قرى وقصفت مدنيين، في مؤشر جديد إلى الاضطرابات الداخلية التي تشهدها البلاد.
وسبق أن خاض المتمرّدون في إقليم تيغراي (شمال) حربًا مدمّرة ضد الحكومة المركزية من العام 2020 حتى 2022، أودت بحوالى 600 ألف شخص، وتوسّعت إلى منطقة عفر التي كانت قواتها تدعم السلطات الفدرالية، في وقت لا تزال العلاقات بين العاصمة ومناطق أخرى متوترة.
وجاء في بيان للإدارة المحلية في عفر أن جبهة تحرير شعب تيغراي «دخلت إلى منطقة عفر» المحاذية للحدود مع إريتريا وجيبوتي.
وأضاف البيان أن القوات المُهاجمة سيطرت بالقوة على 6 قرى، وقصفت المدنيين بالهاون والمدفعية الثقيلة.
ولم تردّ «جبهة تحرير شعب تيغراي» على أسئلة وكالة فرانس برس تعليقًا على هذه التطورات.
ومن الصعب على وكالة فرانس برس التثبت من ملابسات ما جرى فعليًا على الأرض وتحديد المشاركين فيه.
وقال مصدر في العمل الإنساني موجود في المنطقة، طلب عدم كشف هويته، إن «الاشتباكات توقّفت الليلة الماضية»، وتحدث عن وجود أعداد من النازحين وعن «عدم توافر معلومات عن وقوع ضحايا».
واجب دفاعي
ولم تُقدّم إدارة عفر أي معلومات عن عدد الضحايا.
وذكرت أن قوات تيغراي هاجمت منطقة ميغلي في عفر، و«أطلقت نيران الأسلحة الثقيلة على الرعاة المدنيين».
وحذّرت من أنها «ستؤدي مهامها الدفاعية لحماية نفسها» إن تواصلت الهجمات.
ورأت سلطات إقليم عفر أن هذه العمليات العسكرية تُقوّض اتفاق السلام الموقّع في بريتوريا في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، والذي أنهى الحرب في إقليم تيغراي.
إلى الحرب
ويرى كيتيل ترونفول، الأستاذ في معهد جامعة أوسلو الجديدة والمتخصص في شؤون القرن الإفريقي، أنه من الصعب حاليًا «تحديد العامل الذي أشعل هذه الاشتباكات».
وتدارك: «لكن هذا يؤيّد فرضية +الطريق إلى حرب+ ينخرط فيها بشكل مباشر إقليم تيغراي وجبهة تحرير شعب تيغراي، خصوم أديس أبابا».
ولم تشأ سلطات أديس أبابا الرد على أسئلة وكالة فرانس برس عن إمكان تدخلها في إقليم عفر.
صحيح أن اتفاق بريتوريا أنهى الحرب بين تيغراي والسلطات الفدرالية في أديس أبابا، لكن التوتر آخذ بالارتفاع منذ مطلع السنة الحالية.
وهيمنت «جبهة تحرير شعب تيغراي» على المشهد السياسي في إثيوبيا من العام 1991 حتى 2018، عندما هُمّشت مع صعود رئيس الوزراء أبيي أحمد إلى السلطة.
وفي مايو/أيار، منعت مفوضية الانتخابات الحزب من ممارسة أي نشاط سياسي.
كما ألغت وزارة المال صرف أكثر من ملياري بير (13.1 مليون دولار) لتيغراي.
وقال أبيي أحمد للبرلمان، الأسبوع الماضي: «للأسف، يُحوَّل الجزء الأكبر من الميزانية المخصصة لتيغراي لأغراض عسكرية، وهو أمر يضرّ الإقليم ويتسبب بمعاناة للمواطنين العاديين».
ويعاني إقليم تيغراي، الذي يعدّ حوالى ستة ملايين نسمة، صعوبات مالية، فيما ما زال نحو مليون شخص نازحين جرّاء الحرب التي اندلعت بين 2020 و2022.
توتر إقليمي
ويجري ذلك في ظلّ توتّر بين إثيوبيا وإريتريا.
فمطلع أكتوبر/تشرين الأول، اتهمت سلطات أديس أبابا، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، إريتريا بـ«الاستعداد بشكل نشط لشنّ حرب» ضدها.
وترى إثيوبيا أن إريتريا تسعى، مع «جبهة تحرير شعب تيغراي» التي هيمنت على الساحة السياسية الإثيوبية نحو 30 عامًا، إلى «زعزعة استقرار إثيوبيا وتفتيتها» من خلال دعم جماعات مسلّحة تقاتل الحكومة المركزية.
مهزلة كاذبة
إلاّ أن أسمرة وصفت هذه الاتهامات بأنها «مهزلة كاذبة».
وتواجهت إثيوبيا وإريتريا في حرب دامية أوقعت عشرات الآلاف من القتلى بين عامي 1998 و2000 بسبب نزاعات حدودية، وظلت العلاقات بين البلدين متوترة.
وثم تحسنت العلاقات في العام 2018 مع تولي أبيي أحمد السلطة وإبرامه اتفاقية سلام مع الرئيس أسياس أفورقي الذي يحكم إريتريا بقبضة حديد منذ العام 1993.
ولم يصمد تقارب أبيي أحمد مع أفورقي، إذ عادت العلاقات وتوترت مجددا عام 2022 بعد انتهاء الحرب في تيغراي التي خلفت 600 ألف قتيل على الأقل، ودعم فيها الجيش الإريتري القوات الإثيوبية ضد متمردي الإقليم الواقع في شمال البلاد.
ويجري ذلك أيضا على وقع توتر أثيوبي مصري. فقد شهدت علاقات القاهرة بأديس أبابا توترا لا سيما عقب بناء إثيوبيا سدا ضخما على نهر النيل تعتبره السلطات المصرية «تهديدا وجوديا».
أما إريتريا التي يزيد عدد سكانها قليلا على ثلاثة ملايين نسمة، فتوطدت علاقاتها مع مصر في الأشهر الأخيرة. وعاد الرئيس أسياس أفورقي الثلاثاء من زيارة لمصر التقى خلالها نظيره عبد الفتاح السيسي الذي أكد «التزامه الراسخ بدعم سيادة إريتريا وسلامة أراضيها».