مقترحات إلى معالي وزير تمكين الشباب والرياضة والخدمة المدنية

 

محمد الأمين الفاضل

 في هذا المقال سأتقدم بمقترحين اثنين إلى معالي وزير تمكين الشباب، أولهما يخص طائفة من شبابنا المتميز، وهي طائفة لا تحتاج إلا لجهد قليل لتخطف الأبصار وتبهر العقول بمواهبها المتميزة، وثانيهما يتعلق بطائفة أخرى من شبابنا على النقيض تماما من الطائفة الأولى، طائفة تهوي ـ وبشكل سريع ومخيف ـ إلى قاع الجريمة والمخدرات، ونحن إن لم نسارع لإنقاذها، فإننا سندفع دولة ومجتمعا كلفة كبيرة، بل وكبيرة جدا.
أولا / مواهب شبابية بحاجة للاكتشاف والرعاية 
قبل خمسة أشهر من الآن، وتحديدا في يوم السابعِ مارس 2024، تم الإعلان في العاصمة نواكشوط عن برنامج "خطوة التدريبي لاكتشاف وتنمية المواهب الشبابية"، وقد أُطْلِق هذا البرنامج من طرف بعض الفاعلين في مجال التكوين والتدريب، ومما جاء في بيان إعلان الانطلاقة:
•    إيمانا منا بأن الثروات التي تسير فوق الأرض (المواهب)، ليست أقل قيمة من الثروات الموجودة في باطن الأرض (المعادن)، وأن الجهود التي تبذل والأموال التي تنفق للتنقيب عن الثروات في باطن الأرض يجب أن ينفق ما يماثلها للتنقيب عن الثروات التي تسير فوق الأرض؛
•    قناعة منا بضرورة التحرك العاجل لمواجهة المخاطر التي يواجهها شبابنا، والتي تتمثل في البطالة، وتفشي الجريمة، والهجرة، وتنامي روح اليأس والإحباط؛
•     تحملا منا للمسؤولية التي يجب أن يلعبها المجتمع المدني في مواجهة هذه التحديات والمخاطر؛
•     سعيا منا للمشاركة ميدانيا في الجهود المبذولة من طرف الحكومة لمواجهة هذه التحديات والمخاطر.
 فإننا في جمعية خطوة للتنمية الذاتية لنعلن على بركة الله إطلاق أول برنامج تدريبي في موريتانيا لاكتشاف المواهب الشبابية وتنميتها ورعايتها، ونأمل أن يستفيد من برنامجنا التدريبي في مرحلته الأولى 1000 شاب، ويتمثل هذا البرنامج التدريبي في: 
1 ـ تقديم دورة أساسية في مجال اكتشاف الموهبة واستغلالها، وسيستفيد من هذه الدورة كل المشاركين في البرنامج. سيتلقى المشاركون في دورة الموهبة اختبارا تقييميا وعلى أساس نتائجه يتم فرز من سيواصل منهم في البرنامج التدريبي للاستفادة من الدورات الأخرى ذات الصلة؛
2 ـ تقديم دورات مكملة في  مهارات التواصل الفعال وإدارة الوقت والتفكير الإبداعي؛
3 ـ تقديم دورات في مجال التخصص، وذلك بعد أن يتم تقسيم المشاركين في البرنامج إلى مجموعات متجانسة حسب الاتجاهات والميول والمواهب المشتركة لدى كل مجموعة، لتتلقى بعد ذلك كل مجموعة، وعلى حدة، دورة متخصصة مع خبير في المجال الذي يمتلك فيه أعضاء تلك المجموعة موهبة مشتركة؛
4 ـ تقديم دورات تأطير ودعم للموهوبين الذين تأهلوا للمشاركة في مسابقات وتصفيات إقليمية أو دولية؛
5 ـ تقديم الاستشارات مع المتابعة المستمرة للموهوبين المتميزين.
هذا هو أهم ما جاء في إعلان الانطلاقة، وقد نظمنا بالفعل عدة دورات تدريبية في لعيون وأكجوجت ونواكشوط استفاد منها عشرات الشباب، وبما أني كنتُ أتولى تقديم دورة الموهبة، فيمكنني أن أقول اعتمادا على ما لاحظتُ وعلى ما رصدتُ في الدورات التي نظمناها حتى الآن بأن لدينا في موريتانيا الكثير من المواهب الشبابية في مختلف المجالات، وأن هذه المواهب الشبابية كانت ـ وما تزال ـ  بحاجة ماسة إلى من يساعدها في اكتشاف مواهبها واستغلالها بالشكل الأمثل، وفي اعتقادي بأن ذلك يجب أن يكون من أولوية الأولويات لوزارة  تمكين الشباب في مأمورية الشباب.
خلاصة القول في هذا المقترح : إننا في برنامج خطوة التدريبي على استعداد تام للتعاون مع وزارة تمكين الشباب لتنظيم دورات في مجال اكتشاف المواهب وتنمية القدرات الشبابية خلال موسم الخريف في كل عواصم الولايات لصالح الجمعيات والأندية الشبابية في كل ولاية، وعلى استعداد كذلك للتعاون في مرحلة لاحقة مع وزارة التربية لتنظيم دورات في نفس المجال خلال السنة الدراسية القادمة لصالح تلاميذ الثانويات في كل ولايات الوطن. 
ثانيا / شباب بحاجة لمن ينقذه من الجريمة والمخدرات 
من يتابع الجرائم في السنوات الأخيرة فسيجد أن أغلبها يرتكبه شباب قصر تسربوا من المدارس أو لم يدرسوا أصلا، يتعاطون  المخدرات، وأكثرهم من أصحاب السوابق.
تكرر مثل هذه القواسم المشتركة في أغلب الجرائم، يعني أن هناك أسرة فشلت في تربية ابنائها، وأن هناك مدرسة فشلت في تعليمهم، وأن المجتمع عن بكرة أبيه، بعلمائه ووعاظه وصحافته ومنظماته فشل في تحصينهم من تعاطي المخدرات وممارسة الجريمة بمختلف أشكالها. 
في  منتصف العام 2021 شهدت العاصمة نواكشوط عدة جرائم متزامنة في منتهى الخطورة، وهذا ما جعلنا في جمعية خطوة للتنمية الذاتية نسارع في  يوم السبت الموافق 10 يوليو 2021 إلى تنظيم جلسة نقاشية عن الجريمة وتفشيها في صفوف الشباب، وقد حضر هذه الجلسة وزير عدل سابق، ومدير أمن سابق (مدير مساعد)، وخبير في الأدلة الجنائية، وعدد من الباحثين والأساتذة الجامعين في القانون وعلم الاجتماع، وقد خرج المشاركون في تلك الجلسة النقاشية بجملة من التوصيات، كان من أبرزها : 
1ـ خلق آلية اجتماعية لإشراك المواطن في الحفاظ على الأمن؛
2ـ فرض إلزامية التعليم وإعادة الاعتبار للمدرسة، مع التكفل بأبناء الأسر ذات الدخل المحدود؛
3ـ إنشاء مراكز خاصة بعلاج الإدمان؛
4 ـ إنشاء حاضنات ثقافية ورياضية للشباب؛
5ـ التعامل الجاد مع كل أشكال الغبن والتهميش وكل مظاهر غياب العدالة؛
6 ـ ضرورة مشاركة المجتمع، وخصوصا نخبه، في مجال التوعية والتحسيس ضد الجريمة؛
7ـ تحيين الترسانة القانونية، والعمل على تعزيز قدرات الكادر البشري في سلك القضاء وأعوانه؛
8 ـ تفعيل عمل المؤسسات الإصلاحية من أجل دمج الشباب ذوي السوابق الجنائية في الحياة النشطة؛  
9ـ فرض التجنيد الإجباري والخدمة المدنية؛
10ـ إنشاء مرصد للجريمة وتحسين آليات الإحصاء المتعلقة بالجريمة، وتمكين استفادة الباحثين منها؛
11ـ تعزيز مراقبة الحدود، ومراجعة بعض حالات الدخول إلى البلاد دون تأشيرة؛
12ـ إنشاء شرطة الجوار؛
13ـ تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية وتشجيع التخصصات؛
14ـ إنشاء معهد يعني بالطب الشرعي والأدلة الجنائية؛
15ـ وقف تعطيل الأحكام القضائية والصرامة في تنفيذ تلك الأحكام؛
16ـ إشراك مراكز البحث في إعداد السياسات الاستشرافية المتعلقة بالمصالح الحيوية للبلد. 
خلاصة القول في المقترح الثاني : بعض هذه التوصيات تعني وزارة تمكين الشباب بشكل مباشر، وعلى الوزارة أن تأخذ بها، وبعضها الآخر يعني قطاعات وزارية أخرى، ولكن، وبما أن وزارة تمكين الشباب معنية أكثر من غيرها بإنقاذ شبابنا من براثن الجريمة والمخدرات، فعليها أن تتابع تنفيذ بقية التوصيات من طرف الوزارات والإدارات المعنية بها. 
سيتواصل إن شاء الله تقديم مقترحات أخرى لوزراء آخرين..