ورقة مرجعية حول معايير حركة رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلي

 

عبد الله حدو - دبلوماسي مهني - رئيس سابق لرابطة الدبلوماسيين الموريتانيين

 

أتشرف بأن أضع بين يديكم مشاركة في النقاش الدائر جملة من الأفكار السريعة حول "معايير حركة رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية" كما هو مبين في النقاط التالية:

 

أولا: أن يكون منتميا لأسلاك الدبلوماسية والقنصلية، إلا في الحالات الاستثنائية التي ترتبها الفقرات الأخيرة من هذه الورقة؛

 

ثانيا: أن يتمتع بخبرة مهنية وسلوكية ناجحة في البعثات التمثيلية، والإدارة المركزية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، وأن يكون من المشهود لهم بالتبريز والانضباط؛

 

ثالثا: أن لا تقل رتبته عن مستشار أول، أو قائم بأعمال بالنيابة، أو مدير مركزي بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، ويفضل لو يتم تعيين السفراء على منهاج ترقية لكل من وصل في السلك الدبلوماسي الدرجة الخاصة المسماة في النظم الدبلوماسية وزيرا مفوضا؛

 

رابعا: مراعاة الجانب اللغوي في الابتعاث لدائرة الاعتماد، وكذا الإلمام بحضارة البلد المضيف، ونظامه السياسي والاقتصادي، وطبيعة مجتمعه وأنماط تقاليده، والمهارة في تسخير ذلك جلبا للاستثمارات والمكاسب التي تعود على الوطن بالمصالح؛

 

خامسا: تحديد مأمورية من أربع سنوات لا يتجاوزها السفير أو القنصل العام في دائرة الاعتماد؛ لإتاحة الفرصة لتجارب أخرى، ولممارسة وظائف دبلوماسية في الإدارة المركزية أو في دائرة جغرافية أخرى. ففي النظم الدبلوماسية المعاصرة يكون الدبلوماسي على دراية تامة بموعد تعيينه كاتبا ثانيا أو كاتبا أول أو مستشارا ثانيا، أو مستشارا أول أو سفيرا أو قنصلا عاما، ويدرك متى يغادر الإدارة المركزية ومتى يغادر البعثة الدبلوماسية، وعلى ذلك ينظم حياته ودراسة أطفاله، ويستثنى من هذا من ارتكب خطأ مرفقيا تقدره الإدارة وتعاقبه عليه بما ترى مناسبا؛

 

سادسا: يتم ترشيح شخصيتين إلى ثلاثة لكل بعثة دبلوماسية أو قنصلية من بين المؤهلين، ويفاضل بينهم رئيس الجمهورية لشغل منصب السفير أو القنصل العام وذلك على غرار ما يحدث في اختيار رئيس جامعة نواكشوط العصرية، حيث يتقدم أساتذة التعليم العالي المبرزون، ويختار رئيس الجمهورية من بينهم رئيس الجامعة.

 

سابعا: برمجة تعيين السفراء بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء على غرار السفراء المديرين والسفراء أعضاء ديوان الوزير، إضفاء للعَلَنية وللاطلاع على مؤهلاتهم، ورتبهم، ودرجاتهم، والوظائف السابقة التي توضح خبراتهم في العمل الدبلوماسي والقنصلي؛

 

ثامنا: بالنسبة للموجهين لبعثات التعاون المتعدد الأطراف، كالمنظمات الدولية والإقليمية والجهوية، يتعين أن يكونوا مهنيين متقنين للغة الإنجليزية؛

 

تاسعا: تراعى في تعيين القناصل العامين ضرورة الإلمام بالقواعد والمهن القانونية؛ نظرا لحساسية مسؤوليات الضبطية العمومية والوثائق الإدارية التي يصدرون باسم الجمهورية ونيابة عن أغلب مرافقها، فضلا عن اعتبارات التدخل القنصلي لدى الدوائر الرسمية والأهلية؛

 

عاشرا: من المعتبر لدى أغلب دول العالم أن تتم تحريكات رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية في أوقات العطل الدراسية؛ حفاظا على استقرار دراسة الأطفال والعائلات.

 

ويمكن أن يستثنى من جميع الاعتبارات السابقة نسبة من السفراء والقناصل غير المنتمين لأسلاك الدبلوماسية والقنصلية لا تتجاوز 30% قد تفرض تعيينها المصلحة العامة، أو الظروف الخاصة، على أن يكون هذا الاستثناء محصورا في ذوي المتابعات الصحية خارج الحدود، والوزراء السابقين، والخبراء من غير السلك الدبلوماسي العاملين بقطاع الخارجية منذ 10 سنوات، وأساتذة الدراسات الدولية، وكبار الضباط، والشخصيات ذات العطاء الاقتصادي والثقافي المشهود، والإداريين المتميزين الذين خدموا في الولايات الحدودية للجمهورية، وراكموا خبرة في تدبير مشكلات الجوار واللاجئين والهجرة والتدفقات عبر الوطنية في عالم اليوم. على غرار ما يقرره المرسوم رقم: 11 - 2014، الصادر بتاريخ: 05 فبراير 2014 الذي يتضمن النظام الخاص لأسلاك إداريي وزارة الداخلية، حيث يرسم أن لا تتعدى التعيينات في جميع مناصب الإدارة الإقليمية بما فيها "الولاة والحكام " بوزارة الداخلية 10% من جميع التعيينات.

 

وفي النظم المقارنة تحدد القوانين في كل من فرنسا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر واليمن نسبة 10% من السفراء فقط من خارج دبلوماسيي وزارة الخارجية.

 

كما يُستحسن تجاوز العقيدة الإدارية الموروثة التي ترى أن منصب "سفير" منصب سياسي يمكن شغله من أي كان، وتتم من خلاله ترضية غير الناجحين في الإدارة، والوزراء السابقين، كما يتم من خلاله أيضا إبعاد غير المرغوب فيهم؛ على خلاف ما تعمل الدول المتحضرة به من اعتبار السفير وجها خارجيا للدولة ينبغي انتقاؤه بعناية حسب مسار مهني يشعر أنه جزء منه وليس غريبا عليه.

 

ولا شك أن اختيار السفراء من خارج وزارة الخارجية يجعلهم غالبا في وضع حرج أمام عمل البعثة، وأمام نظرائهم في بلدان الاعتماد الذين جمعوا خبرات عديدة من خلال التدرج في وزارات الخارجية ببلدانهم، وأمام الوكلاء الدبلوماسيين والقنصليين الذين يعملون معهم من خريجي الكليات والمدارس الدبلوماسية الحديثة الذين عملوا بالإدارة المركزية وبالبعثات واتضحت لهم بعض معالم العمل الدبلوماسي والقنصلي.

 

وأخيرا، لا يخفى على المهتمين منا بالعمل الإداري أن المناصب السياسية يكون تقدير التعيين فيها لرئيس الجمهورية وفق المادة: 32 من الدستور، وكذا القوانين النظامية، وقد حدد المرسوم رقم: 061 - 2016 الصادر بتاريخ: 07 أبريل 2016 المطبق لأحكام المادة: 5  من القانون رقم: 93 - 09 الصادر بتاريخ: 18 يناير 1993 هذه المناصب، لكن أغلبها تراعى فيه شروط التخصص والمهنية والأقدمية والانتماء، فأغلب رؤساء القطاعات العمومية السامية يعينون من الأسلاك والمهن التي خدموا فيها، كالتعليم العالي، والأمن، والصحة، والقضاء، والدفاع، والشؤون الإسلامية، والإدارة الإقليمية والإعلام، ورؤساء المؤسسات الدستورية الكبرى.