حديث قد يهم الوزير الأول

 

بابه ولد يعقوب ولد أربيه

مؤخرا قرأت عن فيلم بعنوان "حياة الماعز" وكالعادة جرفني تيار القراءة فتعرفت من خلال عدة مقالات عربية وعالمية على نظام الكفيل المعمول به في دول الخليج العربي .
بغض النظر عن موقفي من نظام الكفيل بنسخته الخليجية إلا أنني صرت شبه متأكد أن نظاما مماثلا يوفر للعمال الأجانب كافة الحقوق التي تنص عليها المواثيق الدولية قد يكون مناسبا لموريتانيا .
هذه المقدمة لن تكون ذات مغزى كبير مالم نفصّل الأمور على مقاسنا في الوقت الحاضر ، فنحن شعب للأسف كسول ومستهلك وحديث عهد بالبداوة و لازالنا ننظر إلى الأعمال اليدوية والمهنية نظرة غريبة ،  إذا فنحن بحاجة ماسة إلى عمالة أجنبية ، تلك العمالة لايهمها أصلا ما إذا كنا بحاجة إليها أم لا ، فنحن بحكم موقعنا الجغرافي مقصد للأجانب سواء للعابرين الحالمين بمقاهي افيينا وحدائق لندن و متاحف باريس وملاعب مدريد أو بالنسبة لصنف آخر أكثر قناعة من سابقه يريد فقط الحصول على عمل في بلادنا وبين هذين الصنفين يتسلل كثير من عتاة المجرمين وكبار المهربين .
يا معالي الوزير الأول ما دمتم موافقين على ما ذكرت آنفا فلم لاننظم تلك الهجرة ونستخدمها لصالحنا ونكافح من خلالها البطالة؟؟؟؟
إن فرض ضوابط على استقدام العمالة الأجنبية لايعني التنكر للاتفاقيات الثنائية بيننا وبين دول الجوار في مجال الهجرة ولايعني فرض التأشرة من جديد على من لا تأشرة بيننا وبينه أصلا ولايعني كذلك المجازفة برعايانا في هذه الدول ولكنه قرار سيادي له فوائد جمة على عدة مستويات :
أولا مكافحة البطالة : قد لا أبالغ حين أفكر بمقارنة عدد الشباب العاطلين عن العمل بعدد العمال الوافدين فماذا لو فرضنا على كل وافد أجنبي من أصحاب المشاريع الصغيرة أن يكون له شريك وطني وفق ضوابط وقوانين محددة بحيث يتولى الشريك الموريتاتي أغلب معاملات الوافد الأجنبي مع الجهات الحكومية بالاضافة إلى فتح حسابه المصرفي وإجراءات حصوله على رخصة القيادة بينما يستفيد المواطن الموريتاني بالاضافة إلى مصدر دخل ثابت من خبرة تتمثل في معرفة سوق العمل وطرق إدارة المشاريع الاقتصادية من خلال اطلاعه اليومي على سير العمل في المنشأة التي يشترك فيها مع الوافد الأجنبي .
طبعا هذا الشريك الوطني يمكن أن يكون فردا أو مؤسسة ففي حالة الفرد تكون استضافة عامل أجنبي واحد بالاضافة إلى أسرته الخاصة هي الخيار الوحيد بينما في حالة المؤسسة تُتم مراعاة احتياجاتها وطبيعة عملها من أجل تحديد ما يناسبها من العمال الأجانب .
ثانيا الجانب الأمني : إن وجود شريك وطني داخل  مشروع خدمي مع مواطن أجنبي سيحد من أي استهتار يقوم به الأجنبي قد يضر المواطن في صحته أو أمنه كما يحد من الاتجار بالممنوعات و يساهم في محاربة الهجرة غير الشرعية نحو أوربا والجرائم المنظمة .
ثالثا : الجانب الاجتماعي وجود الشريك الوطني يسد الباب أمام بعض الأجانب الذين يروجون للمخدرات والخمور وغير ذلك من المسلكيات التي لا تناسب مجتمعنا المسلم المحافظ زد على ذلك يا معالي الوزير الأول أن هذه الشراكة سوف توفر فرصا وبدائل تمنع شبابنا بإذن الله من الإجرام والعنف والتيه ، كما ستثري تجاربنا في مجال القطاع الخدمي و تعلمنا طرق وأساليب الآخرين في الجد والنظام والكفاح من أجل حياة أفضل .
يا معالي الوزير الأول المحترم أعرف جيدا أن الأمور ليست بهذه البساطة فللموضوع وجهه الآخر السلبي فمثلا توافد العمالة الرخيصة، الجاهزة لأي عمل ، يؤدي إلى تدني الأجور وبالتالي إلى غلق أبواب أمام موريتانيين كانوا مستعدين للدخول منها ، كما أن ما يعرف في الخليج بالكفيل النائم ظاهرة سلبية يجب التنبه لها بالاضافة إلى ما قد يحدث من مشاكل وخلافات بين المواطن والأجنبي وغير ذلك من الاختلالات المشابهة مثل تحايل وهروب الأجانب و بالمقابل استغلال المواطنين للوافدين وانتهاك حقوقهم ، زد على ذلك أيها الوزير الأول ما قد يصاحب هذه الاجراءات من ظهور مافيا تتاجر بالعمال والإقامات ، لكن مادام للنازلة وجهان والوجه الايجابي ربما يغطي كافة سلبيات الموضوع ، ومادامت السلبيات تحتاج فقط إلى حزم وحسم وهو ما يتوفر لدى معاليكم فإنني أرى أن تفكروا جديا بالموضوع و أن تقيموا ورشات يحضرها فقهاء وخبراء في الهجرة وعلماء اجتماع ونشطاء في المجتمع المدني ومن خلال هذه النقاشات سنختار ما يناسبنا من أجل هجرة منتظمة ذات فوائد اقتصادية واجتماعية على المواطن البسيط أولا و أخيرا ، هجرة ليست لها تأثيرات سلبية على الأمن والسلم والصحة في موريتانيا .