الدُّوَلُ العرَبية :أكِلْتَ يَوْمَ أُكِلَ الثَوْرُ الأسْودُ

 

محمد يحيي ولد العبقري 

المدرسة الابتدائية هي استهْلالُ ومقدمة التعليمِ وإن شئتَ  بداية التعلُمِ أيضا وبعبارة أخري  تمثل محو الأمية ’هذا أيام كانت الأمَة مهتمةً بالعلم الذي يُنالُ به الفضلُ  ويُبْعِدُ عن الرذيلة والدَناءةِ.
وحين نتأمل عميقا تلك الدّروس المقدمَة في الصف الابتدائي  نلحظ أنها مع بساطة الأسلوب تُنَمي في الطفل روحَ الاعتماد علي النفس وتزْرعُ فيه المحامدَ وحبَ المُعلِمِ:(قِفْ للمعلم ...كاد المُعلِمُ أن يكون رسولا) وحب الوطن(حب الوطن من الإيمان)  وبر الوالدين ونحوه من الواجبات اليومية المدرسية المتَرجَمَة في محفوظاتٍ وأناشيد يحفظها أهل الطفل لكثرة تكرارها عند الأولاد.
أقدم ثلاثة أمثلة لاستخلاص العبرة :اثنَيْنِ من دروس الابتدائية والثالث تعرفونه عند قراءته :
-1الأسد والثيران الثلاثة 
-2أمة الأرانب والفيل
 -3 حرب  73المجيدة
رقم1:كان في الغابة ثلاثة ثيران وأسدٌ وكان الارتباط وِدِيا بين الجميع لكن الأسد همَ  بالاعتداء علي الثلاثة فدافعوا بوحْدَةٍ فلم يستطع النيلَ منهم واستسْلم مُدَعيا أنه إنما كان يمازحهم ومداعبة  منه فتقبلوا لبراءتهم.
فكر الأسد المحتال والماكر فاتصل بكل واحد مقنعا إياه بأنه يستهدف فقط اللونين الآخرين بالنظر لمشْأمةٍ  يلحظها في ألوان بعينها ولما اطمأن علي  أنه بلْبَلَ  بينهم  وشتتهم انقضَ علي الثور الأحمر في حياد الآخرَيْن فقضى عليه وأكله والبقية تنظر في استسْلام تام لخدعته تلك وظنا منهما بشَنآن  ومَكرَهَةِ الاحمرارِ .
ولما كان اليوم الموالي فعلها مع الثور الأسود وبقي الثور الأبيضُ من دون تدخل بعدما تخيل له أن الأسد عنصريٌ يعشق البياضَ.
وبقي الثور الأبيض وحيدا فتقدم الأسد إليه لكن الثورَ فاجأه :ألم تعطيني عهدا بأنك تستثنيني ؟
فرد الأسد :
لقد أكِلْتَ يوم أكِلَ الثورُ الأحْمَرُ ’تلك حيلة لم تتفطنوا إليها فلا تلوموني ولوموا أنفسكم يا جاهلين بقانون الغاب.
العبرة :أن الوِحدة تُنْجي الجميعَ والتشتتَ والتشرذُمَ مميتٌ وعاقبته خِزْيٌ وتَهْلُكة وكما هي في الحيوانات ففي الآدمية أيضا لا فرق.
رقم2:كانت أمَة الأرانِب تعيش في سلام في غابة أعشابٍ ومياهٍ وثمارٍ لكن  الفيلَ  اختارَ تلك الجغرافيا طريقا له فتفطنت الأرانبُ لخطورة الوضع .
(وكان من بينهم أرنبٌ لبيبْ---------- أذْهبَ جُلَ صوفه التَجْريبْ)هكذا ورد في كتاب السنة الثالثة ابتدائي  وناداهم  ذلك الحكيم لاجتماعٍ عاجلٍ لتدارسِ خطورة الوضع وبعد نقاشٍ اتفقوا علي حفرِ شبه بئرٍ كبيرة علي الطريق الذي يمر منه الفيل وإفْراشه بالأشجار والأعْشاب حتى لا يكون مكشوفا.
وفي الصباح مرّ الفيل كعادته فسقط في البئر دون أن يشعر وهلك فأضحت الأمة في أمانٍ ترتع في الخير كما كانت.
العبرة هي نفسها علي اختلاف العاقِبة ففي الأولي ونتيجة التشرذم كان الضياع وفي الثانية وبسبب الوحدة والعقل كان الخلاصُ.
رقم3: أظهرت الأمة العربية بزعامة القيادة الشجاعة للراحل أنور السادات والفريق سعد الدين الشاذلي وإخوتهم في الجيش وفي الشعب وفي الأمة أن العرب لا يُهزمون وهم في وِحْدَةٍ أما إذا اختلفوا فيدل عليهم المثل المنوَه به أعلاه:
أُكِلْتَ يوم أكِلَ الثوْرُ الأسودُ: بالأمس اليمن وبعده قطاع غزة والضفة ومن قبل سورية واليوم لبنان.
 أعداء الأمة أعدموا زعماء ها رحمهم الله وبالنسبة لهم  فإن السيطرة علي الجغرافيا مسألة وقت لا غير يتخذون من أوطاننا أمكنة لتجربة وبيع أسلحتهم .
وصدق أحمد شوقي  :ِ
فـمن خـدع الـسياسة أن تـغروا     ...     بــألـقـاب الإمــــارة وهــــي رق
فهل نرضي بهذا الوضع ونحن نمتلك المقدرات والعقول مع وجود معادلات علمية  للتسليح أيا كان وللصناعات المختلفة: تجدها علي الانترنت من دون تكلف .
سبحان الله ’هذا ما أنبأنا الرسول الكريم صلي الله وسلم عليه ....بل أنتم يومئذ كثر ...)الحديث.
أدام الله عافيته على الجميع....