القصطلاني سيدي محمد إبراهيم
جاءتنا عواجل الجزيرة بخبر جلل، حيث نقلت من جيش الإحتلال الغاصب قول لقد " تم قتل السنوار "
كان وقع الخبر مزلزلا، فالسنوار يمثل رمزا فريدا في مخيلة كل من يهتم بالقضية الفلسطينية،خصوصا أنه ربان طوفان الأقصى.
فكيف يكون قد قتل!
هكذا يقول العقل اللاوعي، حين يسمع ذلك الخبر، و هكذا يتسرب الضعف و الوهن لعقولنا و ضمائرنا.
لكن مقتل السنوار أو موته ليس سوى درس عميق من دروس العقيدة، و مرحلة من مراحل الثبات و الصمود و الإمتحان و التمحيص و الإجتباء، و ليس بدرس جدبد على أمة يخاطبها القرآن منذ 14 قرنا، بآياته في قوله تعالى:
ومَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:144- 148].
لقد اشارت هذه الآيات الكريمة إلى وقفات عظيمة تبدأ بالشكر و الصبر و تنتهي بالإحسان و النصر.
لقد صبر المجاهدون في سبيل الله و شكروا نعمة الله عليهم، ليصطفي من يشاء منهم للشهادة و يشهد من بقي ينتظر على إحسانهم و على النصر.
هي إذن ليست النهاية، بل هي بداية النصر و التمكين بإذن الله.
فالقضية الفلسطينية و الأقصى أكبر من أن نختزلهم في أشخاص باعوا أنفسهم في سبيل الله و خلدوا حياتهم من أجل الدفاع عن الأمة و قضيتها.
القضية أشمل و أكبر و أقوى و أكثر.
و ليس عماد عقل، و الرانتيسي، و الياسين، و هنيه، إلا محطات من الجهاد و المقاومة تؤرخ لمرحلة من مراحلها، و إلا لكانت حماس انتهت بإغتيال مؤسسها أحمد ياسين.
لم يدع الإحتلال المجرم أنه أغتال السنوار بعملية استخباراتيه مركبة و معقدة، ليحسن بذلك صورته، ما تم التحدث عنه هو أن السنوار ألقى بنفسه في ساحة القتال يدافع عن دينه و أرضه و عرضه و وطنه، و قاتل حتى قتل مقبلا غير مدبر.
و تواصل قافلة الجهاد و الحرية و الصمود مسيرتها، و لعل السنوار يتجسد مقذوفا قتاليا ينسف الآليات الإسرائيلية نفسا كما هو حال قذيفة الياسين.
سيخلد السنوار كما خلد الياسين و سيندحر الإحتلال و قادته و يذهبون إلى مصيرهم الموحش الذي يستحقون و لو بعد حين، أما المقاومة و قادتها فمصيرهم المشرف إما النصر أو الشهادة.
و خلافا لما حكمت به محكمة العدل الدولية الدنوية، التي صنفت السنوار و هنيه بأنهما مجرمي حرب (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَٰهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)،
فقد حكمت المحكمة الإلهية الأخروية، بأنهما شهيدان (أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )