الإعلام.. السبق أم المصداقية.. الرأي أم الخبر؟

 

يوسف القبلان

كلمة (السبق) الصحفي أو الإعلامي توحي أن المؤسسة الإعلامية تتنافس مع مثيلاتها. المتلقي بقدر ما يبحث عن الخبر أو ينتظر إجراء لقاء مع شخصية مؤثرة، فهو يبحث عن المصداقية والمهنية واحترام أخلاقيات الإعلام، كما يبحث عن اللقاء مع شخصيات في مجالات مختلفة وفق معايير قوية قادرة على الإضافة في مجالها.

يتحقق الأداء الإعلامي المتميز عندما تتنافس المؤسسة الإعلامية مع نفسها، عندما تلتزم بثقافتها ورؤيتها ورسالتها وتختار طريق الجودة في كافة جوانب العمل الإعلامي.

مع التطور التقني الهائل في وسائل الاتصالات أصبح المتلقي في حالة حيرة بين الخبر والرأي، سيصل الخبر بسرعة، أما الرأي فقد يتأخر، لكن بعض المؤسسات الإعلامية تصيغ الخبر بطريقة تعبر عن رأيها، وقد يكتشف المتلقي لاحقا أن هذا الرأي غير صحيح وأن الوسيلة الإعلامية تفتقد إلى الاستقلالية ولها أهدافها الخاصة التي تلون فيها الأخبار بما يخدم هذه الأهداف.

في عالم تتزاحم وتتسابق فيه الأخبار وكأنها في منافسة سباق أولمبية، هل يبحث المتلقي عن رأي أم يتوصل إلى رأيه الخاص عبر وسيلته الإعلامية الخاصة (الهاتف الجوال)؟ هل يستطيع المتلقي الهروب من الآراء الملازمة للأخبار أم يبحث عن وسيلة إعلامية يثق في أخلاقياتها بحثا عن الحقيقة؟ هل تمارس القناة الإعلامية هواية الإثارة في تناقض واضح مع المبادئ التي تعلنها شعارات لها؟ هل يحرص الصحفي على عنصر السرعة والسبق دون التأكد من صحة المعلومات؟ هل يفعل ذلك كإنجاز شخصي أم تنفيذا لسياسة قناة تقتات على الإثارة وربما التهويل والتضليل؟ المعلومات أصبحت متوفرة، التميز يكمن في التعامل مع هذه المعلومات وتحليلها بمعايير موضوعية وليس بمعايير خاضعة لأهداف خفية، الأخطر من ذلك هو نشر معلومات كاذبة وكأنها تحكم على المتلقي بالغباء.

هذا المتلقي يتعرض لكم هائل من الأخبار والآراء وإن اكتفى بالأخبار وكون لنفسه الآراء الخاصة به فسوف تلاحقه الآراء والثقافات بطريقة غير مباشرة من خلال المنتجات الإعلامية المتنوعة مثل الأفلام والمسرحيات والمسلسلات.

سيجد المتلقي من وسائل أخرى منتجا إعلاميا تقدمه قنوات إعلامية تتناغم مع مسؤولياتها فتقدم تقارير رصينة لا تبحث عن السبق وإنما عن الحقيقة، وهي تقارير غير مقيدة بموضوعات سياسية فقد تكون في مجال الطب أو الاقتصاد أو القضايا الاجتماعية أو الثقافية وغيرها من المجالات التي تحقق الإضافة العلمية والثقافية والاجتماعية.. المسؤولية الإعلامية هنا تدفع بالوسيلة الإعلامية إلى المقابلات مع من يضيف لمتلق مختلف لا ينقاد لحملات الإثارة والهجاء، متلق يبحث عن الحقيقة وليس السبق الصحفي.