كيف كانت موريتانيا قبل الاستقلال؟ سؤال يطرحه كثيرون وطبعا الإجابة عليه ستكون في سبر غور محطات من تاريخ ما قبل الاستقلال حيث مرت على هذه الأرض قبائل وأعراق شتى .
العرض التالي موريتانيا ماقبل التاريخ ... محطات هامة
كانت هذه الأرض مستقرا عبر التاريخ لشعوب من جنوب الصحراء الكبرى ومن الأمازيغ (البربر).
وعرفت بمهد حركة المرابطين الأمازيغ، وهي حركة إصلاحية إسلامية تعود إلى القرن الحادي عشر وقد نشرت الإسلام، من منطقة الصحراء وحتى شمال إفريقيا.
كانت الطرق التجارية الرئيسية التي ربطت بين الإمبراطوريات اللاحقة في المغرب والجنوب تمر عبر موريتانيا، حاملة الملح الصحراوي ومنتجات البحر الأبيض المتوسط الفاخرة مثل القماش الناعم والمُزركش والورق، مقابل الذهب.
وكانت مدينة شنقيط في الصحراء الوسطى وهي مدينة تاريخية عظيمة ومقصدا للقوافل الرئيسية على طول هذه الطرق.
وقد دخلت القبائل الحسانية العربية الصحراء الغربية عبر تلك الطرق، ليحدث تدريجيا اندماج للثقافة العربية الأمازيغية، أو ثقافة المور.
وشكلت القبائل الحسانية والقبائل البدوية الأمازيغية العديد من الاتحادات الإقليمية القوية التي ادعت أنها تعود لأصل أمازيغي أو عربي وصُنفوا باعتبارهم قبائل سلمية ذات طابع ديني.
وقد شكل الصراع بين قبائل صنهاجة وبني حسان في منتصف القرن السابع عشر، والذي عُرف بحرب "شربب"1644-1774 نقطة مرجعية لتقرير الوضع السياسي والاجتماعي في جنوب الصحراء.
"بلاد السيبة" ولااحتكاك بالغرب "
عرفت موريتانيا بألقاب كثيرة قبل الاستقلال منها "بلاد السيبة وبلاد المور وبلاد الملثمين وبلاد شنقيط"
أما مصطلح "موريتانيا" فهو مشتق بدوره من المصطلح اليوناني والروماني الذي يشير إلى الشعوب البربرية في المملكة، أي شعب الموري . وكلمة "موري" هي أيضًا أصل اسم الموريين. وتقول رواية أخرى إن الاسم الحالي يعود للكلمة اليونانية "مورورس" وتعني الأسمر" .والاتينية "تانيا" وتعني "الأسود .
في عام 1442، قام البحارة البرتغاليون برحلة حول كيب بلانكو (كيب نواذيبو) وبعد 6 سنوات أسسوا حصن أرغوين حيث حصلوا على الذهب والصمغ العربي والعبيد، ثم بعد ذلك تم جذب التجار الاسبان والهولنديين للسواحل الموريتانية في القرن 17م
وقد تنافس الفرنسيون على الوصول إلى هذه التجارة، أولا مع الهولنديين، وفي القرن الثامن عشر مع الإنجليز، وقد سلمت المعاهدات الأوروبية في أوائل القرن التاسع عشر جزءا كبيرا من الساحل الصحراوي للفرنسيين
وقد تمت مقامة المطالبات الفرنسية بالسيادة على المناطق النائية من قبل أمراء مناطق تراز في جنوب غرب البلاد ولبراكنه المحاذية لترارزه .ودخل الكولونيل لويس فيدربيه، الحاكم الفرنسي حينها في معاهدات مع أولئك الأمراء في عام 1858، لكن فرنسا لم تبذل سوى القليل من الجهد لممارسة السيطرة على جنوب موريتانيا حتى بداية القرن العشرين.
مرحلة الاستعمار الفرنسي ...
في سنة1901 بدأ الاستعمار الفرنسي الدخول إلى موريتانيا وبدأت المقاومة المسلحة في التصدي له عبر معارك مشهورة وأبطال محفورة أسماؤهم في ذاكرة الشعب حيث ضحوا بدمائهم الزكية لنيل الاستقلال وتواصلت المقاومة العسكرية حتى سنة 1934 .
وقد تمكّن الفرنسيّون خلال الفترة الممتدّة من 1900م إلى 1912م من إخضاع أمراء موريتانيا لسيطرتهم ولم يبق إلاّ بعض جيوب المقاومة الّتي قضي عليها في منتصف الثلاثينيات وعليه يمكن تقسيم الاحتلال الفرنسي لموريتانيا إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: (1900-1905): مرحلة التّغلغل السّلمي والسّيطرة غير المباشرة
- المرحلة الثّانية: (1905-1914): مرحلة الإخضاع العسكري لمعظم الأراضي الموريتانية
- المرحلة الثّالثة: (1914-1934): تمّ فيها تصفية بقيّة الجيوب المقاوِمة وتأمين الإحتلال
ظلّ حكم فرنسا لموريتانيا يعتمد على أساس أنّها جزء من السّنغال، وكان ذلك واضحا من خلال المرسوم الجمهوري الفرنسي الصّادر عام 1904م بإلحاق موريتانيا برمّتها كمنطقة تابعة للسّنغال وذلك بعد سنة واحدة فقط على فرض الحماية الفرنسية عليها، وقد عُيّن Xavier Coppolani حاكما لها ولُقّب بمفوّض حاكم إفريقيا الغربية الفرنسية العام لموريتانيا، ورغم أنّه صدر مرسوم 1944م يجعل موريتانيا مستعمرة فرنسية.
وعقب الحرب العالمية الثانية، منحت فرنسا بعض المشاركة السياسية للموريتانيين، وعام 1946 انتُخب أول عضو عن موريتانيا فى البرلمان الفرنسى، كما أسس سياسيون موريتانيون أحزابا سياسية، لتمثيل بلدهم فى الجمعية الوطنية، إلى أن نالت موريتانيا استقلالها الداخلى عام 1958 عبر استفتاء شعبى عرف ب"قانون الاطار". أيد بنسبة 84%
وفى عام 1960 أعلن الاستقلال عن فرنسا، ضمن مجموعة كبيرة من الدول الأفريقية.
بيئة هشة ... وأطماع خارجية
استقلت موريتانيا مع غياب لمؤهلات الدولة الحديثة فلا بينة تحتية تذكر (أول اجتماع للوزراء عقد تحت خيمة في المدرسة رقم 8 مقر البرلمان حاليا) ، ولا تملك كوادر بشرية لتسيير الدولة الوليدة ، كما أن شعبها في غالبيته الساحقة من البداة الرحل ويقطنون في الريف .
النخبة السياسية التي حكمت البلاد منذ الاستقلال كانت منقسمة على نفسها بين من يرى أن موريتانيا يجب أن يكون توجهها فرنسيا إفريقيا وفريق ثان يرى أن تجهها يجب أن يكون عربيا إفريقيا باعتبارها همزة وصل بين شطري إفريقيا جنوب الصحراء وشمالها.
الأطماع الخارجية كانت موجودة حيث بقي المغرب مصرا على أن موريتانيا جزء من أراضيه وحرم البلاد من الانضمام للجامعة العربية عام 1971 رغم انضماما كدولة مستقلة وذات سيادة للأمم المتحدة سنة 1961 .
في مثل هذه الظروف القاسية أطل الاستقلال وكانت البلاد تعتمد في كل شيء على الجارة السنيغال التي كان المستعمر يدير منها موريتانيا من مدينة "سان لويس" .
كافح جيل الاستقلال من أجل إرساء مقومات الدولة حيث عمل على تكوين جيش وطني ووضع لبنات اقتصاد وبدأ من خلال علاقاته مع الدول الصديقة والشقيقة تلمس خارطة طويلة لإنشاء البنى التحتية الأساسية من طرق ومرافق عمومية ضرورية لعمل الدولة .
نجح جيل الاستقلال في ذلك في فترة وجيزة حيث بدأت الدولة الوليدة تخطوا بصورة سريعة نحو تقوية لبنات البناء _اختير العلم والنشيد الوطنيين والشعار المناسب) وتم سك العملة الوطنية وتأميم أكبر شركة للحديد "مفيرما" وتم تحيلها الى "سنيم" .
وبدأت البلاد بإرسال بعثات من الطلبة لمختلف الدول للتكوين ككوادر والعودة للوطن سريعا من أجل المساهمة في بنائه وكانت دول مثل: مصر وتونس والجزائر والمغرب والصين وفرنسا والسنيغال والاتحاد السوفيتي سابقا في المقدمة من حيث إمداد البلاد بالكوادر في مختلف الاختصاصات .
واصلت البلاد مسيرتها وتعاقبت عليها أنظمة مختلفة بدء من مرحلة( الحكم المدني الأول 1960_1978) ثم مرحلة الانقلابات (1978-2005) مرورا بمرحلة أول حكم مدني وانتخابات ديمقراطية (2007-2008) وانتهاء بالحقبة الحالية التي ماتزال مستمرة (2009 – 2024).
محطات ... في سطور
تلك محطات هامة من تاريخ البلد الحديث تربط الماضي بالحاضر على الأجيال الجديدة التعرف على البلاد ومراحل البناء الطويلة .. ذكرى الاستقلال مناسبة للتعرف على محطات هامة من تاريخ البلد .