أصبح المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم في غضون سنوات قليلة حدثا بارزا ومميزا في العالم العربي والإفريقي.
المؤتمر التابع لدولة الامارات العربية المتحدة هيئة كبيرة التأثير خاصة في القارة الإفريقية .
ومنذ تأسيسه عام 2014 أخذ المنتدى على عاتقه تحقيق رؤيته وأهدافه الداعية للسلام والمحبة والوئام وتكريم الإنسان والإعلاء من شأنه في كل مكان، وإحياء ثقافة التعايش وتعزيزها في المجتمعات الإنسانية والمسلمة، وإحياء القيَم الإنسانية المشتركة بين الأديان؛ كالسلم والرحمة والعدل، وتعزيز دور الإمارات العربية المتحدة في نشر السِلْم، وتوفير الأمن والسعادة للمجتمعات المسلمة والبشرية.
العرض التالي يتناول أبرز أهداف المنتدى وإنجازاته.
المنتدى أدوار متعددة ... وحلول كثيرة
منذ تأسيسه كان للمنتدى أدوار كثيرة في مقدمتها نشر ثقافة السلم في العالم وإبراز الوجه الناصع للإسلام كدين أخوة وتعاون وتعامل مع الآخر، ودين ابتكار وعمل وعلم وعبادة وليس دين انغلاق وتهميش وتطرف وعنف كما تروج لذلك عديد الجماعات في بعض دول العالم .
إن المنتدى يلعب أيضا أدوارا ديبلوماسية حيث يعرف بالإمارات وقيادتها ومنهجها في التعامل مع كل دول العالم والقائم على التعاون والتسامح والمحبة وتشجيع الأخوة ، وفي ختام المنتدى المنعقد في دجمبر 2021، تغير اسم المنتدى من "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" إلى "منتدى أبوظبي للسلم" حاملا في شعاره اسم عاصمة السلام والتسامح وفضاء التعايش والمحبّة إبرازا لدورها وتوسيعا لنطاق أهدافها.
ويعتبر مؤتمره السنوي ملتقى معرفيــا تجتمع فيــه القيــادات الدينيــة والمفكرون مــن محبــي الخيــر وصنــاع الســلام يجتمعون لتبــادل الآراء والخبــرات وبحث ســبل التعــاون والشــراكات فــي القضايــا ذات الصلة بتعزيز السلم حول العالم.
رئيس المنتدى ... المكانة السامقة ... والانفتاح الواعي
يعتبر العلامة الشيخ عبد الله ولد بيه رئيس المنتدى علامة مجددا واسع الباع والاطلاع في فهم الشريعة ومقاصدها وتنزيلها على أرض الواقع وله مكانة سامقة في كل المحافل العربية والإسلامية وحتى الدولية، ويتحلى العلامة الشيخ ولد بيه بخصائص نادرة _ يرأس دائرة البحوث والإفتاء بالإمارات _ منها علو الكعب في فهم المتون الفقهية ومقاصد الشريعة ومعرفة تنزيلها في الواقع من ناحية ،ومن ناحية أخرى له علاقات واسعة بكل الهيئات الدينية والفكرية في العالم العربي والإسلامي وهو مطلع على قضايا معاصرة كثيرة كالديمقراطية في الإسلام وحوار الأديان وداعية سلم بامتياز .
إنه شخصية مؤثرة عالميا اختير عدة مرات ضمن أبرز الشخصيات المؤثرة في العالم .
وهو خريج حوزة علمية عريقة وابن “المحظرة” المدرسة التقليدية والمنحدر من مشيخة صوفية كبيرة وخليفتها الحالي استطاع بفهمه ورسوخه في العلم أن يتجاوز الكثير من المثقفين الحداثيين.
النسخة الإفريقية ... دور فاعل... وبيئة مواتية
إن المؤتمر الإفريقي للسلم يهدف إلى تقوية المحبة والأخوة ومكافحة التطرف، فقد رسخ في الذهنية العربية والإفريقية السائدة في دول المنطقة مفاهيم التسامح وقبول الآخر واحترام اختلافاته الفكرية والثقافية والدينية والحوار بين الأديان لتعزيز التفاهم والتواصل بين أتباع الديانات المختلفة بهدف التعايش السلمي والسلام المجتمعي وبناء مجتمع خال من النزاعات والصراعات من خلال تعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة وقدرة الأفراد والمجتمعات على العيش بسلام مع احترام التنوع الثقافي والديني.
كما أن المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم بهذا الشكل يدفع بالقيم الإنسانية المشتركة والمبادئ التي تجمع البشر، مثل العدالة والكرامة والحرية والمساواة والأخوة الإنسانية ووحدة البشر بغض النظر عن اختلافاتهم مع التركيز على التعاون والتضامن.
وقد نظم المؤتمر خمس نسخ حول إفريقيا المنهكة، بسبب الانقلابات العسكرية والحروب الأهلية والنزاعات والإرهاب والمجاعة واهتمت هذه المؤتمرات بوضع مشروع متكامل للمصالحة والسلام ونبذ العنف والتفرقة .
وتظهر أهمية المؤتمر وتأثير أيضا من خلال الحضور والمشاركين من قادة دول ورؤساء حكومات ووزراء وأبرز القيادات الدينية والمئات من الأكاديميين والمفكرين والمثقفين ورجال الدين من مختلف المذاهب والطرق والباحثين الشباب.
ويلعب المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم بتنوع ومكانة المشاركين فيه والنقاشات العميقة والمخرجات المنبثقة عنه دورا كبيرا في تعزيز المحبة والأخوة.
فمثلا نيجيريا الغنية بالنفط هي أكبر اقتصاد في إفريقيا ومن بين أكبر دول القارة من حيث تعداد السكان، لكنها تعاني بسبب انتشار الإرهاب والتعصب والكراهية الدينية والمذهبية والفساد والفقر.
وهنالك المجموعات المتطرفة في الساحل كمالي ونجيريا وبوركينا فاسو، كما ينتشر الفقر في معظم دول القارة ويسودها الاستبداد
المؤتمر : إنجازات كبيرة.... وديبلوماسية مشهودة
يلعب منتدى أبو ظبي للسلم دورا ديبلوماسيا مشهودا حيث يساهم في التعريف بجهود دولة الإمارات في نشر السلم وثقافة الحوار ، فهذه الدولة لها مميزات تؤهلها لذلك فهي محايدة في كل النزاعات الدولية ولها اقتصاد قوي وأيادي بيضاء في غالبية دول العالم خاصة في إفريقيا حيث ما فتئت تقدم الدعم والمساندة المادية خاصة لغالبية دول القارة وتدخلت بوساطات كثيرة لإخماد النزاعات فيها وهي تقيم علاقات ديبلوماسية مع 37 دولة افريقية .
وللمؤتمر إنجازات كثيرة يتصدرها تعزيز الحوار والتفاهم فالمؤتمر يوفر فضاء للحوار البناء بين مختلف الثقافات والديانات مما يُسهم في إزالة الحواجز الفكرية وتعزيز التفاهم المتبادل والحد بالتالي من تأثير الخلافات السياسية والعقدية على حياة الناس وتسهيلها بدل تعقيدها.
مكافحة التطرف الفكري والديني، صحيح أن المؤتمر الإفريقي للسلم يسلط الضوء على أسباب التطرف لكنه يطرح أيضا الحلول العملية لمواجهته من خلال نشر الوعي وتوضيح مخاطر هذه الظاهرة وإبراز دور القادة الدينيين المعتدلين.
والمؤتمر يساهم عبر جمعهم سنويا في الجهود الرامية إلى مواجهة الكراهية ونشر رسائل السلام.
يسعى المؤتمر إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي فالقائمون عليه يشجعون التعاون بين الدول الإفريقية والعربية والمجتمعات المختلفة لتبادل الخبرات ووضع استراتيجيات مشتركة لمواجهة التطرف.
ومن مميزات المؤتمر إشراكه المكثف للشباب والمجتمع المدني في التحضير وجلسات الحوار مما يعزز دورهما في بناء مستقبل أفضل بعيدا عن النزاعات.
التأكيد على الهوية المشتركة فالمؤتمر بشكله ومضمونه الحالي يذكر الشعوب الإفريقية بهويتها المشتركة ويعزز روح الأخوة القائمة على الاحترام المتبادل، ويساهم حتى وإن كان الطريق طويلا وصعبا في بناء مجتمعات مستقرة وآمنة تسودها المحبة والأخوة، مع محاربة مظاهر التطرف بكل أشكالها. يساهم في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي فالقائمون عليه يشجعون التعاون بين الدول الأفريقية والعربية والمجتمعات المختلفة لتبادل الخبرات ووضع إستراتيجيات مشتركة لمواجهة التطرف.
فهم عميق للتحولات التي تحدث على خلفية أصداء النقاشات التي تدور فيه كيف أصبحت بعض المفاهيم والمصطلحات المنبثقة عنه وقد وردت ضمن مخرجاته معتمدة لدى حكومات في أفريقيا والاتحاد الأوروبي.
كما رسخت أعمال وأنشطة المؤتمر في ملتقيات سابقة مفاهيم أخرى من بينها الوسطية لتجنب التطرف في الفكر والسلوك، والدعوة إلى الاعتدال والاندماج الثقافي وتفاعل الثقافات المختلفة وتعايشها دون فقدان هويتها ومناهضة الكراهية .
لقد نجحت دولة الإمارات من خلال المؤتمر بشكل كبير في ترميم صورة الإسلام في أفريقيا لأن القائمين عليه انتبهوا لأهمية تفادي أن تخاطب الناس في القرن الحادي والعشرين بلغة وخطاب صراعات القرن الأول الهجري والسابع الميلادي. العالم اليوم تطبعه ظروف وتقاليد مختلفة جعلته يتغير. زد على ذلك أننا عندما نخاطب الناس بلغة لايفهومنها نشجعهم على رفض الإسلام وركوب موجة التطرف.
في نظرة فاحصة لأعمال المؤتمر خلال دوراته الماضية يتضح أنه لا يخدم سياسة قُطرية محددة وليس في مواجهة مع أي سياسة أخرى بغض النظر عن هيمنتها في المنطقة من عدمها بل تسعى من خلاله الإمارات لإظهار نصاعة الدين الاسلامي ونشر ثقافة السلم والتعاون الإخاء.