كيف يستقبل الموريتانيون رمضان : عادات وعبادات ... ونمط غذائي جديد ــ الجديد نيوز

تقرير: محمد ولد أعمر

 

بعد أيام قليلة يطل علينا شهر الصيام رمضان المعظم، الذي يجب أن يكون نهاره صياما وعملا وليله عبادة .. 

وقد دأب المجتمع الموريتاني على تعظيم الشهر الكريم بالحرص على صيامه وقيامه .


شهر الصيام موسم للطاعات والقربات، بيد أن تحولات كثيرة حدثت في حياة المجتمع الموريتاني وعاداته المتعلقة بشهر رمضان الكريم خاصة في المدن، جعلت الاستعداد له في الحاضر مختلف كثيرا عن الماضي.


حدث تحول كبير في عادات المجتمع، جعلت الاستعداد له مختلف كثيرا عن الماضي خاصة في المدن الكبيرة.
في التقرير التالي: كيف يستعد الموريتانيون للشهر الكريم؟
 

هوس البحث عن  الأواني... والموؤونة !

 

في شهر شعبان عادة تبدأ الأسر الموريتانية العمل على مسارين : الأول هو البحث عن الأواني التي هي متعددة وكثيرة حسب اللون والشكل والسعر والاستخدام.. وكثير منها يعمل بالكهرباء .


المسار الثاني: هو البحث عن المؤونة في زمن ارتفاع الأسعار وفترة  الاستهلاك لدى الأسر الموريتانية .


أن المجتمع الموريتاني تأثر كثيرا في عاداته الغذائية الرمضانية بوسائل الإعلام، التي باتت الموجه الرئيسي لربات البيوت والمعلم الأبرز لفنون الطبخ.


في الأزمنة الغابرة، درج الموريتانيون قديما على عدم التركيز على  الناحية الغذائية كثيرا نظرا لطابع البداوة المتأصل، فاكتفوا في رمضان بتمرات ووجبة   عشاء وسحور خفيف مع شرب الشاي و المذق المعروف محليا بـ "الزريك" 

 لكن مع تأثر المجتمع بالدفق الإعلامي الناجم عن عصر السماوات المفتوحة، صارت الأسر الموريتانية تتسابق في إعداد أنواع الوجبات الكثيرة  والمكلفة في الليلة الواحدة، وأبرزها الحلويات والفواكه التي لم يكن لها أثر في وجبات الفطور الموريتانية القديمة .


إن جعل شهر رمضان الكريم موسما لشهوة البطون، متناف تماما مع المقصد الشرعي من الصوم، وهو الإحساس بالجوع والعطش والعطف على الفقراء والمحتاجين..

 كما أن التبذير معصية يتشبه صاحبها بإخوان الشياطين، والشهر الفضيل موسم عبادات تضاعف فيه الأعمال الصالحة والسيئة فلنبتعد عن المبالغة في الأطعمة والأشربة ونكتفي بالقدر المطلوب ونكثر الصدقة على الفقراء والمساكين .

 

عادات رمضانية  أصيلة

 

من العادات المتأصلة في المجتمع الموريتاني في هذا الشهر ـ كذلك ـ  حلق الشعر للرجال والابتعاد عن الزينة المبالغ فيها للجنسين وتنظيف المنزل بصورة تامة وشاملة، وقراءة القرآن والحرص على العبادات المختلفة خاصة الصلاة والإكثار من الصدقة والابتعاد عن الشحناء والخصومات والحث على الخير .


كذلك يحرص الموريتانيون على صلاة القيام والتزاور والتهادي ليلا، وعلى الإفطار الجماعي والبحث عن من يفطرونه من المحتاجين  وتقديم الطعام والشراب خاصة وجبات العشاء والسحور.


وتشمل طقوس الشهر الكريم السهرات المديحية، والثقافية والبرامج التلفزيونية الهامة في  التي تجمع الأطباء والفقهاء لتنوير المجتمع في كل ما يهم دينه ودنياه .


شهر رمضان في موريتانيا يبقى مدرسة متكاملة، تهذب أخلاق المجتمع وتسمو به لعالم الروحانيات، وتبعده عن المشاكل والمساوئ المختلفة.

في هذا الشهر يلتحم الإيمان والسمو الروحي لدى المجتمع بالعمل والعبادة وتأصيل المعاملات الكريمة بين الأفراد  .

 

عادات سيئة مستحكمة 


هنالك مجموعة من العادات السيئة الدخيلة على  المجتمع، خلال شهر رمضان يجب القضاء عليها، من أبرزها: الكسل الدائم لدى الشباب وكثرة النوم نهارا والسهر ليلا..

 كما أن الكثير من الشباب يضيعون صلاتهم نتيجة السهر المتواصل حتى الصباح، وكذلك    والكسل عن الدراسة والعمل حيث يعتقد البعض أن رمضان شهر للراحة والخمول  وهذا عكس الواقع فهو شهر عبادة وعمل .


هنالك أيضا عادة كثرة المتطفلين على الموائد، وهي سيئة جدا، فيجب أن يحرص الكل على أن تكون أمورهم مبرمجة،  فالضيافة وإفطار الصائمين أمر مطلوب ومحبب في هذا الشهر ولكن التطفل والزيارات الفوضوية متخلفة والإحراج بهما مذموم.


من العادات الأخرى المذمومة عدم احترام المساجد، وتحويلها إلى غرف منام وفوضى الدخول والخروج منها وعدم ارتداء ثياب نظيفة مقبولة، وكثرة الاشتغال فيها بغير العبادة وكثرة البصاق..


يجب أيضا على وزارة الشؤون الإسلامية إنهاء الاختلافات في وقت الأذان بالعاصمة ووقت الإفطار والسحر، فهي عادة بدوية متخلفة وتربك الصائمين حتى أنه في الحي الواحد يختلف الأذان لتلك الأوقات .


يجب كذلك أن تعمل الجهات المعنية بالشارع بفرض "شارع صائم" بمعنى أن تعاقب من يجاهر بالفطر كما تفعل عديدي الدول الإسلامية فمن لديه رخصة فليستتر حتى لا يشوش على العامة .


وينبغي كذلك على السلطات المعنية التقليل من زحمة المرور مساء قبل الإفطار من خلال وضع خطة محكمة لانسيابية المرور   خصوصا للحد من التشنج ومخلفاته بين الصائمين المتنقلين غير الصبورين.


من العادات المنبوذة شرعا وعرفا هو الاحتكار وزيادة أسعار السلع المستهلكة، برمضان أو غش الناس في البضاعة وهنا ندعو السلطات المعنية لتكثيف الرقابة وردع كل من يخالفون  في هذا المجال.

 

رمضان شهر الرحمة والمغفرة

 

الجميع يعلم أن رمضان شهر الرحمة والمغفرة، وعلينا أن نتحلى فيه بروح الأخوة وصفات المسلم المسالم، ونحرص على صيامه نهارا وقيامه ليلا، ونبتعد عن كل تلك العادات السيئة من جهة، ونحاول ما استطعنا أن نتخرج من مدرسته الإيمانية بذخر كبير ينفعنا في دنيانا وأخرانا قبل أن يفوت الأوان فالحياة قصيرة والآجال تتربص ببنى الإنسان.