حصري (الجديد نيوز)
"رمضان فرصة للارتقاء الروحي..وقداسة تكتسي النفوس" جملة دالة من حديث ضيفنا عن رمضان الكريم.
شاعرنا هذه المرة من حملة رسالة العلم..خبر الوطن في حله وترحاله ينشر لآلئ المعرفة وسمو الأخلاق.
بدأت زخات شعره في سن المراهقة، وسار على دربه في رحلة "سيزيفية" تمتاح عذب القوافي وتتخذ من اللعب بالكلمات والصور والأخيلة هواية جميلة.
صدر له ديوان شعر تحت عنوان: التفاحة الزرقاء.
أحرز المرتبة الثالثة في جائزة كتارا في نسختها السادسة.
مطالعة شائقة لحديثه عن الشهر الفضيل.
***
الجديد نيوز: شهر رمضان شهر الصبر والتشبه بالملائكة؛ فماذا تعني لكم هذه الصفات؟
الشهر الكريم فرصة للارتقاء الروحي..إنه قداسة تكتسي النفوس بهاءها لتتجلى في مصاف المكرمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.. وهي صفات تعني للإنسان أيا كان مطمحا كبيرا إذ لا أجمل من مجاراة الملائكة في عبادة الله تعالى واتباع أوامره واجتناب نواهيه..كما أنه يفتح المجال للخلق والإبداع في فترة زمنية وجيزة إلا أنها شاسعة للتفكير والكتابة..إن رمضان فسحة لالتقاط الأنفاس والتأمل في الحياة..
الجديد نيوز: شهر رمضان شهر المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي. فكيف تستلهمون هذه الأمجاد في أشعاركم؟
معارك الحق والباطل الفاصلة.. كانت محطات تاريخية يجب الوقوف عندها مليا انتشاء بانتصارات الإسلام وتشييد الدولة الكبيرة التي بدأت برجل وامرأة وطفل واستطاعت رمي أطرافها في جميع أنحاء العالم وفرض سيطرتها على كل الخارجين عن كلمة الحق وتبليغ دين الله في أعظم حدث تاريخي عرفته البشرية.. ولا شك أن في ذلك إشارات ملهمة للشعراء والكتاب تسيل لها النصوص الفياضة..
الجديد نيوز: شهر رمضان شهر المغفرة والعفة والطهارة والنقاء والسمو. فهل يمكن توظيف الشعر لخدمة هذه الصفات النبيلة؟
عرف الشعر في الذاكرة الجمعوية بحشر القوافي في مختلف الأغراض.. بما فيها الحكمة والتوجيه والحث على المحامد ونبذ المساوئ.. إلا أنه مع دوران عجلة التطور اتخذ الشعر لبوسا آخر أقل شفافية في التعبير وأكثر عمقا في المعنى والدلالات.. دون أن يتجرد من مبادئ الإنسانية وخدمة الأرض والسعي إلى نشر الخير.. ولكن بطريقة فنية جذابة.. لذلك فالشعر هو الوسيلة الأولى لتسويق الصفات النبيلة منذ القدم إلى اليوم ولكن بطرق وأساليب آخذة في التطور عبر الزمن.
الجديد نيوز: يرى كثيرون أن الصوم في المدن، أصبح موسما للإسراف والتبذير والمباهاة. هل بإمكان الشعر محاربة هذه الظواهر المنافية لأخلاقيات الشهر الفضيل؟
الصوم مدعاة إلى التخلق بالتقى والنبل والسمو بالقيم الحميدة والتزين بطيبة القلب وجمال الروح.. ولا مجال فيه لكل ما من شأنه أن يلوث نصاعة المنظومة الاجتماعية الإسلامية الساعية والداعية إلى نشر ثقافة الاحترام المتبادل وتكريس مبادئ التعاون وتوطيد عرى التماسك دون إسراف وتبذير ولا غل وتقصير.. كما أنه اقتصاديا يعدُّ الإسراف والتبذير هدما لركائز النشاط المالي مهما كانت قوته.. وإنسانيا يعتبر التباهي انحطاطا أخلاقيا واستفزازا لمشاعر الآخرين.. فينبغي الابتعاد عن ذلك..
الجديد نيوز:هل بإمكان الشعر محاربة هذه الظواهر المنافية لأخلاقيات الشهر الفضيل؟
الشعر في خدمة الإنسان.. ولا يتأخر عن تقديم الصورة المثالية للحياة.. والشهر الفضيل بما يحمله من محاسن أخلاقية يجد الشعر وعاء لرسائل الفضيلة والجمال يستمر في دفق عطائه حتى بعد انقضاء الشهر الكريم.. لِما يوفره من سهولة ترسيخ المعاني في قالبه الموزون المقفى.. الشعر وسيلة الإيصال الأسرع والأكثر فعالية..
الجديد نيوز: الشعر يسمو بالنفوس ورمضان يطهرها. أيُّ دور للشعر في موسم رمضان ؟
أعتقد أن دور الشعر في موسم رمضان هو التبتل في محراب القيم الإنسانية.. والتأمل العميق في جوهر الأشياء سعيا إلى استخراج المكنون الحقيقي لها.. والبحث عن مغزى الحياة والكون.. والاتعاظ والتعجب والإيمان بقدرة خالقها.. واتخاذ السبل المستقيمة لنيل رضاه جل جلاله..
الشعب: ذكريات كثيرة نسمعها عن صيام رمضان في الماضي وطقوس الإفطار. ما ذا بقي عالقا في الذاكرة عنها؟
التفاعل النفسي لاسترجاع الأحداث لحظة شدٍّ لطرفي الماضي والحاضر لمقارنة غير مباشرة وغير عادلة برأيي.. فالحاضر مهما التمعت أسارير وجهه يظل باهتا أمام تجعدات الماضي بما يحمله من أشياء عشناها كيفما كانت.. فإن كانت جميلة فجمالها المدبر عن أعيننا هو العالق في أذهاننا.. وإن كانت غير ذلك فمرورها القاسي وتجاوزنا لصعوبتها يعتبر انتصارا لنا نزهو به كلما عادت إليها الذاكرة.. ورمضان باختلاف أزمنته والفصول التي يمر بها عبر السنة.. يختبرنا بكل الوسائل.. اختبارات جميلة مليئة بالود والمحبة في كنف الأسرة.. فتمر الأيام الثلاثون في جذل دون أن نشعر بها.. شعور عشته في كافة الأشهر الرمضانية الكريمة منذ خرجت من عزلة الغربة إلى أحضان الأهل حيث السعادة والهناء.. أما رمضان المنصرم فكان ذكرى فريدة من نوعها بالنسبة لي حين خضت غمار السباق الشعري في محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتمكنت من إحراز المركز الأول وإنه لأكبر شرف لي في حياتي نيل لقب شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم.. فكان ذلك الشهر الكريم بالأخص أكرم الشهور على الإطلاق..
الجديد نيوز: يعتبر الشهر الكريم مجالا خصبا للمدائح النبوية وأشعار التوسل والابتهالات. فهل من نماذج مختصرة من شعركم؟
ثمة عدة قصائد في المدائح النبوية سأذكر منها اختصارا.. مقطعا من قصيدة: سِرَاجِيَّةُ الْعُرُوجِ
هَوًى قُدُسِيُّ الظِّلِّ جَاءَ لَعَلَّهْ
يَمُدُّ إِلَى بَابِ الْقَصِيدَةِ ظِلَّهْ
رُؤًى تَتَهَجَّى الضَّوْءَ ذَاتَ تَوَلُّهٍ
إِذَامَا اسْتَدَارَتْ يَسْتَدِيرُ مُوَلَّهْ
وَمَعْنًى تَغَشَّاهُ الذُّهُولُ وَرِيشَةٌ
سَتَرْتَشِفُ الْحِبْرَ الْمُعَتَّقَ كُلَّهْ
وَحَرْفٌ إِلَى كُرَّاسَتِي مُتَلَهِّفٌ
يُرَاوِدُهَا حَتَّى يَحُلَّ مَحَلَّهْ . .
كَثِيرُونَ فِي ذِهْنِ الْمَجَازِ تَصَاعَدُوا
لِيَبْقَى عَلَى قَيْدِ الْحَقِيقَةِ قِلَّةْ
وَلُغْزٌ لِمَجْرَى الْحُبِّ كَانَ انْعِقَادُهُ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِلَّا مُحَمَّدُ حَلَّهْ.
الجديد نيوز: من المعلوم أن شياطين الجن تصفد في شهر رمضان. فماذا عن شياطين الشعر؟
إذا كان للشعر شياطين فإن له ملائكة أيضا.. تنزل بالموعظة والدعاء والتضرع والمديح النبوي والفلسفة التأملية الضاربة في الاعتقاد السليم.. أما شياطينه المغرية بقشور الحياة.. فلها همزاتها التي مافتئت تأخذ كل شاعر في غفلة من الغفلات الفطرية.. إلا أن ذلك لا ينبغي في حضرة الشهر الكريم لما له من هيبة ووقار.. فتصفد شياطين الشعر إلى حين