يواجه المزارعون الأميركيون الذين كانوا يأملون تحقيق أرباح هذا العام، انخفاضا محتملا في أسعار المحاصيل وفقدان المزيد من حصتهم في الأسواق الخارجية، مع بدء تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب.
ويقول جيم مارتن المنتمي إلى عائلة امتهنت الزراعة منذ خمسة أجيال، لوكالة فرانس برس «كنا نعلم أنها آتية»، في إشارة إلى الرسوم الجمركية، وأضاف مارتن الذي يزرع فول الصويا والذرة في ولاية إيلينوي «نحن قلقون لمعرفة كيف سيتم حل كل هذا».
اعتبارا من السبت، باتت معظم المنتجات التي تستوردها الولايات المتحدة من باقي العالم خاضعة لرسوم جمركية إضافية بنسبة 10%. ومن المتوقع أن تشتد الوطأة اعتبارا من التاسع من أبريل/نيسان.
و تواجه عشرات الاقتصادات، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والصين والهند، مستويات أعلى محددة خصيصا لكل طرف.
ضحايا سياسات ترمب
وبينما تتحدث الدول عن الرد بإجراءات مماثلة، وجد المزارعون الأميركيون الذين كانوا قاعدة دعم رئيسية لترمب في انتخابات 2024، ضحية سياساته مرة أخرى ويستعدون لتكبد خسائر بسببها.
وانخفضت أسعار العديد من المنتجات الزراعية الأميركية بالتزامن مع تراجع أسواق الأسهم عقب إعلان ترمب فرض الرسوم الجمركية وردّ بكين عليها.
ويتوقع أن تتضرر الصين، ثالث أكبر مستورد للسلع الزراعية الأميركية بعد كندا والمكسيك، بشدة، اذ ستضاف رسوم جمركية أمريكية بنسبة 34% على منتجاتها، الى تعرفات سابقة بنسبة 20%.
تراجع القدرة التنافسية للمزارعين الأميركيين
وردا على ذلك، أعلنت بكين أنها ستفرض رسوما بقيمة 34% على البضائع الأميركية تضاف الى رسوم سابقة تصل إلى 15% على المنتجات الزراعية.
وتؤدي التعرفات الجمركية إلى أن تدفع الشركات أكثر لاستيراد المنتجات الأميركية، ما سيضرّ بالقدرة التنافسية للمزارعين الأميركيين.
خسارة سوق
وبحسب مايكل سلاتري، الذي يزرع الذرة وفول الصويا والقمح في ولاية ويسكونسن بالغرب الأوسط، فقدت الأسواق الحوافز لشراء فول الصويا الأميركي. ويوضح «ان استيراده من البرازيل أرخص بكثير».
وعادة ما كانت الصين تستحوذ على ما لا يقل عن نصف صادرات فول الصويا الأميركي وأكثر من الذرة الرفيعة. وأنفقت بكين 24,7 مليار دولار على المنتجات الزراعية الأميركية العام الماضي، بما في ذلك الدجاج ولحوم البقر ومحاصيل أخرى.
لكن وزارة الزراعة الأميركية تقول إن ما استوردته الصين العام الماضي تراجع 15% مقارنة بعام 2023 «مع انخفاض مبيعات فول الصويا والذرة في ظل تزايد المنافسة من أمريكا الجنوبية».
ويتوقع سلاتري أن يخفض المشترون الصينيون إنفاقهم بشكل إضافي.
ويرى كريستوفر باريت، الأستاذ في جامعة كورنيل والمتخصص في الاقتصاد الزراعي، أن «خسارة هذه السوق أمر بالغ الأهمية، لأن العثور على مشترين آخرين أمر مكلف».
ويلفت باريت إلى أنه أثناء ولاية ترمب الأولى، طالت تعرفاته الجمركية الصين التي كانت «الهدف الوحيد وبالتالي الدولة الوحيدة التي ردّت» على الإجراءات الأميركية.
ويشير إلى أنه في ظل استهداف كل الشركاء التجاريين حاليا، يرجح أن يواجه المزارعون صعوبة أكبر في العثور على أسواق جديدة.
ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية عالميا
وحذر اتحاد مكاتب المزارعين الأميركيين هذا الأسبوع من أن «أكثر من 20% من دخل المزارع يأتي من الصادرات، ويعتمد المزارعون على الواردات للحصول على إمدادات أساسية كالأسمدة والأدوات المتخصصة».
وأضاف أن «الرسوم الجمركية سترفع تكلفة الإمدادات الأساسية وستؤدي الرسوم الجمركية الانتقامية إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية عالميا».
وحذرت الرابطة الدولية لمنتجات الألبان، من أن «الرسوم الجمركية واسعة النطاق والمطولة» على كبار الشركاء التجاريين والأسواق النامية، قد تقوض استثمارات بمليارات الدولارات لتلبية الطلب العالمي.
وبحسب أرقام وزارة الزراعة الأميركية، ألحقت الرسوم الجمركية الانتقامية على الولايات المتحدة، خسائر بالصادرات الزراعية تجاوزت 27 مليار دولار بين منتصف عام 2018 وأواخر 2019.
وقدمت الوزارة 23 مليار دولار لمساعدة المزارعين المتضررين من النزاعات التجارية في عامي 2018 و2019.
ضمادة حل موقت
ويشبّه جيم مارتن هذا الدعم بـ «ضمادة، حل موقت لمشكلة طويلة الأمد»، مضيفا «يقول الرئيس إن الأمور ستكون أفضل على المدى الطويل، لذا أعتقد أن علينا أن نحدد مدى صبرنا».
ويأمل هذا المزارع، كغيره من المنتجين، في إبرام مزيد من الصفقات التجارية مع دول أخرى غير الصين.
ويصف سلاتري سياسات ترمب بأنها «إعادة هيكلة كبرى للنظام الدولي»، مشيرا إلى أنه يستعد لخسائر في العامين الحالي والمقبل.
ويتابع «حاولت بيع أكبر قدر ممكن من فول الصويا والذرة مسبقا قبل أن يبدأ ترمب بالحديث عن قيمة الرسوم الجمركية التي سيفرضها».