بعد الحظر الألماني.. كيف خسرت إسرائيل ثاني أهم مزود أسلحة لها؟

أعلنت ألمانيا حظر تصدير أي أسلحة أو معدات قتالية لإسرائيل من شأنها أن تستخدم في حرب غزة.

هذا التحول المثير للاهتمام يكشف كيف يمكن للفظائع الإسرائيلية أن تدفع ثاني أكبر مورد أسلحة لإسرائيل أن ينقلب عليها ويحجم عن تزويدها حتى بطلقة واحدة.. وكيف للمستشار الألماني الذي كان مدافعا شرسا عن تصرفات إسرائيل قبل أشهر كيف بات الآن يهاجم سياسات نتنياهو في القطاع؟.

ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يتوان عن تذكير المستشار الألماني بمحرقة الهولوكوست إلا أن ألمانيا يبدو وكأنها تحررت من عقدة ذنب قديمة حملتها فوق كاهلها لعقود.. وبات بإمكانها أن تقف في وجه إسرائيل كمعتدٍ وليس كضحية.. وبعد أن أعلنت النرويج بداية تخارج مالي من إحدى عشرة شركة إسرائيلية .. هل نشهد تأثير الدومينو لدى باقي دول الاتحاد الأوروبي؟

حول هذا التطور، تحدث لبرنامج (مدار الغد) كل من الدكتور خليل عزيمة، الأكاديمي والباحث السياسي، و جاكي خوري، الخبير في الشؤون الإسرائيلية.

وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل

وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، أمس الأحد، إن قرار برلين وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل رد على خطة إسرائيل توسيع عملياتها في قطاع غزة.

وأضاف، في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية (إيه.آر.دي): «لا يمكننا تقديم أسلحة في صراع يجري الآن بالوسائل العسكرية فقط. نريد المساعدة دبلوماسيا، ونحن نقوم بذلك».

ودفعت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة وخطط إسرائيل توسيع سيطرتها العسكرية على القطاع ألمانيا إلى اتخاذ هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر على نحو لم يسبق له مثيل.

وقال ميرتس في المقابلة إن توسيع نطاق العمليات الإسرائيلية في غزة قد يودي بحياة مئات الآلاف من المدنيين وسيتطلب إخلاء مدينة غزة بأكملها.

وأضاف متسائلا: «إلى أين من المفترض أن يذهب هؤلاء الناس؟ لا يمكننا أن نفعل ذلك، ولن نفعل ذلك، ولن أفعل ذلك».

ومع ذلك، قال المستشار إن مبادئ سياسة ألمانيا تجاه إسرائيل لم تتغير.

وأضاف: «تقف ألمانيا بحزم إلى جانب إسرائيل منذ 80 عاما. وهذا لن يتغير».

ألمانيا هي ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، ودائما ما كانت من أشد الداعمين لإسرائيل، ويرجع ذلك أساسا إلى إحساسها بالذنب فيما يتعلق بالمحرقة النازية (الهولوكوست).

الأسلحة الألمانية

وتعد ألمانيا من أبرز موردي الأسلحة لإسرائيل. ففي عام 2023 وحده، زودت إسرائيل بمعدات وأسلحة بقيمة 326.5 مليون يورو بما في ذلك آلاف قذائف الدبابات، ومكونات أنظمة الدفاع الجوي، ومعدات الاتصالات. كما شملت الصفقات 3000 سلاح مضاد للدبابات متنقل، ونصف مليون طلقة لأسلحة آلية أو نصف آلية.

وقد تم منح معظم تراخيص التصدير الألمانية إلى إسرائيل للتكنولوجيا اللازمة لتطوير وصيانة وتجميع وإصلاح أنظمة الأسلحة، فضلاً عن المركبات العسكرية - المكونات الأساسية للحفاظ على القدرة التشغيلية لجيش إسرائيل.

وفي وقت مبكر من سبتمبر/أيلول 2024، أفادت وكالة رويترز بتباطؤ وتيرة صادرات الأسلحة من ألمانيا ــ ويرجع هذا جزئيا إلى التحديات القانونية وأيضا بسبب المعارضة السياسية من وزيرة الخارجية السابقة أنالينا باربوك من حزب الخضر، التي قادت خطا إشكاليا تجاه إسرائيل.

مع ذلك، في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أشارت أرقام وزارة الخارجية الألمانية إلى الموافقة أخيرًا على صادرات عسكرية بقيمة تقارب 100 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة السابقة، بما في ذلك قطع غيار للدبابات، وذلك بعد جهود بذلها ميرز، زعيم المعارضة آنذاك، لإقناع الحكومة باستئناف إمدادات الأسلحة. والآن، بصفته مستشارًا، يُعلن حظرًا على هذه الصادرات.

واعتبر مسؤول كبير سابق مطلع على العلاقات بين البلدين أن تصريح المستشار كان بمثابة «تستر» على الرأي العام في ألمانيا، وأنه لن يُترجم بالضرورة إلى حظر حقيقي. وفي الوقت نفسه، يتفق جميع المعلقين على أن هذا يُمثل تحذيرًا صارخًا بشأن استمرار العلاقات.

تعتمد إسرائيل اليوم على ألمانيا كأهم حليف لها في أوروبا، وهو ما يفصلها عن تعليق مشاركتها في برنامج «أفق أوروبا» ، أكبر برنامج بحث وتطوير في العالم للتعاون العلمي والصناعي.

وقد عرقلت ألمانيا وإيطاليا هذا التعليق حتى الآن. وإذا أعادت ألمانيا تفعيله، فستجد إسرائيل نفسها في مأزق بالغ الصعوبة، وهو ما سيُمثل بداية موجة عقوبات واسعة النطاق من الاتحاد الأوروبي. لذلك، يجب على إسرائيل بذل قصارى جهدها لإرضاء ألمانيا.

وجاء قرار ميرتس وسط ضغوط متزايدة في ألمانيا لإعادة النظر في إمدادات الأسلحة لإسرائيل، في ضوء التقارير التي تشير إلى تزايد أعداد الضحايا المدنيين في قطاع غزة والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية.