الاستقلال.. في ظل الاستقلال

 

 د.شيخنا محمد حجبو 

 

بأي معنى نقول ذلك ؟
وعلى اي نحوٍ نحمله ؟
وعلىع أي اساس نبنيه ؟
وهل الاستقلال،يحتاج الإستقلال ؟ 
أسئلة تثيرها المناسبة، ولا أعرف إن كنت قادرا على إبلاغها، حق معناها .. وأحملها على سرجها المناسب .. وأرسي بها على 
جبال شم راسيات، لا تتاثر بعوامل التعرية
مهما كانت سرعتها وقوتها، ومصدرها واتجاهها ! .
منذ خمس وستين سنة، ونحن نخلد ذكرى عيد الإستقلال الوطني كل سنة، ولم يتسائل أي منا طيلة هذه الفترة، عن معني الاستقلال الذي نريده لشعبنا وأمتنا، لأننا فهمنا منذ البداية، أن الاستقلال - وبغض النظر ، عن ما إذا كان منحة من الاستعمار ، أم هو ثمرة لكفاح خلف مئات الشهداء، كما نقر ذلك - هو مجرد حدث تاريخي، قد مضى وانقضى، ويكفي من تخليده تحيين ذكراه كل سنة، وعلمنا أطفالنا ان يفهموه كَملهات، ضَمَدت جراح مأساة، كانت قسوتها جلد مُحتل بسوط الإهانة لكبرياء قوم أعزهم الله بالإسلام، محتل لا يعرف الرحمة، خسيس القيم .
والأدهى والأمر من ذلك أننا أدخلنا في عقول أطفالنا ان الإستقلال، هو مجرد علامة حرية، من هيمنة انتهت ورحل أهلها، وما علينا إلا استحضار لخظة انتهاء تلك الهيمنة، وأن عليهم أن يرقصوا كل مرة تصادفهم ذكراها، دون ان يثيروا أي سؤال متعلق بالمعني الجوهري للمناسبة، كمناسبة للتفرغ لفعل الأهم، والتدبير فيه، وكأساس لتدقيق معني، الإستقلال؛ كلخظة تكتمل فيها أسس الكرامة، الكرامة،التي تعني إكتمال الشخصية الحضارية للأمة في أسس مقوماتها الأساسية "العلم والاقتصاد " .
بهذا المعني، يمكن أن نتحدث عن تخليد ذكرى استقلال في ظل إستقلال، وهو الذي يحصل عندما تمتلك الدولة والأمة على الاصح، زمام أمرها في تدبير شانها، وتكون قادرة على تحقيق رفاه شعبها، في أساسيات عيشه الكريم، دون عبور حدودها، إلى ما قد ينتقص من سيادتها، عند ما يصاحبه ارتهان ما .
وعلى هذا النحو، نحمل المعني الذي قصدناه،
لأننا نجد في الاستقلال الحالي ( تخليد الذكرى )، الحضور الفعلي والوعي باللحظة، عند أمة استجمعت قواها لتنهض وتنفض الغبار عن رأسها، وتشرع في توفير اسس 
ومستلزمات الحضور التاريخي، وتقطع أشواطا بارزة، في تدبير شأنها دون انتظار
سند ما، قد يضاعف العبء على أجيالها، أو يرهنهم بدين ثقيل يَطال الكرامة.
وما كان ليحصل ذلك، لو أن الأمة ظلت تساس برأس مصاب بعلل الخوف والتردد وضعف التفكير وقلة الحيلة، ولأن الرأس الآن 
سليم من تلك الآفات، فقد سلم جسد الأمة من التعفن، حالها كحال السمكة، التي لا تتعفن إلا من راسها، ولأنها تدار بذلك الرأس السليم، ها هي تباشر الفعل الذي يجعل من استقلالها، استقلالا كامل الأركان، بالمعني التاريخي الحضاري.
ولأن الرعية على قلب الأمير، والأمير رجل تفاعلي مع شعبه، مُكاشف له، بكل صغيرة وكبيرة، يحاججه، ويناقشه في كيفية بناء
الدولة والنهوض بالمجتمع ( المنهج التشاركي)، خطوة خطوة .. دون تعجل غير مدروس، ودون تباطؤ مُخل، مُصابرا، بقدر ما يكون الصبر أداة للإصلاح، وموصلا إلى الهدف المرسوم .
 تُخلد ذكرى الإستقلال، هذه السنة، في ظل إستقلال، يقترب من تحقيق وبناء الدولة التي يحس المواطن، أنها الحاضنة الوحيدة له، والراعي الاول لشؤونه وتدبير أمنه النفسي والإجتماعي والإقتصادي ....؛
وعلى هذا الأساس نجد مشروعية القول، ان الإستقلال في ذكراه الحالية ، يتم تخليده في ظل استقلال، بمعني امتلاك الدولة لزمام امرها،
وتدبير رغد عيش مواطنيها، وأكثر من ذلك أمتلاك - وربما الأهم - القدرة على حماية نفسها، وتأمين أرضها، وعرضها، والمصالحة مع ذاتها، في الكشف عن مواطن الضعف والخلل فيها، وتدخل في سجال تاريخي يُحلحل، بقوة، وبجرأة لافتة، كل مكامن الخلل المعرقلة للبناء والنهوض، وفي مقدمة
ذلك الخللِ المعرقل،الخلل الاكبر : التسَيُبُ والفساد، وغيرهما من مفاسد القيم .
وهنا يتبدى ان الإستقلال، يحتاج بالفعل الى استقلال، لكي يكون كاملا، ولكي يكون كاملا، كان " التعهد" و " الطموح" مقاربتان ناجعتان لضمان بلوغه، وتحقيق استقلال كامل، يقطف البلد الآن 
ثمار تصميم الإرادة الصانعة له، وتظهر كل المؤشرات أنه "بالغ امره" خلال هذه المأمورية او هو بالغ اكبر محطاته الاساسية ،استنادا على حجم المنجزات في السنوات الستة المنصرمة،وحجم المقرر قيد التنفيذ في المتبقي من عهدة صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني و،التي جعلت الذكرى الخامسة والستين للإستقلال الوطني، ذكرى تُخلد في ظل إستقلال، يوشك أن تحقق فيه الكرامة الضرورية لأمة، عانت لعقود من نقصانها