سجن العُمر
سجن العمر هو البدايات، حيث توفيق الحكيم طفلاً وصبياً وشاباً، وزهرة العمر، توفيق الحكيم الرجل الذي يطلب الدكتوراه في باريس.
هنا كان الحكيم يتحدّث مع نفسه، أثناء حكايته عن أبيه وأمّه، والظروف التي أحاطت به وبتعليمه، وبانتقاله من بلدة لأخرى ومن بيت لآخر. ويفرد لطباع الأب والأم كثيراً، ظنّاً منّه أنّه استقى منهما طباعه التي سُجن بها. كان صريحاً بصورة كبيرة، وحكى في سلاسة وإمتاع عن تفاصيل تكوينه، وما أحاط به وأثّر عليه، ودراسته للحقوق، وكرهه للرياضيات (وهو شيء أشاركه فيه وربما أزيد)، وبطء فهمه، وكسله، وحبّه لفن المسرح، ومساعيه من أجل التفرّغ له.
من الفصول المؤثرة، مشهد وفاة والده، حيث حكاه بطريقة غاية في التأّثر.
"الإنسان حر في الفكر، سجين في الطبع" "زهرة عمرنا هي الفكر، وسجن عمرنا الطبع"
هكذا لخص توفيق الحكيم سيرته الذاتية الثانية "سجن العمر" عن الطبع، والتي كتب قبلها "زهرة العمر" عن تكوينه الفكري والثقافي ولهذا الترتيب مدلول واضح.
الطبع الذي وصفه الحكيم بالثقوب التي تنسل بها الأيام من تحت أيدينا، تجبرنا على ارتداء عباءة الوالدين. ثم يطرح قضية أخرى، هل موهبة البعض سببها رغبة مكبوتة عند الآباء لم تسمح لهم ظروفهم بتحقيقها؟ وهل لو أفرغ الآباء مواهبهم لحرموا منها أبناءهم؟ وهل انصراف أبناء مشاهير الأدب عن الأدب دليل على ذلك؟
جذبني حديثه المطول عن أصوله وتفاصيل جذوره العائلية على الرغم من طبعه الذي وصفه بالانطوائي، نجد وصفه لعائلة والدته وأصولها وجدته وبناتها وأزواج بناتها، ووصفه لعائلة والده وجده والأبناء وزوجاته وأبناء أبنائهم، تفاصيل كثيرة قد تبدو غير مهمة لكنها مؤثرة في النهاية في تكوين طباع صاحب السيرة.