"يا بني اركب معنا"

 

 الأستاذ محمدن منيرا/ رئيس الجمعية الموريتانية للتمريض


في يوم الجمعة الماضية عرض معالي الوزير الأول المختار ولد أجاي برنامج حكومته على الجمعية الوطنية، وهذا أمر ألفه المواطن واعتادته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وتعودته الطبقة السياسية ومن يدور في فلكها من نقابيين وهيئات مجتمع مدني ومتسيسين وحتى مقاولين.
أما أعضاء الجمعية الوطنية فهذه عكاظهم فيها يتعارفون وفيها يستعرضون أداءهم ويسوون أمورهم فيجيزون ويجازون ومنهم المريض والمتعب وفيهم ذا الحاجة، فهم ناس والناس كالناس.
لكن ما ميز هذا العرض عن عروض الوزراء السابقين حسب وجهة نظري المتواضعة يتلخص في التالي:
* معاليه حضر للخطاب جيدا وحاول معتمدا على كفاءاته في اللغات وحسن السبك وتقريب المعاني وعلى مهاراته السياسية والتسييرية أن يقف في نقطة وسط من الجميع فلا هو انحاز لموالاته تماما ولا قطع الطريق تماما على المعارضين ولا أغفل الشعب بل بالعكس فقد أصر في أغلب فقرات خطابه على أن المواطنين كل موقعه شريك في إنجاز وإنجاح برنامج حكومته وعليه تحمل تلك المسؤولية.
* معاليه عند الحديث عن أي مجال من مجالات سياسية حكومته كان يطرح النقاط التي تحتاج إلى تحسين ويطرح نقاط القوة وبذلك يفرغ جعبة المعارض ويدعم حجة الموالي ويشرك المواطن في المسؤولية.
* من خلال ردود معاليه على نقاش خطابه أمام البرلمان جعل من المواطن مستمعه الأول فكان يستعمل لغة سهلة الفهم مطعمة بمصطلحات ومفاهيم فنية تشي لأصحاب المجال بمعرفته بما هم فيه منشغلون وتخبر النواب المحترمين أن الرجل إذا لم يكن من أهل هذا المجال فإنه مطلع عليه، وما حديثه عن العطش منا ببعيد.
لم يترك معاليه قطاعا إلا وتكلم عنه بنفس نسق كلامه عن الذي قبله محضضا على ضرورة التعاون على تحسين وضعه وتطوير أدائه وعلى البحث عن الحلول المستدامة والناجعة لمشاكله، ولم يستخدم الترغيب ولا أوغل في الترهيب ولا لوح بالتهديد لكنه يجتهد في إبراز دور المواطنين كشريك في تحمل المسؤولية وفي ضرورة التصرف المناسب لذلك، والمثال الواضح على ذلك كلامه عن الفساد كظاهرة اجتماعية وأهمية محاربته كمشكل وطني.  
وفي الأخير من خلال عرض البرنامج نحج معاليه في تمرير أمور كثيرة:
أولها : برنامج الحكومة نفسه والتي شكك الكثيرون في مقدرتها على التشكل. 
ثانيها : أن خطابه المفهوم وأسلوبه الحيادي وإشراكه للمواطن زاد قربه من المواطنين مما أخفت أصوات المنتقدين وحتى المعارضين له وزاد تقبله وضخم من حجم الآمال المعلقة على مأموريته. 
ثالثها:  أن معاليه أقنع الجميع أنه وحتى اليوم على مسافة واحدة من الجميع وأن الاستعداد للحاق بالركب وصالح العمل هما وحدهما معايري البقاء في المنظومة وأن الخروج منها قد لا تحمد عقباه.