البخاري ولد محمد عبد الرحمن/ مفتش شباب
لا يحتاج أي أحد اليوم إلى التذكر أو التذكير بأن الشباب هو أساس النهضات وعماد التنمية، لقد بات حديث من هذا القبيل مما مضغته العجول، غير أنه سيظل مخض مياه، ما لم يتحول إلى استراتيجيات، ومؤسسات وقرارات.
ولا شك أننا مستبشرون بعض الشيء بالمتغيرات الجديدة في شأن الشباب، والتي بدأت تأخذ مسارا أكثر فعالية مع إنشاء وزارة لتمكين الشباب بعد قرابة عقد ونصف من التضخم المؤسسي الذي تستفيد منه ثلة قليلة من النافذين، الذين يسيرون موارد ضخمة دون أن يكون لذلك تأثير فعلي على الشباب.
لقد توجهت تلك السياسات إلى الكيف المخصوص، وفاتها الكم الهائل الذي وجد نفسه عرضة لكل الصعوبات من سوء التعليم والبطالة، وانعدام الأفق، ثم الهجرة التي استنزفت لحد الآن ما يزيد على 70 ألف شاب، وما تزال في مسار متواصل.
لقد انتهى المجلس الأعلى للشباب إلى ثلة قليلة تتقاضى رواتب ضخمة، ولم يكن للائحة الشباب أي تأثير فعلي سوى منح مناصب محصنة المكانة والزمن لعدد لا يصل عشرين شخصا، فيما لا يزال أكثر من مليون شخص من الشباب ينتظرون دورا لن يصل إليهم.
من أجل التعزيز والترسيخ والنوعية
أخذت البرامج الموجهة للشباب مستوى من الفعالية خلال السنوات المنصرمة، حيث استهدفت القطاعات الأقل حظا من التعليم، ومكنت المتسربين من التعليم من الحصول على تكوين ينتهي بتمويل مشاريع مدرة للدخل.
غير أن المسار الأكثر فعالية هو تمكين الشباب من الولوج إلى مراكز القرار والنفوذ، وصناعة الاستيراتيجيات التي تمكنهم من النهوض، لكونهم الأدرى بما يصلح لهم، وبالمتغيرات المحيطة بالعالم من حولهم.
ولا أدل على ذلك من التغييب التام والتهميش المستمر لأطر الشباب والرياضة المكتتبين في دفعات منذ العام2010؛ بعد أن كاد القطاع يبقى بدون أطر مختصين بعد عقود من توقف الإكتتاب... حيث ما زال أغلب المفتشين يراوح مكانه في الدرجة التي دخلوا بها الوظيفة العمومية، بل أصبحوا ممرا تصعد على ظهوره الوجوه العابرة، والمحمولون ممن لم يخض غمار المسابقات، ولم يصبر على التهميش، والرضا بالراتب القليل طيلة عقد أو أكثر.
لا شك أن أطر الشباب والرياضة بشكل خاص يمثلون العنصر الأكثر فعالية في تمكين الشباب، لتخصصهم الفعال في هذا المجال، وللكفاءة والخبرة التي راكموا خلال السنوات الماضية، ولأنهم الجهة التي عهد إليها أصلا بالرفع من شأن الشباب، وتنشيط أدائهم من خلال تأطير العمل الجمعوي و توجيه الشباب نحو مزيد من الفاعلية و الإنتاجية فرص العمل .
تمكين الشباب الطموح الضرورة
بشيئ من الاستبشار يمكن القول إن السياسة الحكومية تجاه الشباب، بدأت تتلمس الطريق الصحيح، أما في الإطار المؤسسي، من خلال وزارة تمكين الشباب، وهي لفتة كريمة حيث يتحدد الهدف الذي تتوجه إليه مهام الوزارة بعد أن كان عاما عائما غير محدد، كما أن اختيار شخصية تنتمي إلى الشباب فكرا وثقافة وعمرا، كما أنه قصة نجاح شبابية معتمدة على المعرفة والكفاءة والإصرار.
دون شك فإن وجوده على هذه الوزارة المهمة التي تعني الكثير بالنسبة لرئيس الجمهورية، ويعول عليها الشباب الموريتاني كثيرا، يضفي مزيدا من قابلية النجاح في مسار تمكين الشباب.
آمالنا كبيرة في معالي الوزير، وفي قدراته على إدارة علاقة جديدة بين الدولة وحوالي 53% من شعبها، وأن ينجح بشكل خاص في الإنفتاح الفعال على مفتشي الشباب، تلك الفئة الأكثر قدرة على إدارة التفاعل الأكثر جدوائية مع الشباب، والأكثر فهما لمتغيرات حياة الشباب، والبنى المؤسسية والمسارات القادرة على استيعابهم.
ومن المؤسف أن هذه الفئة من الموظفين العموميين، ظلت رهينة التهميش والحرمان، بل سلما يصعد على ظهوره "المجاذيب" إلى الترقية، ورغم ذلك فإن بارقة الأمل الذي يمثلها الوزير الأول المختار ولد أجاي ووزير تمكين الشباب الدكتور محمد عبد الله ولد لولي، تفتح طاقة أمل في تغيير وإنصاف وتمكين...