أمم ولد عبد الله
انقسم العالمُ الإسلامي من هذا الحدث المهم الذي نفذته المقاومة في مثل هذا اليوم من العام الماضي، فالبعض اعتبره خطوةً مهمة في هزيمة العدو، وبداية تفكيكه، في حين جعله ٱخرون سبباً في خراب المنطقة من جديد، والظاهر أن هذا النهج الأخير روَٓج له كثيراً محورُ البترو دولار...
والحق أن السابعَ من أكتوبر شكل نَقلةً نوعيةً بالمفهوم الإستراتيجي في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك من خلال:
- تجاوز العداوة التاريخية بين السنة والشيعة من جهة وبين العلماني والمتدين من جهة أخرى، وذلك من خلال تضامن وتٱزر ومساندة، أربكت المخططات التي أشتغل عليها العدو لقرون.
- تعرية العدو وإظهاره على حقيته البشعة، مما شكل وعياً مُعادياً له في أوساط الشباب الغربي.
- فرضه على خوض حرب استنزاف قد تؤدي لنهايته.
- خلق توازنات جديدة تُهيئ لحرب عالمية ثالثة المستفيد منها هم الفيلسطينيون، ولعل قرارَ الروس الأخير برفع طالبان من قائمة الإرهاب هو أكبرُ مؤشر على هذا التوجه الجديد وأهم نتائج طوفان الأقصى لما يحمله من دلالة لأمريكا الداعمِ الأول لإسرائيل.
- تقليصُ مساحة إسرائيل من خلال عامِليْ التهجير والخوف...
- تدمير العنصر البشري الشاب في المؤسسة العسكرية الإسرائلية من فئة (الصبرا)، الأمر الذي سيؤدي لعزوف أقرانهم عن الانخراط في التجنيد، وبالتالي إرباك جميع الخطط العسكرية.
وليس الإفراض في استخدام القوة سوى انعكاس لشعور بالخوف من نهاية بدت كل ملامحها في الأفق .
صحيح أن الصهاينة سيستخدمون كل أساليب الدعاية المغرضة لإحداث شرخ داخل التصور الجمعي للأمة الإسلامية والعربية التي شكل طوفان الأقصى وما شهده من مجازر في غزة ولبنان عامل وحدة يتجاوز كل الخلافات بينية والتاريخية، لذلك ليس من الغريب استخدام فزاعة السنة والشيعة من جديد لتشتيت هذه اللحمة التي تشكل خطراً على إسرائيل.
وأعتقد أن المنخرطين في إثارة الفرضيات الثانوية من خلال التشكيك في إيران بهدف صرف الأنظار عن جوهر الصراع ليسوا سوى ٱلة إعلامية رخيصة يتم استغلالها من طرف إسرائيل التي تنتظر بفارغ الصبر الخلاص من هذه الحرب لتطلق رصاصة الخيانة عليهم دون تردد.
ثمة مشكلة أخرى بالغة الخطورة أبان عنها طوفان الأقصى وهي استعداد بعض الساسة لجعل بلدانهم جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل، وهم الذين اتعبوا مواطنيهم بالحديث عن الوطنية وعن الخونة المتٱمرين على أمن الوطن.
هذه المفارقة تعكس التصور الذي يؤمن به من كان يدافع علناً عن القضية الفلسطينية، وإن كان أهم ما في الأزمات الكبرى أنها تظهر الأشياء على حقيتها...ليميز الله الخبيث من الطيب، وتلك سنة الله في كونه إلى أن يرث الأرض ومن عليها.