أكد الوزير والسفير الأسبق: محمد فال ولد بلّال أن الفساد مشكلة حقيقية والحكومات أمامه في ملتقى طرق : إما أن تختار محاربته بوضوح مع فهم التغيير الحقيقي بما يقتضيه، أو مجاملة أصحاب الكلمة والنفوذ والمال والفاعلين السياسيين الساعين لجمع الأصوات.
وأكد في مقابلة شاملة مع قناة (صحراء24) أن موريتانيا لابد لها من اختيار حاسم في هذ الموضوع، وأنّ المجتمع مريض ولابد له من هزة (صدمة كهربائية) تنهي حال الفساد والميوعة السائدين .
وأضاف أن الرئيس لديه إرادة وهذه مأموريته الأخيرة ولا يطمع في ناخبين أومال أو حشد فاعلين سياسيين حوله؛ ولكن المشكلة تبقى في محيطه في النهاية، منوها أن من لده أطماع سياسية لايستطيع محاربة المفسدين في البلد والمجتمع بيئية حاضنة للفساد وملائمة له وتشجع عليه .
وضرب معالي الوزير مثالا على الفساد بالوساطة التي تنخر جسم الإدارة وتعتبر حاضنة للظاهرة؛ بدءا من الاكتتاب إلى التعيين والصفقات الكبرى، مطالبا السلطات في البلد بالعمل على إنهائها (هي غاية شخصية مقابل منفعة خاصة) وتمنع الوساطة نيل الحقوق مع تضييع العدالة والدوس على القانون ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
وأكد أن بأن موقفه من تدخل الدولة لصالح المتضررين من الفيضانات مطابق لما عبر عنه رئيس "جبهة العدالة والديمقراطية" ذ. جميل منصور في مؤتمره الصحفي أمس.مؤكدا أن تلك الفيضانات تعتبر كارثة لأنها سببت خسائر كبيرة في الأنفس والأمول .
وقال الوزير إنه يشجع إرساء خدمة مدنية للشباب لـ6 أشهر تمكنه من الصبر والاحتكاك بالمجتمع وفهم الحياة والانسجام الاجتماعي والتربية المدنية وتنمي لديه الحس الوطني والقيم الجمهورية، على أن تسلم له إفادة وتكون شرطا ف أي اكتتاب أو دخول عمل حكومي.
وفي حديث عن السياسة الخارجية الموريتانية أكد أنها وديعة وهادئة ومفيدة وتنتهج طريقة (صفر مشاكل) وهو أحسن وضع تكون فيه الديبلوماسية في أي بلد، ولكن الرهانات المستقبلية الله أعلم بها ،وعلى المدى البعيد يجب أن توضع استراتيجية تحمل بدائل من اختيارات وتحالفات انحياز لأن التهديدات والرهانات المستقبلية في منطقتنا كثيرة، ودول الإقليم مرتبطة ويؤثر بعضهاعلى بعض ، مثمنا سياسة البلد تجاه كل الجيران خاصة مالي .
ووصف معاليه الانتخابات الرئاسية الماضية بأنها أفضل استحقاقات رئاسية عرفها البلاد من حيث الشفافية، وقد ساعدت الإنترنت وتطبيقاتها على الحصول على المحاضر بسرعة وشفافية، منوها أن الانتخابات كعملية شكلية تم حسمها .
وقال إن الديمقراطية في موريتانيا تتقدم متسائلا لماذا لا يفكر العرب والأفارقة في إنتاج نظام ديمقراطي خاص بهم ويصلح بديلا للنظام الديمقراطي الغربي، فالمهم بحسب وصفه ليس نوع الديمقراطية بل موافقتها لمايصلح لشعوبنا.
وضرب مثلا بأنظمة الحكم في "الصين وإيران" وقال إن موريتانيا بها حزب كبير يهيمن على الحياة السياسية يسمى "حزب الدولة" ،منوها بأنه لايوجد نظام حكم صالح لكل زمان ومكان ومجتمع ،كما أنه لم يوجد حكم في تاريخنا وحضارتنا العربية والإسلامية بمقاييس الديمقراطية الغربية الحالية .
وبرّر انتماءه لجبهة العدالة والديمقراطية بأن طرحها سليم ،مضيفا حان الوقت أن يخرج العمل السياسي في بلدنا من ربقة المعارضة والأغلبية المطلقتين، فالممارسة السياسية الناجحة (وحدة ومنافسة) تحمل وحدة حول ثوابت وطنية ومبادئ وقيم يتفق عليها الجميع ومنافسة شريفة في برامج حكومية قطاعية .
ونوه بأن المعارضة التقليدية انتهى دورها منذ فترة طويلة، لأنها كانت على طريق غير صحيحة فمنذ 40 سنة تخوض صراعا ضد النظام.
والديمقراطية قائمة على ثنائية (الوحدة والصراع)ويجب على النظام بقطبيه المعارضة والنظام أن يعملا على تجسيدهما، واليوم ـ يقول ـ أعتقد أننا بدأنا نعيش مرحلة الوحدة من خلال التهدئة السياسة .
وتحدث عن سبب إغلاقه لحسابه مؤخرا في "فيس بوك" قائلا إنه لاحظ أن الكلمة رخيصة بالبلد أي بمعنى أن الكلمة تحتاج إعطاءها قيمة أكثر لأن الثقة فيها وفي الساسيين تزعزعت كثيرا، ولم يعد المجتمع يوليهما اهتماما يذكر ويقال "عندما يرخص الإنسان ترخص الكلمة" ويؤكد :" بعد تجربة طويلة قررت أن لا أتحدث إلا للضرورة ، وطبعا لدي نية كتابة مذكراتي على طريقة أبي الأمة المرحوم المؤسس المختار ولد داداه" .