دخلت حكومة الوزير الأول المختار ولد أجاي شهرها الرابع، وتعتبر فترة 3أشهر الأولى مؤشرا أوليا على أهمية أداء الحكومة في الدول الديمقراطية .
الحكومة الحالية تباين أداؤها خلال تلك الفترة؛ حيث شهدت عدة قطاعات ديناميكية حيوية وسعت للإنجاز، وواصلت أخرى على وتيرتها العادية، بينما بقت قطاعات أخرى تعاني الرتابة والبيروقراطية المعهودة.
التحليل التالي يعرض لأداء الحكومة في الـ 100 يوم الأولى من تشكيلها .
قطاعات ديناميكية ...وحيوية
عرفت قطاعات التجارة والسياحة والصيد والتحول الرقمي والتجهير والنقل والبيئة والإسكان والصحة والتعليم ومفوضية الأمن الغذائي وتآزر والثقافة ديناميكية كبيرة؛ وسعت لتحقيق إنجازات خلال الفترة الأولى باعتبارها وزارات خدمية تلامس واقع المواطن اليومي.
فهنالك موضوع أسعار بعض المواد الاستهلاكية، والرقابة عليها وتخفيض أسعار السمك وخلق روابط ومنصات رقمية تخدم المواطن وتساعده على أداء مهامه بسرعة ومواصلة مشروع انسيابية مدينة نواكشوط ، وفك العزلة ومواصلة إنشاء الطرق والجسور وإطلاق حملة الوقاية من الحرائق وحماية المراعي ومواصلة الإنشاءات الخدمية لصالح الدولة ومراقبة المجال الحضري والاهتمام بمجال العمران والقضاء على العشوائيات، وحماية المواطنين من الأمراض وتوفير العلاجات والأدوية الفعالة وتوحيد أسعارها مع توخي الصرامة في الدوام الرسمي وأداء المهام.
قطاع التهذيب عرف حيوية خلال الافتتاح الذي انطلق في أجواء توافقية وتم توفير الكتب المدرسية، ومختلف لوازم الافتتاح الأخرى، وحضر المدرسون والإطار الإداري والتأطيري.
وتواصل مشروع المدرسة الجمهورية بسحب السنة الثالثة ابتدائية من التعليم الخصوصي، وتواصلت عملية توفير الزي المدرسي وفرضه.
لكن القطاع عرف صعوبات مؤخرا بسبب ما تقول النقابات إنه تنكر لاتفاقيات سابقة مع الوزارة ودخل القطاع في مرحلة من الشد والجذب مازالت متواصلة.
الجهازان مفوضية الأمن الغذائي وتآزر هما اليد الطولي للدولة في مجال المساعدة والعون الاستعجالي وقد تدخلا في أزمة فيضان النهر ومازال هذان القطاعان يواصلان مساعيهما في تخفيف ظروف الحياة على الطبقات الهشة من خلال توزيع المساعدات النقدية والعينية وبناء المشاريع التي تساعد هذه الطبقات .
قطاع الثقافة بدوره شهد ديناميكية وحيوية مع الوزير الجديد؛ حيث حضر عديد المؤتمرات الثقافية الإقليمية والدولية الهامة، ونظمت عديد التظاهرات المحلية خدمة لمختلف مهام القطاع، كما عقد لقاء مع المسؤولين في كل اختصاصات القطاع وتعرف على مشاكلهم ووعد بحلها.
ويستعد القطاع لتنظيم أهم تظاهرة ثقافية وطنية سنوية "مهرجان مدائن التراث" بمدينة شنقيط الشهر المقبل.
قطاعات رتيبة ..وأخرى إنتاجية
القطاعات الوزارية غير الإنتاجية بقيت رتيبة الأداء، ولكن رغم ذلك سعى كل منها لتقديم ما يمكن خلال الأشهر الثلاث الماضية.
أما لقطاعات الإنتاجية كالزراعة والمعادن والثروة الحيوانية والصيد، فهي قطاعات تعمل في إطار سعي دائم لزيادة الإنتاج من أجل تغذية السوق الوطني بالمنتوجات الغذائية كالصيد ومحاصيل الزراعة والثروة الحيوانية من جهة والتصدير للخارج (الصيد والثروة الحيوانية والمعادن والطاقة)
وقد عملت كل تلك القطاعات خلال الأشهر الثلاث الماضية بوتيرة جيدة، مما يقدم مؤشرا على حسن الأداء بصورة أكثر في الأشهر المقبلة.
قطاعات خدمية سيئة
رغم سعي كل تلك القطاعات الوزارية السالفة الذكر لتحسين خدماتها وإنتاجها؛ فإن بعض القطاعات مازالت خدماتها تعاني من سوء في الأداء في مقدمتها: المياه والكهرباء والاتصالات، فكل هذه الخدمات رغم أهميتها في حياة المواطن تعرف تذبذبا كبيرا وانقطاعات متكررة في خدماتها دون تقديم أي مبرر للمواطنين .
إن تلك الخدمات الثلاث هي عصب الحياة، خاصة في المدينة ورغم ذلك مازالت تعاني من رداءة مزمنة، جعلت المواطنين يتساءلون دوما عن مدى فعالية العمل الحكومي مادام عاجزا عن حل مشاكل هذه القطاعات الحيوية.
إن انقطاع المياه والكهرباء وضعف الاتصالات الهاتفية والإنترنت أمور تمنع المواطن من الحصول على حقوقه بشكل كامل وجيد، بسبب ضعف هذه الخدمات التي لا غنى له عنها في أي لحظة.
ويتساءل المواطن: لماذا لا تقوم السلطات العليا بتفعيل هذه القطاعات وتشدد الرقابة عليها حتى تؤدي واجبها في توفير خدمة جيدة وفعالة للمواطنين ؟
ويذكر هنا ـ أيضا ـ أن المواطنين مازال يدور جدل كبير بينهم في الواقع حول فعالية إجراءات الحكومة في بعض تلك القطاعات كفعالية الرقابة على أسعار المواد الاستهلاكية المخفضة، وقضية توفير الزي المدرسي والرقابة على المدارس الأجنبية، وترك كل فصول الابتدائية فيها مثلا.
كما يجدون صعوبات في الحصول على الأوراق المدنية ببعض مراكز استقبال المواطنين، وصعوبة النقل مع الحاجة إلى وجود أسطول رسمي جيد من سيارات الأجرة والحافلات تغطي كل الخطوط .
كما توجد صعوبات في قطاع التعليم العالي تتعلق بعدم توفير الخدمات الجامعية؛ من حافلات النقل وتوفير مطاعم جامعية متعددة والصحة الجامعية والسكن في ظل ارتفاع عدد الطلاب كل سنة وبعد المركب الجامعي .
قطاعات السيادة .. العمل في صمت
تعمل القطاعات السيادية كالعادة في صمت فالداخلية تقوم بضبط الأمن وتوفير الأوراق المدنية والإشراف على تسيير مختلف شؤون المرافق الخدمية في العاصمة والداخل بالتنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية؛
ووزارة العدل تقوم بدورها في تقديم خدماتها في مختلف الدوائر القضائية؛
ووزارة الدفاع تقوم بدورها في ضبط أمن الحدود وتقوية مكونات الجيش الوطني؛
والشؤون الإسلامية تواصل العمل في إطار مهماتها في حفظ الهوية ونشر التعليم المحظري وتنظيم المسابقات والاستعداد للمواسم الدينية المرتقبة كل سنة؛
والخارجية تواصل عملها في تألق كبير، حيث ارتقت بعلاقات البلاد وتعمل على تعزيز التعاون مع كل دول العام ومنظوماته، وتشرف على الجاليات الموريتانية في الخارج وتسعى لحل المشاكل المتعلقة بها .
100 يوم فترة قصيرة .. العمل الحكومي مترابط ... النواقص كثيرة ... الجهود مبذولة .. الإمكانيات متوفرة .. الإرادة السياسية موجودة ... كل ما نحتاجه هو على العمل بجدية وصرامة وإدراك أن خدمة المواطن تكليف وتشريف معا.