انطلق أمس المسح الميداني الشامل الثاني الذي تجريه السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية كهيئة مسؤولة عن ضبط المشهد الإعلامي بالبلاد.
المسح يهدف بحسب بيان الهيئة إلى التعرف على وضعية المشهد الإعلامي من جديد وعن كثب .
المشهد الإعلامي الوطني كما يراه المختصون؛ يعاني من ضبابية كبيرة فالصحافة المكتوبة الخاصة اندثرت و السمعي والبصري والإلكتروني أصابهما داء "التمييع والفوضى" وأصبحت الساحة حبلى بمنصات لا مرجعية تحكمها .
إن هذه الفوضى تسببت في ضياع بوصلة الإعلام الجماهيري الذي هو الأساس والمرجعية الحقيقية للمهنة في كل دول العالم ، رغم زحف التقنيات الحديثة والسرعة الجنونية للكلمة والفكرة في عالم العولمة .
كيف نتصور أن بلادنا بها 500 موقع إلكتروني وعند تصفحها لاتجد مادة إعلامية دسمة تم إنتاجها من إعلاميين يمتلكون الكفاءة ولهم دراية حقيقية بالمهنة؟
كيف نتصور أن بلادنا لاتصدر بها صحافة مكتوبة خاصة، على غرار بقية دول العالم، وصحافة رسمية جيدة الإخراج والمضمون حتى وهي في خدمة الحكومة ؟
كيف نفسرتحول القنوات إلتلفزيونية الخاصة، إلى ببغاء يردد ما تقوله وتبثه الإذاعة الرسمية، وهي قنوات يفترض أنها تلفزيونية ورخصت أصلا لهذا الغرض ؟
الواقع أن المشهد الإعلامي الوطني هش، وكثير من أهل المهنة انتبذوا مكانا قصيا منها، بسبب سيطرة الدخلاء والتهميش من السلطة والمجتمع .
نملك ترسانة قانونية جيدة للعمل الإعلامي، وحققنا هامشا كبيرا من الحرية، لكن ليس لدينا مؤسسات صحفية بالمعنى المتعارف عليه تخدم واقع المهنة وتوفي المواطن حقه في أهدافها الثلاثة: الاخبار والترفيه التوعية، بل كل شيئ يتركز على الإخبار في شكل مبسط وسطحي.
إعلامنا تغيب عنه خصوصية "الشمول والتنوع" الشمول في تناول كل القضايا التي تهم المجتمع، والتنوع من حيث تعدد الأشكال الصحفية خدمة للمضامين التي تطرحها تلك القضايا .
ختاما : نرجو أن تكون نتائج هذا المسح بلسما شافيا لكل تلك الجراج التي تثخن جسم صاحبة الجلالة بموريتانيا لتتعافى، وننعم بصحافة حقيقية تخدم الوطن والمواطن.