لماذا ينظم مهرجان مدائن التراث؟ ـ الجدديد نيوز

منذ الـ 13 سنة بدأت فعاليات مهرجان المدن القديمة الذي تم تغيير اسمه  لاحقا إلى مهرجان"مدائن التراث"


المقاربة التي تم اتباعها في المهرجان كانت في البداية ثقافية وفكرية فقط؛ بيد أنه منذ النسخة العاشرة سنة 2021 تم إدخال البعد التنموي ضمن المقاربة لتلبية عدة أهداف من أهمها تحسين الظروف المعيشية للسكان وتوطينهم في مدنهم .


التعليق التالي يسلط الضوء على أهمية مثل هذه المهرجانات بالمدن القديمة .

 


لا جدال في أن تلك المدن الأربع التي تم تسجيلها كتراث عالمي من طرف اليونيسكو 1996 لها قيمة تراثية وفكرية وعلمية وحضارية كبيرة يجب الحفاظ عليها .


إن الحفاظ على هذه المدن يقتضي وجود بنية تحتية حقيقية، ومصادر للدخل ومرافق خدمية تساعد الساكنة على البقاء في هذه المدن  وبالتالي المساهمة من طرفهم في تنميتها والحفاظ على تراثها العلمي  وإشعاعها الحضاري .


إن إدخال المكونة التنموية في هذه المهرجانات بالمدن الأربعة قرار صائب لأنه جلب لها مساهمة حقيقية من كل القطاعات الحكومية في تنميتها، وصارت تلك القطاعات تتنافس على ذلك مع رصد ميزانية معتبرة لكل مدينة تحتضن المهرجان تخصص للتنمية .


فمثلا مهرجان شنقيط الجاري حاليا رصدت له ميزانية تصل4.5 مليار أوقية وزعت على 12 قطاعا متدخلا.


إذن فإن إضافة المكونة التنموية للمهرجانات بهذه المدن  يعتبر ذا أهمية بالغة حيث ينعكس بالتنمية وخلق نشاط اقتصادي دائم يساهم في تحسين حياة السكان ويساعد على الإسهام في تعزيز الحركية العلمية والثقافية وصيانة الكنوز التراثية التي تحويها هذه المدن .


قدمت  مدينة شنقيط التي تحتضن المهرجان ـ حاليا ـ العطاء العلمي  الذي سبق قيام الدولة بقرون كما لعبت دورا مهما  في التبادلات التجارية بين جنوب الصحراء وشمالها، وعرفت بإشعاعها الثقافي وصيت علمائها..


يهدف مهرجان مدائن التراث “ إلى ترقية المدن التاريخية، وكنوزها الفريدة، ومدها بأسباب البقاء والتطور والنماء و الاعتبار للتراث المعماري وللثقافة الموريتانية في مدن تاريخية أصبحت مهددة بالانقراض، وتثمين دورها الفكري والثقافي والعلمي والتجاري.


كثيرا ما نسمع بعض الأصوات تقلل من شأن هذا الخيار وترى أن الميزانية المخصصة له هدر للمال العام ، وهنا نؤكد أن تلك الدعاوي باطلة فهذه المدن تمثل ذاكرة جمعية للأمة بتراثها وعلمها وإشعاعها الحضاري وهي التي عرفت البلاد من خلالها كحاضنة للعلم والعلماء والمعرفة وكانت ذات صيت حسن في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي وخرجت فطاحل العلماء الذين حملوا مشعل الحضارة والفكر والعلوم اللغوية  والفقهية، وأي أمة لا ماضي لها لا حاضر لها ولا مستقبل.


كذلك فإن حماية تراث أي أمة يجب أن يكون أولوية لأن هذا التراث هو الذي يربطنا بماضينا، ويمثل عراقة بلدنا وشعبه، وهذه المدن مازلت تحتفظ بكنوز كبيرة من المعرفة والآثار تتطلب دوما الحفاظ عليها وهو ما يوجب على الدولة حماية هذه المدن وتوطين الساكنة فيها لدعم عملية التنمية والحفاظ على التراث وصيان الهوية الحضارية للبلاد التي كانت هذه المدن هي جدار الدفاع الأول عنها .

 

إن صيانة المخطوطات والآثار الموجودة يهذه المدن وتنظيم المعروضات لمنتوجاتها التقليدية يدخل ضمن ترقية عوامل السياحة الثقافية، وهي جزء هام من السياحة الموجودة بالبلد ، وقد أعدت برامج وثائقية عن هذه المدن من طرف عدة قنوات عربية وعالمية أظهرت الإشعاع العلمي والحضاري لها ودورها في الحفاظ على هوية البلد  قبل أن يستقل ويصير دولة كما هو الآن .


خلاصة القول هي إن تنظيم مثل هذه المهرجانات مطلوب ولكن بشرط أن ترافقه المكونة التنموية التي يعول عليها في ترقية وازدهار هذه المدن من جهة وتوطين سكانها من خلال التنمية وتحسين ظروف حياتهم من جهة أخرى .

 

  • تعليق على الحدث