ساقته الأقدار ليلا إلى الموقع الخطأ..
كان قادما من من مقاطعة "تفرغ زينة" حيث الطبقة المخملية من المجتمع؛ شوارع فسيحة وأبنية راقية وإنارة زاهية توحي بأنه في عاصمة راقية..
أرخى الليل سدوله على ذلك المكان الجميل..
هبط من السيارة مسرعا..
اضطرته ظروف النقل الفوضوية لإكمال المسافة على قدميه المنهكتين على شوارع فسيحة لكنها لا تخلو من فوضى السير وعدم اتباع الإشرات الإرشادية المكتوبة بطلاء أبيض واضح على الطريق..
وسط المدينة لا حياة تذكر؛ وسائل نقل بدائية، والركاب متسمرون على جنبات الطرق يطاردون كل سيارة تخفف من سرعتها لعلهم يظفرون بمقعد شاغر في رحلة التيه الأبدي!!
وصل أكبر محطة في قلب العاصمة، وأذان العشاء يرتفع في الأفق ..الفوضى تضرب بأطنابها؛ إنارة باهتة، وسيارات في كل مكان لانظام يضبطها، والركاب خليط من البشر في دوامة الهرج والمرج..الأنفاس متعبة من مطاردة السيارات والأبصار زائغة في كل اتجاه..
إنه مشهد يرثى له تماما غياب نقل عصري في عاصمة تجاوزت العقدة السادسة من عمرها؛ العواصم المجاورة لنا بها أساطيل نقل حضري فاخرة وحافلات مريحة، بل وقطارات سريعة أين ما يمّم المرء وجهه..
ليس من اللائق أن يبقى الحبل على غاربه في فوضى النقل الحالية، وليس من حفظ ماء الوجه أن لا نشيّد عاصمة عصرية كما في كل دول العالم الغنية والفقيرة على حد سواء..
نحتاج وسط عاصمة عصريّ يضج بالحياة ليلا ونهارا، وتتوفر فيه مقومات المدينة العصرية، مزدان بالمقاهي والمطاعم وأماكن الترفيه ووسائل النقل.
ختاما: وعدت سلطة تنظيم النقل الحضري منذ فترة بتجديد أسطول سيارات الأجرة؛ وقد آن الوفاء بذلك الوعد؛ ونأمل أن يصحبه تنظيم صارم محكم لقطاع النقل، خاصة الحضري منه..ونقول للجهات المعنية أننا نثمن ما قطعناه من أشواط في تحسين وجه عاصمتنا ولكننا نطالب بالمزيد ليعود لها شبابها الناضر بعد عقود من الإهمال والتسيّب.