أحمدو ولد محمد فال ولد أبيه
نصح أحد حكماء هذه الأرض - يوم كان النصح والإرشاد هما أعلى مراتب الدعم والمساندة- قيادات دولتنا الناشئة آنذاك بقوله:
گايل لَلَّ يبقي ينزاد // شعبيه فامر السياسه
عن شي يتواس فلبلاد // اخير ايعود بلكايسه
وشي ما يتواس زاد // اخير الا ما يتواسه
وفي الهدي النبوي الشريف الكثير من الإرشادات والحِكم حول كل مجالات الحياة، ولعل من أبرز تلك الإرشادات في مجال الحُكم والعلاقة بين الرئيس والمرؤوس وبين الناس عموما ما ورد في الحديث القدسي من زجر وتحذير من عواقب الظلم ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا..)
ولنا في طريقة تسيير الخليفة عمر ابن الخطاب للحكم خير إرشاد على أن التحصين الحقيقي هو العدل "عدلت فأمنت فنمت".
سيدي الرئيس ان ما نشاهده اليوم من استغلال للنفوذ واستسهال لممارسة الظلم على الضعفاء من طرف بعض القيادات في نظامكم من الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، لهو أكبر خطر على نظامكم وعلى الوطن عموما.
صحيح أن طريقتكم في الحكم تختلف عن الأحكام السابقة في اعتمادكم على خيار اللامركزية بالقرارات، لكن ذلك كان يتطلب أن لا تمنح ثقتكم إلا لمن تجاوز هواجز العقد الشخصية من تاريخ الأجداد والترفع عن ممارسة النفوذ لمنع صيرورة الحياة في الانتقال من جيل إلى جيل بفعل الزمن وقانون التقاعد.
سيدي الرئيس لقد برهنتم منذ وصولكم للسلطة على سعي دائم لخلق بيئة سياسية هادئة تمنحكم الظروف المناسبة لتجسيد رؤيتكم الإصلاحية التي انتخبكم الشعب من أجلها في المأمورية الأولى، لكن لاشك أن البطانة خانتكم فتحولت الدولة إلى "مُشاريه" بين النافذين.
ولعل ذلك ما فسرته "نسبة النجاح المشفرة" في الانتخابات الرئاسية الماضية إن تم تحليلها بتجرد بعيد من العاطفة ويأخذ في الحسبان واقع المشهد السياسي الاستثنائي في عهدكم بالعمل على ملف التهدئة السياسية في الأيام الأولى من وصولكم للسلطة حيث استملتم قيادات المعارضة التقليدية التي دعمكم جلها في الانتخابات الرئاسية الماضية بالإضافة لمنع ترشح أي مرشح جاد من شريحة "البيظان البيض" لمنافستكم كما حدث في انتخابات 2019 بينما تمت تزكية الكثير من مرشحي الفئات الأخرى هذا دون أن ننسى العمل الكبير الذي قمتم به في المجال الاجتماعي كالتقسيمات المالية الشهرية والتكفل بالتأمين الصحي لآلاف الأسر المتعففة.. ومع كل ذلك والاختيار الموفق لشعار "حملة المأمورية الثانية" بالكاد تجاوزت نسبة النجاح عتبة الخمسين بالمئة بعد تحركات خاصة في مساء يوم الاقتراع لإنقاذ الوضع.
لكن الخطير هذه المرة في الاستمرار بمغالطتكم سيدي الرئيس مع تزايد نسبة الوعي لدى المواطن الرافض للظلم وهيمنة مجموعات أسرية معينة على كل شيء أنه قد يكلفنا انسجام وتماسك وطن يتجه منذ "موت السياسة" نحو التعصب والتفكك أكثر من الانسجام الاجتماعي والتضامن الأهلي.