زمن  أخلاق  المســخ

شيخنا سيدي محمد

 

﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا )  السورة  الإسراء
ظلت  ثقافة المجتمع الموريتاني  منذوا القدم ، تمثل بذاتها منظومة من الميراث الفكري والمعتقد الإنساني والاخلاقي ، الذي يمثل إبداعا فكريا مهما كان ذلك الناتج متواضعا بمؤشرات الحضارة الغربية الراهنة.
و اليوم  تظهر عدت استفهامات  ماذا يجبر المجتمع الموريتاني علي السير في اتجاه مغاير لموروثه الثقافي  ومعتقداته وقيمه واخلاقه ؟  
قال صلى الله عليه وسلم 
إذا فَعلت أمَّتي خمسَ عشرةَ خصلةً حلَّ بها البلاءُ إذا كانَ المغنمُ دُوَلًا والأمانَةُ مغنمًا والزَّكاةُ مغرمًا وأطاعَ الرَّجلُ زوجتَهُ وعقَّ أمَّهُ وبرَّ صديقَهُ وجفا أباهُ وارتفعتِ الأصواتُ في المساجدِ وكانَ زعيمُ القومِ أرذَلُهم وأُكرِمَ الرَّجلُ مخافَةَ شَرِّهِ وشُرِبتِ الخمورُ ولُبِسَ الحريرُ واتُّخِذَتِ القيْناتُ والمعازِفُ ولَعنَ آخِرُ هذهِ الأمَّةِ أوَّلَها فليرتَقِبوا عندَ ذلكَ ريحًا حمراءَ أو خسْفًا أو مسخًا
الراوه علي بن أبي طالب 

عند ما تكون اهانة الآباء والأمهات في بلاد المنارة والرباط مادة اعلامية رائجة تستخدمها فتاة شاذة من اجل الشهرة 
عندما يصبح الانحطاط الاخلاقي والانحدار الذوقي مادة للنقاش على طاولة المفاوضات بين مؤيد ومعارض في بلاد شنقيط … 
عندما يصبح الانتكاس في الفطرة قضية فيها نظر علي أرض تلاوة والتجويد … 
عندما يصبح انقلاب القيم والموازين مسألة قابلة للجدل في بلاد المرابطين …
 عندما تصبح الرذيلة والشذوذ الجنسي حرية شخصية  علي ارض المحاظر … 
عندما يصبح انكار المنكر فضولًا وتدخلًا في شؤون الغير… 
عند ما يصبح الترويج لخطاب سياسي تستخدم فيه محارم الله توددا ونفاقا علي حساب الأعراض 
عندها كبر على بلاد المنارة والرباط أربع تكبيرات فباطن الأرض خير وأشرف لها من ظاهرها.
كم أنت مسكينة، بل مظلومة أيتها الحرية، وكم سفهت معانيك السامية وكم شوهت مفاهيمك الجميلة وكم ألبسوك زيًا لا يليق بك، وكم زيفوا لحنك الجميل وكم فعلوا الأفاعيل والقبيح تحت مسماك.
لقد كرّم الله تعالى الإنسان وفضله على جميع مخلوقاته:
قال جل من قائل (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا) صدق الله العظيم. 
وأسبغ عليه سبحانه نعمه ظاهرة وباطنة، وكفل له جل في علاه حريته وممارسة شؤونه الخاصة والعامة في إطار وحدود شرعها له سبحانه تحفظ وتضمن له خيري الدنيا والآخرة.
فالحرية قيمة رائعة من روائع القيم التي منّ الله تعالى بها على الإنسان، وهي ليست فضاء مجردًا من أي ضوابط أو معايير كما يريد البعض أن يجردها من هذه الأدبيات، بل الابجديات، لتصبح وفق تصويرهم حقلًا ملغومًا ينسف كل فضيلة ويدمر كل منظومة أخلاقية واجتماعية بين الناس.
إن إساءة فهم واستعمال مفهوم الحرية كان ولا يزال اللغم الذي يحاول البعض ان ينسف به قيم المجتمع الموريتاني المحافظ  وهو الشرارة التي فجرت براكين الفوضى الأخلاقية والسلوكية وأنبتت ظواهر الشذوذ والفساد والعهر والانحطاط القيمي
الأمر الذي ينبئ بسقوطنا عاجلًا أم آجلًا لأن حرية كهذه بلا ضوابط ولا معايير حتما ستؤول إلى الدمار والبوار والخراب يومًا ما..
إننا نستهجن ونستنكر  ما آلت إليه أرض لمنارة والرباط وما  وصل فيها الشذوذ ، لا بل لقد أصبحت المجاهرة بالشذوذ فيها علنًا موضة الموسم .
إن استنكارنا أشد  من فريق المدافعين والمطبلين والمزمرين الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها دفاعًا عن ذاك المسخ المسمى بالحرية الشخصية، حتى لو أفرزت هذه الحرية من الشاذين والشاذات جنسيًا ذاك السلوك الذي يهجنه الدين والعرف والذوق السليم، بل ذاك السلوك الذي أجمع عليه الاختصاصيون النفسيون على مستوى العالم أجمع أنه شذوذ ومرض واضطراب نفسي بحاجة إلى علاج.
فالحرية يا هؤلاء لا تعني الانسلاخ عن القيم والأخلاق. والحرية يا هؤلاء لا تعني جفاف ماء الحياء والأدب ولا هي التجرد من الكرامة والشرف. والحرية يا هؤلاء ليست إطلاق العنان للنفس أن تفعل ما تشاء بغض النظر عن ماهية :
 (إن الحر حقًا هو الشخص الذي تتجلى فيه المعاني الإنسانية العالية، الذي يعلو بنفسه عن سفاسف الأمور ويتجه إلى معاليها، يضبط نفسه فلا تنطلق أهواؤه ولا يكون عبدًا لشهوة معينة بل يكون سيد نفسه، فالحر يبتدئ السيادة على نفسه ومتى ساد على نفسه وانضبطت أهواؤه وأحاسيسه يكون حرًا بلا ريب)·
بقلم شيخنا سيد محمد في عطلته
علي  ربوع الحوض الغربي