الحوض الشرقي...ولاية موريتانية تقتسم رغيفها مع 300 ألف لاجئ

 محمد الأمين أحمد

 

تتقاطع خيام اللاجئين في ولاية الحوض الشرقي مع قرى فقيرة ترتمي في مناكب ولاية تقاسم يومها بين ضيوف أتو هاربين من أتون حرب أنهكت بلدانهم ومواطنين وسكان يعيشون على هامش بلد يعاني حسب وفق التقارير الدولية من مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة..

وجهٌ آخر للكرم في الصحراء..

منذ أكثر من عقد من الزمن قررت الحرب الجارية في مالي أن تدفع  عرات الآلاف من الماليين للتدفق عبر الحدود فرارا من العنف ليستقر الكثير منهم في مخيم امبره والمناطق المجاورة له..
الضيافة التي جسدها الموريتانيون لهاؤلاء كان ثمنها حسب تقرير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين حرمان ستة من كل عشرة لاجئين من الحصول على خدمات صحية قريبة..
في وقت تظل فيه المياه النظيفة مطلبا نادرا في القرى والبوادي التي تكتظ باللاجئين، فالمخيم الكبير أصبح قلبا نابضا بالاحتياج الذي يسبب ضغوطا كبيرة على شرايين الولاية المحدودة.

أرض عطشى..
تقرير حديث لمنظمة GRET الفرنسية يصف القرى في الولاية بأنها تعيش عطشا مزمنا فبعضها يعتمد على آبار مالحة وبعضها يرسل نساءه وأطفاله في رحلات طويلة كل صباح نحو نقطة ماء قد تجف قبل الظهيرة.
فسكان الولاية يدركون جيدا أن الماء ليس مجرد مورد بل ميزان حياة يحدد من يبقى ومن يرحل.

جوع مقيم..

وحسب منظمة الأغذية والزراعة (FAO) يعيش أكثر من 40% من سكان الولاية في حالة انعدام أمن غذائي يترقبون خلاله مواسم الأمطار رغم كون الزراعة محدودة والمراعي تتناقص عاما بعد عام حتى صار الرعاة يتنقلون على مسافات أطول خارج حدود موريتانيا بحثا عن الكلأ والماء في تنافس صامت مع ماشية اللاجئين.

الطبيعة التي تنهك الجميع..

تقرير منظمة العمل ضد الجوع (Action Against Hunger) حذر من أن الضغط البيئي الناتج عن الكثافة السكانية والرعوية يهدد التوازن الطبيعي في المنطقة فالأشجار تقطع والمراعي تستنزف والهواء يحمل رائحة الغبار في مشهد  تجتمع فيه قسوة المناخ مع فقر الساكنة ليصبح الصراع على الموارد احتمالا قائما في كل موسم جفاف.

على الحدود..

قرب الولاية من مالي يجعلها خط تماس مفتوحا مع تقلبات الساحل الإفريقي.
وفي حديث نقلته قناة الجزيرة أشار مسؤول أمني إلى أن وجود آلاف اللاجئين على الشريط الحدودي يتطلب يقظة دائمة وتنسيقا وثيقا بين الأمن والإغاثة، ففي الصحراء المفتوحة لا يفصل بين الخطر والسلام سوى بعد النظر.

تنمية تمشي الهوينا..

ورغم محاولات الحكومة لتحسين الوضع ما تزال التنمية تسير بخطوات بطيئة حسب ماصرح به
والي الولاية لوكالة الأنباء الموريتانية حيث أكد أن مشاريع المياه والكهرباء الريفية تتقدم فعلا، لكنها لا تكفي لحجم التحدي.
واليوم تحديدا أطلق الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني من مدينة النعمة عاصمة الولاية البرنامج الاستعجالي لتعميم النفاذ إلى الخدمات الأساسية للتنمية المحلية بتكلفة بلغت 260 مليار أوقية قديمة وهو البرنامج الذي يتدخل في عدة قطاعات حيوية كالماء والكهرباء والصحة والتعليم وغيرها.
ليعيد الأمل لبعض سكان الولاية في تحقيق تنمية تدفع عنهم بعضا من ويلات الصراع اليومي من أجل البقاء، لكنه أمل يبقى مصحوبا بالقلق والخوف على مصير المشاريع التنموية التي لم يتعود الموريتانيون على انجازها في آجالها المحددة ولا بالطريقة الأمثل.