تغطية الذكرى الـ65 لعيد الاستقلال : رؤساء موريتانيا... مسارٌ مضطربٌ ... ومحطات مشهودة ــ الجديد نيوز

 

تظهر قراءة متأنية لتاريخ رؤساء موريتانيا السابقين، أن اثنين منهما حكما البلاد لحوالي نصف مدة استقلال البلاد (ولد داداه وولد الطايع)

 كما توضح القراءة أن رئيسا حكم 10 سنوات (ولد عبد العزيز) يليه الرئيس الحالي (والغزواني) الذي بانتهاء مأموريته في 2029 يكون قد حكم 10سنوات.

 

أما أقصر الرؤساء مدة في الحكم فهما ولد محمد لولي، وبا امباري، وولد محمد السالك، وولد الشيخ عبد الله، وولد محمد فال، يليهم ولد هيداله بحكم دام أربع سنوات.

 

كان من بين هؤلاء الرؤساء ثلاثة مدنيين والبقية عسكريون أو من خلفية عسكرية (متقاعدون من الخدمة).

 

ساهم كل هؤلاء في إنشاء الدول الموريتانية، ووضع لبنات فيها حسب تجربتهم  وطروف حكمهم،  ولكنهم يشتركون جميعا في حبهم للوطن وسعيهم في بناء نهضته وحماية أمنه وإسعاد مواطنيه .

التقرير التالي : رؤساء موريتانيا مسار مضطرب ...  ومحطات مشهودة

 

صلاحيات الرئيس .. السلطة الأولى 

 

رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية حسب الدستور الرسمي هو حامي الدستور ومن يجسد الدولة ويضمن –بوصفه حاكما– السير المطرد والمنتظم للسلطات العمومية.

 

 وهو الضامن للاستقلال الوطني، ولحوزة الترابية، يمارس السلطة التنفيذية ويترأس مجلس الوزراء، ويشترط فيه أن يكون مسلما ويبلغ 40 سنة ولاتزيد مأموريته عن 5 سنوات،  ويتمتع بحقوقه المدنية والسياسية ..

 

يُنتخب الرئيس عن طريق الاقتراع المباشر، لمأمورية مدتها خمس سنوات، ويمكن إعادة انتخابه مرة واحدة فقط (يمكن أن يحكم لمدة 10 سنوات كحد أقصى.

 

الرئيس المؤسس ... حقبة طويلة وصعبة 

 

كان الرئيس المؤسس المحامي المختارولد داداه أول رئيس للبلاد بعد الحصول على الاستقلال، وقد امتد حكمه من إعلان الاستقللال إلى  10 يوليو 1978، كانت فترة حكمه فترة التأسيس، وقد تميزت بصعوبات كثيرة، حيث البلاد الجديد بلا بنية تحتية، وبلا كوادر بشرية ،وقد أرسى في فترة حكمة إدارة جيدة، أنشأ العلم والنشيد الوطنيين والجيش وتعليما متميزا، إضافة إلى العملة الوطنية  والبنك المركزي،  وأمم شركة "ميفرما""سنيم"حاليا وألغى الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا .

 

يقول بعض المؤرخين إن قراره بالمشاركة في حرب الصحراء منتصف السبعينيات من القرن الماضي كان بمثابة المسمار الأخير الذي دق في نعش حكمه .

الفترة العسكرية المضطربة 

أسقط العسكر بقيادة العقيد المصطفى ولد محمد السالك النظام المدني الأول بموريتانيا، لتتوالى الانقلابات،  وقد استقال ولد محمد السالك بعد حوالي سنة من حكمه وتحديدا في العام 1979 ليخلفه العقيد محمد ولد محمد لولي الذي حكم أشهرا قليلة،  وتنازل لاحقا عن الحكم للعقيد محمد خونه ولد هيداله.

 

فترة الرئيس محد خونه ولد هيداله، كانت الأكثر جدلا وعرفت إالغاء الرق وإنشاء القانون الجنائي، والإصلاح العقاري، وتطبيق الشريعة وعدم التعامل مع مؤسسات التمويل الدولية .

 

وشهد حكمه محاولة انقلاببة دامية في 16 مارس 1981 اعقبتها محاكمات وإعدامات لقادة تلك المحاولة .

 

فترة طويلة ... وديمقراطية في لبوس القبيلة

 

في 12 دجمبر 1984  انقلب العقيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع  على الرئيس ولد هيدالة وهو في مهمة خارج البلاد. 

 

كانت الفترة الأولى لهذ النظام هادئة في ثوب عسكري محض، تميزت بالانفتاح على مؤسسات التمويل الدولية، وخطب ودّ الشعب من خلال تثبيت الاستقرار، وتحسين العلاقات مع دول الجوار والدول المختلفة .

الفترة الثانية هي التي بدأ فيها ما يصفه ذلك النظام بعهد التعددية الديمقراطية 1991 حيث سمح بإنشاء الأحزاب وحرية تأسيس الصحف الخاصة .

 

بيد أن هذه الديمقراطية شابها الكثير من التزوير بحسب المتابعين، مما سمح لولد الطايع بالبقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة، من خلال جمع الأصوات عن طريق القبيلة، واستخدام المال العام من طرف نظام حكمه لترسيخ تلك الديمقراطية على مقاسه، وتوطيد أركان حكمه، وقد استفحلت القبيلة والفساد وقمعت المعارضة وأصبح قانون النشرقانونا للعقوبات .

 

بيد أن ولد الطايع يحسب لنظامه تعامله بحكمة مع أحداث 1989 العرقية بين موريتانيا والسنيغال، والحفاظ على أمن البلاد وهويتها العربية الإسلامية، لكن في المقابل كانت صداماته مع التيار الإسلامي وتحويله للعطلة الأسبوعية من الجمعة إلى السبت والأحد وإقامته لعلاقات غير مبررة مع الكيان الصهيوني - بالنسبة للمراقبين-  عوامل من بين أخرى أسهمت في انقلاب رفاقه العسكريين عليه وهو في المملكة العربية السعودية  يوم 3 أغسطس 2005  .

 

الفترة الذهبية "سياسيا" في تاريخ البلاد

قاد العقيد المرحوم أعل ولد محمد فال الفترة الانتقالية بعد سقوط نظام ولد الطايع، وأشرف على أول انتخابات رئاسية وصفت بالنزيهة في تاريخ البلاد، فاز فيها الرئيس السابق المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله في إبريل 2007.

 

لم يدم حكم ولد الشيخ عبد لله طويلا (16شهرا)  إذ سرعان ما نشب خلاف بينه وبين قادة الجيش الذين كانوا  أبرز داعميه، فأدّى الخلاف في النهاية إلى إقدامه على إقالتهم، ليقوموا بإزاحته في انقلاب أبيض قاده الجنرالان محمد ولد عبد العزيز و‌محمد ولد الغزواني.

 

خلف با مامادو إمباري ولد الشيخ عبد الله في الحكم لفترة انتقالية قصيرة دامت 4 أشهر عام 2009 خلفاً للجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي استقال عقِب انقلابه على الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ومهد لتلك الاستقالة حوار دكار مع الطيف المعارض،  تهيية لإجراء الانتخابات الرئاسية 2009، التي فاز فيها ولد عبد العزيز .

 

ترشح ولد عبد العزيز لمأمورية رئاسية  ثانية 2014 وفاز فيها وشهدت البلاد في عهده تطورا في البنية التحتية، وبعض الخدمات ولكن معارضيه يقولون إنه كان يسير البلاد بطريقة أحادية.

 

ويقول متابعون إنه مارس نوعا من الفساد داخل إطارأسري ضيق، رغم ادعائه أن مأموريته "مأمورية رئيس الفقراء" وتهتم بمحاربة الفساد بحسب ما هو معلن.

 

في 2019 ترشح الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني، وفاز بمأمورية أولى شهدت اهتماما بالطبقات الهشة ووضع أسس المدرسة الجمهورية، وضبط الأمن ،وتقوية الجيش الوطني، وتحسين العلاقات الخارجية والانفتاح على المعارضين .

 

كما ترشح لمأمورية ثانية العام الماضي وفاز فيها، وقد أطلق عديد المشاريع الهامة لتحسن الخدمات في العاصمة والداخل، وحرص على تقوية وتنويع مصادر الإنتاج الوطني، مع تعزيز قطاعات هامة كالزراعة والصيد والثروة الحيوانية وتحسين العلاقات مع مصادر التمويل الخارجية .

 

ويقول الرئيس ولد الغزواني إن نظامه يسعى لمحاربة المفسدين، ولكن ليس بطريقة انتقائية أو بطرق غير قانونية .

 

بيد أن بعض المراقبين يرون أن الفساد مازال مستشريا بالبلاد والقبيلة السياسية تتحكم في مفاصل الدولة، ويرون أنها باقية وتتمدد رغم الإعلان الأخير في زيارة الشرق عن محاربتها.