تسعى بلدية مدينة تيشيت التاريخية إلى مواجهة كم كبير من المشاكل تتسبب فيها عاديات الزمن وهجر السكان وضعف الاهتمام الرسمي.
في منطقة جميلة من الوطن تجمع بين التضاريس الجميلة وعبق التاريخ والمكتبات العلمية الزاخرة والواحات تقع البلدية
لايني القائمون عليها جهدا في تقديم الخدمات وضبط الأمن والسكينة ..
مطالب السكان تتمحور في إتمام مكونة التنمية التي دشنها الرئيس خاصة في المياه العذبة والطريق المعبد وتوفير خدمات الصحة والتعليم وفرص العمل وإنقاذ التراث العلمي الهام بالمدينة .
الجديد نيوز التقى العمدة المساعد الشاب: سيدي عالي ولد محمد وكان لنا معه الحوار التالي:
الجديد نيوز: تيشيت مدينة تاريخية عريقة، ولكنها تعاني من الكثير من المشاكل كالعزلة وهجر الكثير من الشباب لها هل من سرد لبقية مشاكل المدينة؟
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
لا شك أن الحديث عن المشاكل التي تعاني منها مدينة تيشيت ذو شجون،فإلى جانب العزلة التي تعيشها المدينة منذ مئات السنين، و التي تلعب الدور الأبرز في تهجير السكان، ظهرت عوامل أخرى أشد بأسا و أشد تنكيلا، و أرغمت الكثيرين ممن كانوا مكبلين بأمراس الوفاء لأرض الأجداد على الرحيل، و من أهم هذه العوامل هو العامل الصحي،حيث أصبحت الملوحة المرتفعة للمياه ــ في ظل غياب نقطة صحية تضمن الصحة و الطمأنينة للمواطن-عامل طرد في المركز الثاني بعد العزلة، ضف إلى ذلك قلة فرص العمل، و انعدام الكثير من المستلزمات الضرورية في حياة الإنسان هذا بالإضافة إلى نقص الخدمة الصحية
الجديد نيوز: عدد سكان المدينة محدود جدا؛ماهي الخدمات التي تقدمها البلدية لهم، وما هي أبرز العراقيل أمام عملكم؟
من أبرز الخدمات التي تقدم البلدية، هي السهر على مدينة نظيفة حفاظا على صحة المواطن، انطلاقا من نظافة الشوارع الرئيسية و الأزقة و نظافة السوق و المسالخ،و كذلك السهر على انتشار السكينة و الهدوء من خلال قوننة التظاهرات الاجتماعية بما يضمن سكينة الجميع و يكفل لهم حقوقهم و الاجتهاد في حل النزاعات العقارية،كل هذا بالتعاون مع السلطات الإدارية
الجديد نيوز: نظم مهرجان مدائن التراث 2023 بالمدينة ماذا أضاف لها ضمن مكونته التنموية ؟
في النسخة الحادية عشر من مهرجان مدائن التراث أشرف فخامة رئيس الجمهورية على تدشين مكونة تنموية تغنى بها الجميع و استبشر خيرا،و حتى اليوم ما زالت الرقاب تشرئب و ينظر الجميع بطرف حسير لعله يرى النور لهذه المكونة مجسدة على أرض الواقع.
ففي مجال البنى التحتية تم تدشين مشروع تعزيز و تحسين منظومة تزويد المدينة بالمياه الصالحة للشرب ،و مشروع تعزيز البنية التحتية الكهربائية ،و وضع حجر الأساس لبدْء الأشغال في بناء عدد من المنشآت الإدارية و التعليمية، و على الرغم من الفترة الزمنية التي مرت على المهرجان، ما زال أغلب هذه المنشآت يمشي الهوينا، في حين لم ير بعضها الآخر النور بعد، ففي مجال المياه باءت محاولة توفير مياه صالحة للشرب بالفشل نتيجة لعجز الحفارات المستجلبة لهذا الغرض عن الوصول إلى العمق الذي يضمن مياه عذبة، حيث لا تتجاوز الحفارة عمق200 متراً تقريباً ، و قد حاولت السلطات الإدارية و المحلية دون جدوى وصول حفارة تصل عمق 600 متراً إلى المدينة من أجل تحقيق الحلم الذي يراود السكان و قتل الشبح الذي يطاردهم و يتجرعون الذعر منه مع كل قطرة-و كانت الحفارة المذكورة قد وصلت إلى بلدية لخشب لنفس الغرض.
هذا بالإضافة إلى التقاعس الغير مبرر في إصلاح جهاز التحلية الذي تم تركيبه إبان المهرجان بدعم من جهة تكانت بالتعاون مع جهة فرنسية، و الذي تعطل قبل أن تستفيد منه المدينة شربة ماء، و قد تمت بالفعل إعادة تأهيل و توسعة شبكة المياه القديمة و إنجاز ما يقارب 30٪من أصل 300 توصيلة منزلية كانت مبرمجة في المشروع،كما تمت توسعة شبكة الكهرباء بشكل جزئي.
و فيما يخص المنشآت التعليمية فلايزال العمل فيها مستمرا و حتي اللحظة على مستوى ترميم و توسعة الثانوية، فيما توقف منذ أشهر العمل -قبل اكتماله-في مدرسة (آغريجيت) و أما الوحدات السكنية و السوق،فمجرد حبر على ورق.
و في مجال الزراعة تم إنشاء واحات نموذجية في المقاطعة، لكن غياب الجودة و ضعف الرقابة و المتابعة عوامل تظهر جلية في كل ما تم إنجازه، و هو ما يترجمه الفشل في تحقيق الأهداف التي رسمت من أجل تحقيقها، فلا البطالة انخفضت و لا الاكتفاء الذاتي حصل، و لا حول و لا قوة إلا بالله.
الجديد نيوز: تحتوي المدينة التاريخية وقد كانت قلعة علم مكتبات كثيرة عتيقة؛ كيف يتم الحفاظ عليها من عاديات الزمن ؟
فعلا تحتوي المدينة على عدة مكتبات عريقة توجد في رفوفها الكثير من الكتب النفيسة، و بالفعل ساهم مهرجان مدائن التراث بشكل كبير في نفض الغبار عنها من خلال الاهتمام الذي أولاها به،و جعل القائمين عليها يردونها إليها لفتة كريمة،و لعل هذه من أكبر الإنجازات التي حققها المهرجان،من بعد ما كادت هذه المكتبات تذهب أدراج الإهمال،و مع هذا تبقى المكتبات في حاجة إلى المزيد من الاهتمام من خلال توفير المستلزمات التي من شأنها أن تصون الإرث الثقافي و الحضاري الذي سطره السلف بماء الذهب ،فليس لدى القائمين عليها سوى وسائل بدائية من أجل المحافظة عليها(الخزانات التقليدية)
الجديد نيوز: البلدية هي السلطة المحلية الأقرب للمواطن؛ ماهو دوركم في نقل مشاكله للسلطات الإدارية الأخرى وهل تتجاوب معكم؟
تسهر البلدية على حل مشاكل المواطن من خلال إيصالها إلى الجهات المعنية من خلال إحالات عن طريق السلم الإداري،و بالطبع السلطات الإدارية شغلها الشاغل هو مساعدة المواطن و أبوابها مشرعة أمامه و تتجاوب بشكل دائم و جيد مع الطلبات التي تحال إليها عن طريق البلدية ،كما تقف جنبا إلى جنب مع البلدية في تجسيد الأمن و الاستقرار و نشر السكينة.
الجديد نيوز: النشاط الاقتصادي لسكان المقاطعة يكاد يقتصر على مايدره "آمرسال" ماهو دور البلدية في تشجيع السكان ومساعدتهم على البقاء؟
دور البلدية -نظرا إلى ضعف الدخل-يقتصر على البحث عن المساعدات(المادية و اللوجستية) من الدولة و المنظمات و الهيئات، و توزيعها-إن وجدت-بطريقة عادلة.
و في هذا الفصل غمرت مياه الخريف،معدن أمرسال،لترتفع نسبة البطالة،مما يحتم على السلطات البحث عن ما يعوض هذا الخسار المادي الذي سيطال عشرات الأسر التي كانت تقتات من عائدات هذا المعدن.
الجديد نيوز: تثبيت شباب المدينة وسكانها يحتاج توفير خدمات أساسية وفرص عمل؛ ماذا تم بهذا الخصوص ؟
طبعا الشباب اليوم أصبح بحاجة إلى الخدمات من أي وقت مضى و كذا فرص العمل، لا سيما خدمات الصحة و الإنترنت و الماء و الكهرباء،فلا استقرار من دون هذه الخدمات بشكل تام.
فعلى مستوى الاتصالات تم فك العزلة الرقمية بين المقاطعة و الولاية و هي خطوة تحد من حدة العزلة الطرقية ،و توفرت خدمة الإنترنت بشكل مقبول،بالإضافة إلى توفر الكهرباء، لكن يبقى الماء المالح و البطالة و ضعف التمدرس(نقص الأساتذة و المعلمين،و رفضهم العيش في ظروف كهذه)عوامل طرد لفئة الشباب و الكثير من الأسر.
الجديد نيوز: تقع المدينة ضمن ولاية تكانت الغنية بالواحات والرمال والجمال ماهو دور السياحة في إنعاش الوضعية الاقتصادية بالمدينة؟
عرفت المدينة في فترة من تاريخها إقبالا متوسطا من قبل السياح و الباحثين عن الآثار و التاريخ و الحضارة،استفاد منه -بشكل رمزي -بائعو بعض الآثار و النفائس و المجوهرات-و هذا ما أفقد المدينة قيمتها السياحية(بِيع الكثير تحت ظل الحاجة الماسة و الزهد في هذه الآثار و جهل قيمتها لو تمت المحافظة عليها) إلا أن الحالة الأمنية العام في العالم أثرت على حركة سياح الأجانب في ربوع هذا الوطن و خاصة المناطق القصية منه.