د. شيخنا حجبو
شكلت زيارة المتابعة الميدانية لصاحب المعالي الوزير الاول المختار اجاي لورشات القطاعات الخدمية التي تلامس بشكل يومي حاجيات المواطنين في الصحة والتعليم و الماء والكهرباء والبنية التحتية الخدمية المختلفة، والتي تقررت بتوجيه من صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية لتنمية العاصمة انواكشوط والمدن الداخلية، بإطلاق برنامج استعجالي رصدت له مبالغ مالية كبيرة، خصصت منها 57 مليارا للعاصمة انواكشوط وحدها، شكلت هذه الزيارات منعطفا لافتا في فلسفة الاشراف على متابعة مشاريع التنمية، تميزت بالتصميم والمثابرة لمراقبة سير تلك الورشات المقررة في برمانج تمنية العاصمة والوقوف الميداني لمعرفة مستوى تقدم الأعمال، ومدى التزام المعنيين باحترام دفتر التزاماتهم، وقد كشفت المعيانات المتكررة عن معطيات مبشرة، وبانت عن ديناميكية فعالة تسير وفقها وتيرة الأعمال، اعطت مؤشرات إيجابية أن برنامج التنمية المقرر سيكتمل في الآجال المقررة له، رغم ضخامته وقصر المدة الزمنية المخصصة لإنجازه.
وما كان لمثل هذا البرنامج، بهذا الحجم، أن تسير وتيرته على هذا النحو، لولا أن الحكومة شددت في البداية على احترام الجدولة الزمنية، ووفرت كل الضمانات للمعنيين بإنجازه، إداريا وماليا، وتحرير المجال الجغرافي الذي يشكل الإطار المقرر للخدمة العمومية المشرع فيها، والأمر الأهم من ذلك، شعور الجميع بالجدية والصرامة والتصميم الذي كشفت عنه الحكومة والحضور الميداني لصاحب المعالي والمتابعة اليومية لتقدم الأعمال في كل الورشات وتقييم مستوى أدائها، ومعرفة مدى توفر كل مستلزمات الإنجاز لعملها، وهو ما شكل دفعا حقيقيا للعمل وسرعة في وتيرة تقدمه.
فعندما تكون الرؤية واضحة ويلازمها التصميم والإرادة دون تردد ولا ارتباك، وتتكئ على دقة التنظيم، تنظيم الموادر وترشيدها والمتابعة الدقيقة فيما تصرف فيه وعلى اي نحو تصرف، فإن الديناميكية المتبعة تصبح خلاقة وتأخذ حيزها الأكبر في العمل وتصبح هي السمة الغالبة عليه، وعندها ترافق النتائج مسار العمل، فيتطابق الزمن مع العمل، وقد يتقدم العمل على الزمن المخصص لإنجاز الاعمال، وقد سمعت من صاحب المعالي معلومة في هذا المعنى ذكرها في الزيارة الميدانية لمتابعة الأعمال، فقال إن بعض الورشات يتقدم العمل فيها بخطوة على الزمن المحدد لانجازها، وهذا لعمري لو أصبح هو السمة البارزة لورشات التنمية المتبعة على عموم البلاد لتنفيذ برنامج صاحب الفخامة " طموحي للوطن"، للزم على رئيس الجمهورية إضافة ملحقات جديدة على برنامجه تُعمق جوانب النهضة التي يعمل على تحقيقها واتساع مشمولاتها .
ذلك أن وضع الخطط، اية خطط، غالبا ما تنطوي على مرونة ما، تمكن من التكيف والتعامل مع المتغيرات سلبا وايجابا وتلك المرونة بالتأكيد موجودة في برنامج صاحب الفخامة كبرنامج خطة للتنمية والنهوض بالبلد، وضعت لمدة مأمورية من خمس سنوات، وقد وضعت كخطة بحساب الزمن الاعتيادي المتعارف عليه في وضع وانجاز البرامج الانتخابية لأي مرشح للرئاسة يتولي أمر المجتمع، وقد جربنا تباطؤ الديناميكيات في أكثر تجارب البلاد وضوحا، رغم أننا شاهدنا في المأمورية المنصرمة للسيد الرئيس فرقا كبيرا في هذه السمة التقليدية للبرامج وديناميكية انجازها، حيث تحقق تقدم كبير في إنجاز برنامج " تعهداتي " قدر بنسبة تزيد على 90%, ولولا جائحة كفيد 19 التي باغتت الدولة والمجتمع، والتي فرضت اعتماد خطط وبرامج لم يكن مبوب عليها في " تعهداتي" وجعلت الدولة تفكر في كيفية إنقاذ المجتمع من الكارثة كأولوية، لكان " تعهداتي " قد تحقق مائة في المائة وأضيفت له ملحقات توسع نطاق التنمية ومجالاتها، ولصار وثيقة تدرس في الجامعات للطلبة المتخصصين في التنمية، ووثيقة يرجع إليها الساسيون عند وضع اعلاناتهم السياسية وبرامجهم الانتخابية، ورغم الجائحة وهولها وما ضاعفته من تكاليف إضافية في تدبير شؤون الدولة والمجتمع، فإن " تعهداتي "شكل مدخلا تنمويا ممتازا لوضع برنامج تحديثي عصري كبرنامج " طموحي للوطن " الذي تشرف الحكومة على تنفيذه الآن، ونتابع معها مراحل تقدم انجازه، وانجاز دعامات قوية مرافقة له كبرنامج " تعهد" " طموح" للشعب تمثلت تلك الدعامات في برنامج تنمية المدن ومنها العاصمة التي نطالع يوميا وبشكل ميداني تقدم الأعمال في ورشاتها .
إن الخلاصة التي يمكن أن نصل إليها هي ان المتابعة
الدقيقة والإشراف المباشر من الحكومة و التشديد على احترام دفاتر الالتزامات للمعنين بإنجاز الأعمال والصرامة معهم بعد وفاء الدولة بمستحقاتهم وتوفير كل مستلزمات نجاح عملهم، يظل الأساس الجوهري لتقدم مشاريع التنمية على كل الصعد، وتحقيق الأهداف المرسومة في فلسفة التنمية كما يُوثقها برنامج "طموحي للوطن " ويتم تنفيذ البرنامج في المستقبل قبل أوانه والمدة الزمنية المحددة له، وترتب على ذلك إضافة ملحقات " لطموحي للوطن " تعمق النهضة وتوسع من نطاق مشموليتها، وهو ما نراه في الأفق من خلال هذه الديناميكية المتبعة من طرف الحكومة، فإذا ما تواصلت بالوتيرة التي هي عليها الآن، ورافقتها ديناميكية مجتمعية يشارك فيها الجميع ( الأحزاب و المنتخبون والمجتمع المدني والنقابات والمنظمات الأهلية والأئمة والمؤسسات الإعلامية والناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي ...الخ) .
ويقوم كل من هؤلاء بدور في التعبئة المجتمعية، لهذه الحملة التنموية الكبرى، والتي ساعدت الدولة في تسهيلها من خلال المنصات التي وفرتها للجميع، فإن تنفيذ برناج السيد الرئيس سينجز على نحو مبدع وفي آجال متقدمة على تلك التي وضعت له.
وهنا نخلص الى النتيجة الثانية وهي ان الحكومة بمتابعتها للمعنيين بتنفيذ البرامج والخطط حسب دفتر الالتزامات والنزول الميداني المنتظم والصرامة في فرض احترام الاجال، ستقدم درسا جديدا استثنائيا على القاعدة المتعارف عليها منذ مدة طويلة في نمط التسيير والمتابعة لشؤون الدولة والمجتمع، لم يكن معهودا على الإطلاق في فلسفة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وهي بذلك تاخذ يد المجتمع نحو رؤية متبصرة وواعدة لمستقبل دولة ومجتمع يشعران بالمسؤولية العالية وينميان في الفرد الإحساس بالانتماء الى دولة ومجتمع جديرين بخدمته لهما.
والخلاصة الثالثة التي نخرج بها هي أن صاحب المعالي في خرجته الأخيرة لمتابعة تنفيذ المشاريع، وضع الأصبع على الأعطاب الحقيقية وعلى كيفية مداواتها، و أبرز العوائق الأساسية التي قد تعرقل أو تحد من دياميكية التنمية المشرع فيها، وخاصة منها تلك المتعلقة بعزوف المواطنين - والشباب على الخصوص - عن الولوج إلى الأعمال وخاصة الاعمال التي يزاولها الأجانب، و الحرفية منها على الخصوص، لم يفوت الفرصة في تقديم درس وطني بالغ الأهمية والوضوح في أهمية انخراط الوطنيين في التنمية من خلال مزاولة كل الأعمال المتاحة، وتبدى استعداد الدولة لتكوينهم، إن رغبوا في العمل.
لأنه من العيب، كل العيب، أن يتأخر أو يتعطل تنفيذ المشاريع، لنقص في أدوات البناء والأسمنت موجود والماء والكهرباء، لمجرد أن المواطنين يترفعون عن مزاولة الأعمال، أو لأن المقاولين يتحايلون لرفع أسعار مواد البناء، فوالله
لو مالوا ميلا هكذا وعزف الشباب عن العمل في الحرف غير المصنفة، وتعطلت المشاريع ذات الصلة بالبناء، لتدعون سيدي الرئيس الهندسة العسكرية لتحسم الأمر في أيام وتفتحون لها نظام الصفقات، ليعرف الجميع كيف أن الدولة قادرة على توفير كل البدائل لتسريع عجلة التنمية، وبذلك تلقنون درسا قاسيا للمقاولين أيا كان مجال استثمارهم عندما يتعمدوا
خنق الدولة لجني الأرباح على حساب الخدمة العمومية ومشاريعها الاستعجالية خاصة.