يديعوت أحرونوت: «مركبات جدعون»… عملية بلا نصر

مع إعلان نهاية العملية البرية المحدودة المعروفة باسم «عربات جدعون»، تلوح في الأفق أسئلة مصيرية حول جدوى الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة. العملية التي بدأت منتصف مايو 2025 بدعوى استعادة الأسرى وتدمير قدرات «حماس»، لم تُسفر سوى عن صورة إعلامية رمزية لاستسلام ثلاثة عناصر من الحركة شمال القطاع.

ورغم تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي بأن الاحتلال الكامل لغزة ممكن عسكريًا خلال عدة أشهر، فإن التقديرات الميدانية تشير إلى أن «تطهير» القطاع تحت الأرض وفوقها سيستغرق سنوات، وسط استنزاف متزايد لقدرات الجيش وتهديد مستمر لحياة الجنود.

أهداف لم تتحقق

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، فشلت العملية في تحقيق أبرز أهدافها:

  • لم تتم استعادة أي أسير.
  • لم تُهزم «حماس» عسكريًا في معاقلها الكبرى (وسط وغرب القطاع).
  • لم تُجهّز بيئة لإقامة «واقع أمني جديد» في القطاع.
  • انتهى الأمر بتكلفة بشرية ومادية باهظة: 41 قتيلًا في صفوف الجيش، وعشرات الجرحى، وخسائر مالية تقدر بنحو 25 مليار شيكل.

الجيش يعرض خطة بديلة

في ظل هذه الوقائع، اقترح رئيس الأركان الإسرائيلي بديلًا «متواضعًا»: الاكتفاء بالبقاء في محاور إستراتيجية مثل محور «بيتور» و«فيلادلفي»، وتنفيذ غارات محدودة لمنع إعادة تموضع «حماس». هذا الطرح سيُعرض قريبًا في الكابينيت الوزاري، وسط خلافات داخلية حول استدعاء المزيد من قوات الاحتياط وإطالة أمد المعركة.

الجدل حول المساعدات

رغم التقدم العسكري المحدود، سمحت الحكومة الإسرائيلية بإدخال مساعدات إنسانية ضخمة إلى غزة، الأمر الذي قوبل بانتقادات من ضباط كبار في الجيش. هؤلاء حذروا من أن استمرار تدفق المساعدات دون تحقيق انتصار ميداني يعزز رواية «التجويع» التي تروج لها «حماس»، كما يمنحها فرصة لاستعادة جزء من قدراتها اللوجستية.

بالموازاة، اعترف مسؤولون عسكريون بأن بعض عمليات إسقاط المساعدات من الجو كانت «دعائية»، إذ لم تتجاوز حمولتها شاحنة ونصف في بعض الأيام، وسط تهديد فعلي من سيطرة «حماس» على هذه المواد.

تسوية المباني.. تكتيك يتحوّل إلى استراتيجية

خلال العملية، لجأ الجيش إلى تسوية آلاف المباني الفلسطينية بالكامل، بزعم تقليص المخاطر على الجنود وتوفير «مساحات مناورة» مستقبلية. قادة ميدانيون وصفوا هذا التكتيك بـ«الضروري» لضمان السيطرة، في مقابل تراجع قدرة «حماس» على استخدام الأنفاق أو الهجمات المفاجئة.

اللافت أن هذه السياسة قد تُمهّد لتغيير جغرافي في القطاع، إذ يتم الحديث عن ضم «منطقة عازلة» بين غزة والحدود، ما يعكس نية إسرائيلية لإعادة تشكيل خريطة غزة، وهو ما قد تستخدمه «حماس» لتعزيز صورتها كمقاومة.

مشهد النهاية: حرب طويلة دون أفق

على الأرض، لم يعد الجيش الإسرائيلي يشنّ هجمات موسعة، بل يتمركز في نقاط دفاعية ضمن مناطق مهدمة، ويعاني من إرهاق ميداني. في المقابل، ما زالت خلايا «حماس» قادرة على الصمود، فيما يخشى قادة ميدانيون من فقدان الزخم ومن ضياع ملف الأسرى.

في ظل ذلك، يتقاطع الفشل العسكري مع المأزق السياسي، ومع حقيقة أن إسرائيل لم تُنهِ «حماس»، بل منحتها فرصة جديدة لتعزيز سرديتها ومراكمة النفوذ في المشهد الفلسطيني، رغم كل الخسائر.