مواقف وانطباعات عن موريتانيا (حصري / الجديد نيوز)

أسماء جلال محمد البطاوي


شاعرة وكاتبة مصرية حاصلة على دبلوم الدراسات العليا بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية، لها مشاركات متميزة في العديد من المهرجانات الشعرية، كتبت عنها دراسات نقدية، تم اختيارها لتوثيق اسمها بموسوعة  الشعر النسائي العربي المعاصر التي أعدتها الباحثة المغربية فاطمة بوهراكة. 


شعراء موريتانيا: الشعرية وملامح الوطن


منذ عهد بعيد كانت صلتي بالشعر الموريتاني(الشنقيطي) من خلال متابعة الشعراء قديما وحديثا، وقراءة الدراسات الكثيرة التي رصدتها حركة الفعل الشعري عندهم، ولعل أبرزها قديما وهو المرجع المعتمد لدى كثير من الباحثين في الشعر الموريتاني"الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" لمؤلفه أحمد بن الأمين والذي طبع أربع طبعات نظرا لأهمية البالغة،وكيف نشأت الظواهر الفكرية والثقافية خاصة في التكوين الشعري، والفاصل الزمني بين نشأة الشعر ودخول الإسلام والذي أعطى طابعا جديدا لشعرهم.
والمتوغل في الشعر الموريتاني يجد أنه يستطيع تصنيفهم إلى مدارس أدبية وأسلوبية. كما فعل الدكتور محمد المختار ولد أباه ومن قبله يوسف مقلد في كتابه الموسوم بـ" شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون" وقد أسعدني الحظ بلقاء أخي الشاعر سيدي محمد المهدي أثناء مشاركتي ببرنامج "أمير الشعراء" في موسمه العاشر.
وشعراء موريتانيا يستلهمون طبيعة أرضهم وموطنهم، ويسقطون في نصوصهم على الشخصيات التاريخية أو الدينية ليصعدوا بالنص إلى فضاءات شعرية متدفقين في أحوال كتابتهم.
هم أيضا يقفون على مواضع الجمال ويرصدون فكرة تظل نصوصهم ممسكة بخيطها منذ البيت الأول وحتى نهاية القصيدة..كذا لم تخل حياتهم ـ من خلال تواصلنا على الصعيد الأدبي ـ من مواقف إنسانية بدت فيها شخصيتهم سمحة هادئة، وفي رأيي الشخصي أنه طابع يتمثل في كل شعراء موريتانيا الذين عرفتهم.
وتتجلى ثقافة الإسلام حاضرة في أبياتهم، وكيف يستعملون التناص مع القرآن الكريم في أكثر من موضع، وقد بدا ذلك جليا في ديوان "محمد ولد أبنوا حميدة" الذي جمعه وحققه ووضع حواشيه الأستاذ: أحمد ولد حبيب الله وقد نوقش كعمل جامعي في جامعة القاهرة.
كما أنهم أجادوا في شعر الغزل وأبدعوا في مناشدة المحبوبة من خلال أشعارهم الغزلية، ويتراءى  للقارئ وهج الصحراء يتمدد من خلاله.
حقيق ـ إذن ـ أنها أرض المليون شاعر ورغم ذلك لا يعرف الكثيرون منا أو لا يكادون يعرفون الكثير عن الأدب الموريتاني قصيده ونثره..هنا أقول صار الأمر منوطا بأبناء موريتانيا أنفسهم أن ينهضوا بالتعريف بالتجربة الموريتانية الأدبية، كما ينبغي لها.
ذلك أن الكثير من مصادر الأدب الموريتاني قد ضاعت وتعرضت للنهب والحرق من المستعمر الفرنسي، وهناك الكثير من المخطوطات عليهم أن ينفضوا عنها الغبار ليقرأها العالم، فالأدب الموريتاني سلسلة من التاريخ والأحداث والقيم التي يجب أن تكون موضع احتفاء