الجديد نيوز/ محمد سيدناعمر
يمكن وصفها بـ"المرأة الحديدية" في موريتانيا..تربت في وسط اجتماعي محافظ، وبين جهات مختلفة من الوطن..أكملت تعليمها الابتدائي والثانوي في ظرف زمني وبيئة اجتماعية لا تهتم كثيرا بتعليم المرأة، ثم سرعان ما حلق بها الطموح إلى دولة غربية تقدس العمل والحرية المسؤولة.
كان والدها إطارا ساميا في الدولة مما جعله يعي قيمة تعليم الفتاة ووصولها للوظيفة..
تكوينها العلمي وسفرها للخارج(بلجيكا) واحتكاكها بحضارات أخرى كان له دور كبير في مسارها المهني المستقبلي.
اعتمدت على نفسها منذ البداية فأسست شركة للمعلوماتية في تعبير عن طموحها بدخول بلدها عالم التقنية الرقمية.
حطت عصا الترحال بأول وظيفة رسمية عبر البوابة السياسية كرئيسة لبلدية تفرع زينة
سعت بكل جهد لتمكين المرأة من النفاذ إلى مراكز القرار باعتبار ذلك عنوانا لمكافحة التخلف وتكريسا للقاعدة الديمقراطية في المساواة .
السيدة فاطمة بنت عبد المالك في الصورة القلمية التالية.
مسار مهني حافل ..
تم تنصيبها رئيسة لأهم بلدية في العاصمة (تفرغ زينه) .. واختيرت بعد اقتراع 2018 رئيسة لجهة نواكشوط.
تمثل البلدية التي كانت رئيستها مفارقة كبيرة بنواكشوط في هذه البلدية تنتشر القصور وتختال السيارات الفارهة في شوارع فسيحة بأحياء راقية في الوقت الذي تطوق أحزمة الفقر والبؤس باقي بلديات العاصمة.
أدت هذه الصورة القاتمة إلى تفاوت كبير في مستوى الخدمات المقدمة وضعف البنية التحتية مما انعكس سلبا على المقيمين فيها.
عملت بنت عبد المالك مع العمد على تحسين خدمات تلك البلديات والقضاء على أحزمة الفقر والبؤس التي شوهت منظر نواكشوط المدينة التي شبت على الطوق.
شخصية قوية..ونظرة ثاقبة
السيدة فاطمة بنت عبد المالك نموذج للمرأة الموريتانية الناجحة مهنيا وسياسيا في بلد يوصف بهيمنة الرجال على الحياة العامة والسياسة .
خلال عملها الرسمي مثلت البلاد في عديد المحافل الدولية والإقليمية والقارية ..كانت ملحفتها خيرعنوان وسفيرا للثقافة المحلية ..حصلت على عديد التكريمات والجوائز المحلية والإقليمية عن دورها الرائد في مجال العمل البلدي ولريادتها ومساهمتها في العمل الخيري.
تعرف بعلاقاتها الواسعة محليا وإقليميا ودوليا..سخرت كل مجهـوداتها لخدمة الوطن وتمكين المرأة الموريتانية في دوائر القرار وتقديم صورة نموذجية عنها في كل مكان.
يصفها فاعلون في هيئات دولية بأنها:"ذات نظرة مستقبلية ثاقبة "
وتقول عن نفسها:"حرصت على تحاشي المصافحة في المحافل الدولية وبإمكان المرأة الموريتانية فعل ذلك"
وتؤكد:" التشبث بالقيم والأخلاق يكسب المرأة الموريتانية احترام الآخر في المحافل الدولية"
السياسة ... الميدان الكبير
في بلد يتنفس الجميع السياسة حرصت على أن تُكوّن تيارا خاصا وداعما لها يضم نخبة من أطر البلد ومثقفيه ورجال الأعمال والمنظمات الشبابية والنسائية والرياضية.
كان تيارها قـزحي الألوان؛ كل الجهات والانتماءات حاضرة.
على بلدية الأغنياء ـ كما توصف ـ تربعت (20 عاما) وبإرادة الأصوات الناخبة كانت تفوز لتتوج بالرقم الأول .. إنها المرأة الحديدية التي قهرت تخلف مـجتمع السبعينات وتحدّت الغربة وتحلت بالمسؤولية والعلم في سبيل الوصول للمناصب في بلد تحكمه عقلية الرجال.
تسعى بنت عبد المالك إلى أن تتبوأ المرأة مراكز هامة في صنع القرار..تقول من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة:" كان من المستحيل أن تصل المرأة لمنصب عمدة أو إلى مركز من مراكز القرار بسبب الخلل في آلية الاختيار لدى المجتمعات المتخلفة والذكورية، لكنني من الذين يؤمنون بأن المرأة يجب أن تحصل على مناصب محلية نظرا لمرونتها وعلاقتها الوثيقة بالمواطنين والقدرة على الاستماع لهم وحل مشاكلهم"
عنوان للمرأة الناجحة ..فرضت نفسها في مراكز القرار.. تدعو لتمكين المرأة .. كانت خير سفير للملحفة والقيم الموريتانية في كل المحافل .
في زمن السرعة وطغيان الميوعة خطت نهجا وسطا يجمع بين قيمة العمل وقدسية الثوابت الوطنية .