محمد ولد أعمر/ الجديد نيوز
هنا نواكشوط نشرة الأخبار مع..
صوت جهوري طالما شنف أسماع الموريتانيين عبر الأثير طوال عقود مضت.
عرفه المستمعون مقدما للأخبار بالإذاعة الوطنية..
شخصية عصامية؛ كان ضمن "الرعيل الأول" من المثقفين الموريتانيين؛ الذين ساهموا في وضع لبنات الدولة الوليدة في مجال الثقافة وتوعية المجتمع.
عاش في كنف اليتم .. ربته أمه أحسن تربية فحفظ القرآن وهو صغير.. توجه إلى جوهرة الصحراء مدينة ولاته التاريخية حيث الحضارة وعبق التاريخ؛ هنالك نهل من معين المعرفة الزلال.
كانت الأقدار تنسج خيوطها؛ لتقوده في رحلته الأولى إلى العاصمة نواكشوط ..تصادفت عودته من ولاتة إلى النعمة مع عرض عسكري منظم بالمدينة..
رافق القافلة العسكرية في طريق العودة إلى العاصمة نواكشوط..
وصل المدينة التي كان متشوقا لرؤيتها وتحمل ذاكرته صورا شتى عنها..بعد فترة استكشاف وبحث عن فرص العمل لم يوفق في البحث عن ضالته..
شد الرحال إلى الجارة السينغال، حيث الحضارة مزهوة هناك من بنية تحتية راقية، وأصناف من البشر يمثلون تعايش دول مختلفة كثيرة..
مكث ثلاث سنوات في التجارة مع اللبنانيين، ثم قفل راجعا إلى الوطن من جديد.
هنا نواكشوط .. الجملة الشهيرة !
يروي الإعلامي المخضرم دده محمد الأمين السالك قصة التحاقه بالعمل في الإذاعة الوطنية نهاية السبعينات قائلا: أنشئ المركز الوطني لإنعاش الشباب، كان المتنفس الوحيدة لهذه الشريحة وكنت دائم التردد عليه..
أعجب مديره "ببهاء ولد أحمد يوره" بأدائي ذات ليلة فأخبرني بأن صوتي مناسب للإذاعة؛ ووعدني بأنه سيكلم صديقه مدير الإذاعة آنذاك سيدي ولد الشيخ..
من هنا كانت البداية.
خضعتُ لتجارب صوتية ناجحة وتمت إحالتي لقسم الأخبار الذي عملت فيه لعشرين عاما.
يذكر الإعلامي (دده) أن من بين البرامج الإخبارية التي كان يقدمها في تلك الفترة والتي نالت استحسان المستمعين: إطلالة على العالم ـ وجولة مع الأحداث.
دده شخصية وطنية مثقفة تجمع بين علوم القرآن وفتوة البيظان، له روح مرحة وصاحب دعابة وعلاقات واسعة خاصة في الوسطين الثقافي والإعلامي.
ختامه مسك
بعد 20 عاما قضاها دده نجما متألقا في غرفة الأخبار بالإذاعة الوطنية تمت إحالته لقسم البرامج .
بفضل ثقافته المحظرية، وتجاربه الغنية الواسعة، واصل تألقه في برامج تجمع بين الإفادة والمتعة.. كان يعتمد ـ أيضا ـ في نجاج برامجه على حسن الأداء وجمال الصوت وأريحيته مع الجمهور ودعابته المعروفة.
لا يعرف الكثيرون أن الدده عمل في الصحافة المكتوبة؛ فقد كان مدير مكتب المحرر ومراسلها في غرب إفريقيا، وعمل في صحف وطنية كـ"شنقيط وموريتانيا الغد ومرآة المجتمع"
وصفه العلامة الراحل حمدا ولد التاه بأنه: "صاحب شخصية عبقرية تجمع بين فنون يصعب الجمع بينها، فهو ملم بدقائق علوم القرآن الكريم، وأسرار اللغة العربية، ومتضلع في الموسيقى الوطنية (أزوان) كما أنه صاحب حديث لبق يسحر الألباب"