العقد الاجتماعي "ميثاق التوازن للوطن"

 إزيدبيه المصطفى عبد الله

في فضاء رمزي يمد جسرا بين الماضي والحاضر تحت خيمة عريقة أظلت بالحكمة اجتمعت شخصيات موريتانية معروفة بعمق التفكير والبصيرة المستنيرة.
وقد مثلت فرصة سانحة استغلها المبدع "ديلول" لدعوتهم لمؤتمر عاجل على شاطئ شنقيط غير بعيد من ضفة النهر حيث تلتقي كثبان أوكار مع مرتفعات تيرس وسط جبال تگانت.
استجاب الحاضرون وعبروا عن رغبتهم بأن يكون المؤتمر جادا وصريحا حتى تكون له نتائج إيجابية.
سارع المبدع "ديلول" في وضع تصور ومحاور لتكون لبنة لما سيتدارس من أفكار في المؤتمر وخلص إلى أن الهدف هو بلورة مسودة عقد اجتماعي للأمة الموريتانية لتكون مادة مركزة للحوار الوطني كما حدد عنوانا للمؤتمر وهو: مؤتمر اتويزة.
الحاضرون:
* ديلول 
* لبرود
* المهموم 
* كلي 
* بعشرين أظفر 
جلسة الحوار
ديلول : على قدر أريحية المقام لا ترتاح كلماتي من استباقها طلائع التعبير لتعبر لكم عن سعادتي بحضوركم جلستنا هذه التي نعول عليها كثيرا في صياغة رؤية تستند إلى أسس فلسفية وسياسية رصينة آخذة في الاعتبار البيئة الحضارية الموريتانية والخصوصية الثقافية وذالك من أجل طرح حلول للمشاكل البنيوية المعيقة للدولة الموريتانية بعد تشخيص وقراءة متأنية للواقع الحالي.
حضر معنا هذ المؤتمر إضافة إلى المفكر الكبير كلي كل من:
المهموم: ممثلا عن الشعب المطحون
لبرود ممثلا عن الطبقة المتحكمة في أدوات السلطة 
بعشرين أظفر الممثل للنخبة الغائبة.
المداولات السرية
البيان الختامي:
تحت خيمة ترمز للوحدة والانفتاح انعقد مؤتمر اتويزة تحت عنوان الشراكة الوطنية من أجل التنمية والاستقرار وبعد دراسة وتمحيص للواقع والتحديات خلص المؤتمرون إلى ورقة أجملوا فيها رؤيتهم للحلول وعنونوها ب: ميثاق التوازن الوطني 
وقرروا أن يبعثوا بيها إلى الحوار الوطني.
ميثاق التوازن الوطني
مقدمة:
تمر موريتانيا بمرحلة صعبة من تاريخها الحديث وهو ما يتطلب حلول مبتكرة ومستدامة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
إن التحديات التي تواجهنا متشعبة وكثيرة لكن أهمها هو التباين الاقتصادي والاجتماعي،الصراعات السياسية،غياب التوازن بين مختلف القوى وهو ما يتطلب صياغة عقد اجتماعي يحدد العلاقة بين القوى المتحكمة في السلطة من جهة وبين السلطة والشعب من جهة أخرى ومن هنا يأتي مقترحنا هذا والذي يمثل عقد اجتماع تحت عنوان:
ميثاق التوازن الوطني 
- أهمية ميثاق التوازن الوطني: الميثاق الوطني يمثل اتفاق يفترض أن يتم بين الأطراف ويتضمن توزيع السلطة بينهم بحيث يسود الاحترام المتبادل بين مختلف الأطراف داخل المجتمع مع التأكيد على المسؤولية المشتركة. التوصل إلى ميثاق يعكس توازنا حقيقيا بين النخب السياسية والمنظومة الحاكمة و رأس المال والمجتمع المدني. سيعزز استقرار الدولة ويفتح آفاق لخلق تنمية مستدامة.
هذا الميثاق يمثل خطوة مهمة نحو ارساء عقد اجتماعي يضمن مشاركة جميع الأطراف في العملية السياسية واتخاذ القرارات.
الدلالات الفلسفية والسياسية للميثاق:
الميثاق يجب أن يبنى على أسس واضحة تأخذ في الاعتبار تاريخ البلاد وتحدياتها الخاصة ومن أبرز هذه الأسس المقترحة 
1- الهوية:
لا يمكن لشعب أن يبني دولة في ظل الميوعة والخلط بين هوية الدولة واحترام التنوع العرقي والثقافي حيث أن الهوية موحدة وهي ضرورية لتكون أداة تواصل بين المجتمع بكافة مكوناته بينما التعدد العرقي هو مصدر ثراء ينبغي تعزيزه بالاحترام التام للخصوصية الثقافية واللغوية لكل مكون إذا حسم الهوية اللغوية ضروري.
2- المشاركة المتساوية:
يضمن الميثاق أن تكون جميع الأطراف شريكة في اتخاذ القرار 
3- العدالة الاجتماعية و الاقتصادية:
يعمل الميثاق على تحقيق العدالة الاجتماعية بحيث يتساوى الجميع في الوصول إلى الفرص الاقتصادية والتعليمية مع توزيع عادل للثروة 
4- التعددية والاحترام المتبادل:
يرتكز الميثاق على القبول بالتعددية السياسية والعرقية وتعزيز الحوار الوطني لضمان التفاهم المتبادل 
5- تعزيز سيادة القانون والمؤسسات:
يضمن الميثاق احترام الدستور والقوانين ويؤكد على أن الجميع سواسية أمام القانون مع ضرورة تعزيز استقلالية المؤسسات التشريعية والقضائية
6- تعزيز محاربة الفساد :
الفساد هو أساس البلاء ولتعزيز محاربته ينبغي إن شاء هيئة وطنية دستورية معنية بمحاربة الفساد منبثقة من البرلمان حتى تكون لها استقلالية عن الجهاز التنفيذي
آ ليات تنفيذ ميثاق التوازن الوطني
من أجل ضمان نجاعة ميثاق التوازن الوطني يجب أن تتوفر آليات محددة لتنفيذه ومن أجل ذالك نقترح    الآليات التالية
1- حوار وطني شامل:  
   يجب أن يبدأ الميثاق بحوار شامل بين منظومة الحكم، النخب السياسية، والتجار. هذا الحوار يجب أن يكون مدعومًا من قبل المجتمع المدني مع ضمان مشاركته الفاعلة فيه وفي صنع القرارات. 
2- إطار دستوري وقانوني:  
   يتطلب تنفيذ الميثاق إدخال تعديلات دستورية تتعلق بتوزيع السلطة بين الرئاسة، الحكومة، والبرلمان، وفصل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عن التبعية للجهاز التنفيذي.
3- آليات الرقابة والمساءلة:  
   يجب أن يتم تشكيل هيئات رقابية مستقلة لمتابعة تنفيذ الميثاق وضمان الالتزام بجميع بنوده. يمكن أن تشمل هذه الهيئات المحكمة الدستورية ،المجلس الدستوري 
4- مشاركة الجميع في التنمية الاقتصادية:  
   يجب أن يتضمن الميثاق آليات واضحة لضمان أن جميع الأطراف تشارك بشكل فعال في التنمية الاقتصادية، من خلال مشروعات تنموية تركز على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين مستوى معيشة المواطن.
التحديات المحتملة التي قد تواجه تنفيذ الميثاق
رغم الأهمية الكبيرة لميثاق التوازن الوطني، قد يواجه تطبيقه عدة تحديات، من بينها
1- فقدان الثقة بين الأطراف:  
   بسبب تاريخ طويل من التوترات السياسية بين مختلف الفاعلين في المشهد السياسي والسلطة قد يكون من الصعب بناء الثقة بين الأطراف المعنية وهو ما يتطلب  جهودًا إضافية لبناء علاقات قائمة على الثقة المتبادلة بين الجميع.
2- التفاوت الاقتصادي:  
   يعاني الشعب  من التفاوت الاقتصادي بين مختلف الفئات، وهو ما قد يعيق جهود تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بشكل عادل.
3- التحديات الإقليمية والدولية:  
   قد يؤثر السياق الإقليمي والدولي في تنفيذ الميثاق، حيث تتداخل موريتانيا في منطقة تشهد الكثير من التحديات الأمنية والسياسية.
النتائج المتوقعة من تنفيذ الميثاق
إذا تم تنفيذ ميثاق التوازن الوطني بنجاح ، فإن النتائج المتوقعة ستكون إيجابية بشكل كبير، وتشمل:
1- استقرار سياسي طويل الأمد:  
   سيكون الميثاق أساسًا لبناء دولة مؤسساتية يحكمها الدستور والقوانين، مع ضمان توازن بين السلطات.
2- تحقيق العدالة الاجتماعية:  
   ستساعد آليات الميثاق في تقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف الفئات في المجتمع الموريتاني.
3- تعزيز النمو الاقتصادي المستدام:  
   من خلال تعاون التجار والنخب السياسية في تحقيق التنمية الاقتصادية، سيتحقق نمو اقتصادي مستدام.
4- ترسيخ الديمقراطية:  
   سيؤدي التوزيع العادل للسلطة إلى تعزيز الديمقراطية وإرساء الانتخابات الحرة والنزيهة كآلية أساسية للتغيير السياسي.
الخاتمة
ميثاق التوازن الوطني يمكن أن يكون نقطة تحول مهمة نحو بناء دولة مستقرة. من خلال وضع نظام توازن بين منظومة الحكم والنخب السياسية ورأس المال أو التجار، سيضمن الميثاق عدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية مستدامة، مع التركيز على الاستقرار السياسي. إن التزام الأطراف المعنية بتنفيذ هذا الميثاق بشكل دقيق سيكون هو العامل الحاسم في تحقيق النجاح، مما يضمن لنا مستقبلاً أفضل