"رب صدفة خير من ألف ميعاد"
في دهاليز وزارة الثقافة اليوم التقيت الكاتب الصحفي صاحب القلم الرّشيق إقريني ولد أمينوه.. شاب يُلقي تحية الوداع على عقده الثالث، وقد راكم من الخبرة في مجال صاحبة الجلالة ما جعله واحدا من أساطينها الذين يشار إليهم بالبنان.
كان يرتدي ثيابا خفيفة بيضاء نقية كقلبه العامر بالجمال.. دار بنا شريط الذكريات إلى الزمن الجميل بتوجنين، وعلاقات الودّ التي تربطنا.
سررتُ باللقاء؛ لكنّه نكأ جرحا غائرا في سويداء الفؤاد عمره يزيد على ثلاث عقود، ذكرتني ملامح الصحفي الشاب بالراحلة "نجدي" شقيقته التي كانت من شهداء طائرة تجكجة ـ تغمدها الله بالرحمات ـ كانت صديقة أختي فاطمة، بل قطعة من قلبها.. أذكر أن وقع الخبر الصاعق كاد يفقدها صوابها، لولا أنها تمالكت نفسها وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون..
وحين علمتُ (أنا) بالنبأ العظيم ظلل الحزن أفقي الصغير، وبكيت حتى شرقت ُبالدمع..
بعد اللقاء تفرقنا في دروب الوزارة، والتقينا ثانية في قاعة تضم الدوريات التي أصدرتها الوزارة، خاصة مجلة (الثقافة) التي أشرف عليها لسنوات الدكتور: الشيخ سيدي عبدالله، وكانت بصمته بادية عليها.
سأل إقريني وهو يُقلّبُ أعداد المجلة عن المسؤول عن قسم الدوريات وحين تأخر عليه الردّ، تأبط ما تيسر منها، وامتطى سيارته.
أخبرني المشرف حين التقينا، أن إقريني اتصل به، وأخبره بأنه اقتنى بعضها، وجرى بينهما حوار مفاده أنه كان ينبغي ألا يأخذ منها شيئا إلا بإذنه، قلت له: إن القارئ النهم لا يستأذن إذا ما رأى عنوانا يغريه بالمطالعة، وأن زميلي وأخي الأصغر (إقريني) واحد من هؤلاء القراء الذين يجب أن نفخر بهم ونشجعهم في زمن يعاني فيه الحرف المكتوب من الهجر والقطيعة.