الحيّة: القضية الفلسطينية عادت لمكانتها وإسرائيل معزولة دوليًا

أشاد رئيس حركة حماس في قطاع غزة، الدكتور خليل الحية، بصمود ومقاومة الشعب الفلسطيني وقدرته على مواجهة آلة القتل والعدوان والإرهاب الصهيونية.

جاء ذلك خلال كلمة له بمناسبة الذكرى الـ38 لانطلاق الحركة الفلسطينية.

وقال في كلمته: «تطلّ اليوم ذكرى الانطلاقة المباركة الثامنة والثلاثين لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في ظل واقع مختلف تشهده القضية الفلسطينية، وفي ظل مرحلة تحولات كبرى، نبذل كل جهد حتى تصبّ هذه المتغيرات لصالح شعبنا واستعادة حقوقه المشروعة».

معاناة قاسية

وأكد أن الشعب الفلسطيني يمرّ حاليًا بأيام صعبة ومعاناة قاسية، نتيجة العدوان الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية في غزة، وارتقاء ما يزيد على سبعين ألف شهيد من خيرة أبناء شعبنا، والذين كان آخرهم القائد المجاهد رائد سعد وإخوانه الذين كانوا برفقته، «هذا القائد الذي نذر حياته لدينه ووطنه، فعاش مطاردًا للاحتلال عشرات السنين».

وأكد في كلمته أن المقاومة لا تزال حيّة، وقيادتها ثابتة صلبة، «استطاعت بفضل الله أن تصمد وتثبت وتواجه باقتدار، وأكدت لجموع الأمة وأنصار قضيتنا أن هذا العدو يمكن هزيمته، وأن تحرير فلسطين ممكن إذا ما استند، بعد التوكل على الله، إلى التخطيط الدقيق والعمل الدؤوب والجهد الموحّد».

مكاسب القضية الفلسطينية

وشدّد «الحية» على أن الشعب الفلسطيني ومقاومته نجحا في تحقيق جملة من القضايا الاستراتيجية، تتمثّل في الآتي:

  1. كسر أسطورة الردع الاستراتيجي وادعاءات التفوق الأمني، إذ قدّمت المقاومة نموذجًا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لما يمكن أن يحدث حال تضافر الأمة وتعاونها للخلاص من هذا الاحتلال.
  2. التقدّم في عزل الكيان الصهيوني، وتقديم قادته وجنوده للمحاكم الدولية، وكشف وفضح صورته القبيحة أمام العالم باعتباره كيانًا إرهابيًا يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
  3. انهيار الرواية والسردية الصهيونية التي سيطرت زيفًا لعقود، وتولّد قناعات جديدة لدى النخب الصاعدة، وتغيّر المزاج الشعبي تجاه طبيعة العلاقة مع الكيان ومدى أخلاقية مواصلة دعمه.
  4. تعقيد وتراجع مشروع التطبيع الذي سعى العدو من خلاله لتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز هيمنته السياسية والاقتصادية والأمنية بعد ارتكابه جريمة الإبادة الجماعية وعدوانه على دول المنطقة، وحديث قادته عما يسمى «إسرائيل الكبرى» من النيل إلى الفرات.
  5. استعادة المكانة الطبيعية للقضية الفلسطينية التي تراجعت كثيرًا خلال العقود الماضية.
  6. صعود مشروع وبرنامج المقاومة على طريق التحرير والعودة، وتحوله إلى أمل للشعوب العربية والإسلامية ونموذج رائد في تحدي الاحتلال ومواجهته.
  7. سقوط الحدود الآمنة للكيان، إذ تعرّض للرد على عدوانه من غزة ولبنان واليمن وإيران والعراق، فلم تعد هناك حصانة لمواقعه العسكرية التي يستخدمها للاعتداء على الأمة.
  8. إحداث شرخ داخل المجتمع الصهيوني وزعزعة الثقة بالقيادة العسكرية والسياسية والأمنية، وبدء نقاش جاد حول مستقبل هذا الكيان ووجوده.

الضفة الغربية

وتناول «الحية» في كلمته التطورات في الضفة الغربية، مؤكدًا أن الاحتلال يسارع لتنفيذ مشروعه في السيطرة على الضفة المحتلة وطرد أهلها منها وسط صمت المجتمع الدولي «الذي يتجاهل حقوق شعبنا الثابتة، وفي القلب من هذه المعاناة يئنّ المسجد الأقصى الذي يتعرض لمخاطر التهويد والتقسيم الزماني والمكاني».

وأضاف: «يتعرض أهلنا في الضفة المحتلة لحملة إرهاب ممنهجة، تتكامل فيها سياسات الاحتلال العسكرية مع اعتداءات المستوطنين، عبر شبكة خانقة من الحواجز والأبواب الحديدية التي تقطع أوصال المدن والقرى، فضلًا عن القتل والاعتقال ومصادرة الأراضي وهدم المنازل والتهجير».

كما حذّر من المخاطر التي يتعرض لها المسجد الأقصى، الذي «يئنّ في ظل استهداف هويته وقدسيته، ويتعرض لمخاطر التهويد والتقسيم الزماني، إذ يقتحمه يوميًا مئات المستوطنين المتطرفين، يؤدّون فيه طقوسهم ويدنسون باحاته الشريفة، ويسعون لتقسيمه مكانيًا».

الداخل الفلسطيني «48»

وأثنى رئيس حركة حماس في غزة على صمود الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 في مواجهة الاحتلال والعنصرية والقمع ومصادرة الأرض وهدم البيوت، مؤكدًا أنهم، رغم ذلك، يواصلون الحفاظ على هويتهم الوطنية، ومشددًا على أنهم «جزء أصيل من شعبنا وقضيته الوطنية».

المهجر والشتات

وأكد الحية أن الفلسطينيين في المنافي والشتات ليسوا أحسن حالًا في مخيمات اللجوء، ولديهم فصولهم الخاصة من المعاناة والألم ومحاولات طمس الهوية، واستهداف العدو لهم، وكان آخر ذلك مجزرة الملعب في مخيم عين الحلوة في لبنان، التي أدت إلى استشهاد ثلاثة عشر من الفتيان.

أولويات المرحلة المقبلة

وأكد أنه، وفي ذكرى الانطلاقة، اعتمدت قيادة الحركة أولويات عمل خلال المرحلة المقبلة، تتمثّل في:

  • الاستمرار في خطوات وقف الحرب، ولا سيما استكمال المرحلة الأولى التي تشمل إدخال المساعدات والمعدات اللازمة لتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والبنى التحتية، وفتح معبر رفح في الاتجاهين، ثم دخول المرحلة الثانية لتحقيق الانسحاب الكامل للاحتلال والبدء في مشاريع الإعمار، مشددًا على تمسّك الحركة والفصائل الوطنية بالاتفاق.
  • التحرك المكثف من أجل الإغاثة وإنهاء معاناة شعبنا في قطاع غزة، والعمل على توفير مقومات الحياة الكريمة ووضع حد للأزمات الإنسانية الناجمة عن حرب الإبادة، وحتى لا تتكرر المأساة كما حدث خلال المنخفض الأخير الذي ضرب غزة وفلسطين.
  • العمل مع القوى والفصائل الفلسطينية لتحقيق الوحدة الوطنية، والتحرك لبناء مرجعية وطنية جامعة تسعى لاستعادة الحقوق، ولا سيما حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
  • التحرك على المستويين الإقليمي والدولي ومع القوى العالمية لتوسيع قاعدة التأييد لقضيتنا وحقوقنا، وإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني.
  • تفعيل الطاقات الإعلامية الوطنية والإقليمية والدولية لمواصلة فضح جرائم الاحتلال في غزة والضفة والقدس والسجون.
  • الدعوة والعمل لملاحقة الاحتلال قانونيًا وعزله سياسيًا ومحاكمة قادته أمام المحاكم الدولية لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
  • اعتبار قضية الأسرى في سجون العدو أولوية لدى الحركة وفصائل المقاومة، إلى جانب العمل على تحسين أوضاعهم الإنسانية وإنهاء السلوك الإجرامي بحقهم، وصولًا إلى تحريرهم الكامل.
  • المساهمة في استعادة وحدة الأمة، والعمل على إنهاء الانقسامات وتحقيق الوحدة بين مختلف مكوناتها في مواجهة العدو الصهيوني وسياساته العنصرية التوسعية.

نداء لحركة فتح

ووجّه الحية نداءً لحركة فتح لإنهاء الخلافات، قائلًا: «ندعو الإخوة في حركة فتح والسلطة الفلسطينية إلى كلمة سواء، والتوافق على برنامج عمل وطني مشترك، والعمل لإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية والمشروع الوطني، وإعادة بنائها وفق التفاهمات السابقة، وتفعيل برنامج الصمود والمقاومة الشاملة بكافة أشكالها وفق الإمكانات المتاحة، وإعادة الاعتبار للحياة السياسية الفلسطينية عبر صندوق الانتخابات».

إدارة غزة

وبشأن إدارة قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة، شدد على رفض الحركة «لكل مظاهر الوصاية والانتداب على شعبنا»، مؤكّدًا التوافق مع الفصائل الفلسطينية على القضايا الواردة في رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب.

وقال إن مهمة مجلس السلام هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة.

كما دعا إلى تشكيل لجنة من التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، مؤكّدًا جاهزية الحركة لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها.

وشدد على أن مهمة القوات الدولية يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة مع أراضينا في الـ48، من دون أي مهام داخل القطاع أو تدخل في شؤونه الداخلية.

الحق في المقاومة

وأكد أن المقاومة وسلاحها حق مشروع كفلته القوانين الدولية لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، ومرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى انفتاح حركة حماس على دراسة أي مقترحات تحافظ على هذا الحق مع ضمان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير لشعبنا.

مناشدة

وناشد الحية الأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم، قائلًا: «إن أهل غزة أوذوا كما لم يؤذَ مثلهم أحد، وصبروا كما لم يصبر مثلهم أحد، وهم اليوم في كرب عظيم، إذ اجتمع عليهم حصار العدو وركام المنازل وقلة الزاد وبرد الشتاء، وهم يناشدون فيكم إنسانيتكم للتخفيف من آلامهم والعمل السريع على إغاثتهم».

كما دعا الوسطاء، ولا سيما الضامن الأساسي «الإدارة الأميركية والرئيس ترمب»، إلى العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق وتنفيذه، وعدم تعريضه للانهيار أمام استمرار الخروقات وإعاقة المساعدات ومواصلة التدمير والقتل والاغتيالات، بما يهدد صمود الاتفاق.