مواقف وانطباعات عن موريتانيا (حصري / الجديد نيوز)

د.السيد خلف(أبو ديوان) 

بريق فوق ثريات الجمال.


شاعر مصري وأستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة،حاصل على جائزة القلم الحر للإبداع العربي والمركز الأول في المسابقة الثقافية الدولية لمؤسسة هبة بنداري للتنمية، وأحد المرشحين للفوز بجائزة (كتارـ فئة الشعر الفصيح) في دورتها الخامسة.
من أهم أعماله: (كلمات آخر رجل عربي، أعراف، كلام الجن، مارد وادي عبقر)


موريتانيا بلد عربي أفريقي يمتد من عمق الصحراء إلى أطراف الساحل، يحدوه توق للحداثة دون التفريط في تراث الماضي التليد لاسيما الفنون الشعبية المحلية؛ وهناك محاولات جادة من فيلق مبدع من شعراء الجزالة حملوا مشعل النور، ووظفوا السحر الحلال للتغني بأمجاد الفن الأول " الشعر" في المسابقات الدولية، وكانوا ـ بحق ـ خير سفراء للحرف الأصيل النابع من حضارة تنسج بريقا فوق ثريات الجمال في الثقافة والفنون.
ولمدينة " شنقيط" أهمية تاريخية معروفة وحضور ثقافي طاغ، ودور اقتصادي مهم، خاصة في قوافل الحج والتجارة وسفارات العلماء والفقهاء، فيوصف الموريتاني في مقام الإشادة والمدح بالشنقيطي؛ دلالة على الأصل الثابت الطيب الذي تمتد فروعه الكريمة في السماء.
أما عن الزي الموريتاني فهو مائز يجمع بين الرقة والجلال، لا يمكن أن تصف صاحبه بغنى أو فقر؛ فكبرياؤهم سمة غالبة، وانتماؤهم للرمل جين سائد وكرمهم حاتمي، ومحبتهم للعلوم والآداب والفنون جديرة بالإعجاب وحقيقة بالدراسة، يستوي في ذلك سكان العاصمة "نواكشوط" التي جعلت من عواصفها الرملية محط إلهام ونواة إبداع ونقطة التقاء معرفي متنوع بين صحراء الأطلسي وبحر الرمال، وسائر المدن.
وعلى الرغم من قسوة المناخ ومحاولات مسخ الهوية وتشويه الحرف العربي لصالح الفرانكفونية فإن ما يدعو للفخر كثرة المحاظر في موريتانيا التي تعيد للأذهان صورة التعليم في زمان العزة، حين بلغت حضارتنا العربية الإسلامية أوج ازدهارها، فنشأت الكتاتيب ودرست القرآن الكريم واللغة العربية للأطفال مع بعض دروس العقيدة للحفاظ على إيمان غير متزعزع ومواطنة شريفة.
لذا؛ انطلق الشعب الموريتاني بجل عناصره العربية والأفريقية من فضاء الخيمة وهو يصارع شمس الصحراء وهجوم العواصف بالرعي تارة وبالزراعة والصيد أخرى متسلحا بالعلوم الشرعية واللغوية في ترحال دائم وتحصيل مستمر حتى أثمرت المحاظر مواطنا مثقفا أو فقيها معتدلا أو شاعرا رصينا أو عالما أمينا؛ لتتعاقب الأجيال المحبة لثراء موريتانيا الضاربة بسهم في كل فن محافظة على التراث مستشرفة الحداثة مقدمة النموذج الحي للجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وعلى المستوى الشخصي ربما وجدت أهم ما يشدني وقوف موريتانيا قيادة وشعبا ماديا ومعنويا خلف مبدعيها في كل محفل دولي لتعكس وجه الدعم المراد في ثنائية مدهشة ترعى الحقوق والواجبات من جهة، وتوجه رسالة حبها إلى العالم من أخرى