ـ
حسام البطاط
شاعر عراقي شارك في العديد من المهرجانات وحصد كما وافرا من الجوائز: المركز الثالث في جائزة كتاراـ للمديح النبوي وجائزة فياض سعيد للإبداع الشعري وجائزة ديوان العرب ـ البابطين وجائزة عزيز جاسم ...صدرت له مجموعتان شعريتان: عزلة بلون البحر، وستهجرك البلاد.
رباط الوئام والشعر
لم يحصل لي الشرف بزيارة موريتانيا، إلا أني أشعر كأيّ شاعر تُلامس قلبه الحروف الفصحى وكلماتها بأن لهذه البلاد مكانا ومكانة في القلب، فبين العراق وموريتانيا وشائج كثيرة وصلات عديدة في طليعتها اللغة العربية التي تربط كيانهما برباط الوئام والعنفوان العربي، ورباط الشعر وما أدراك ما الشعر، هو ذلك الكائن الذي لا يسكن في قلب إلا أحياه! ولا يولد في وجدان إلا منحه من الشغف ما يستحق.
ليست مصادفة أن يجمعنا الشعر، فالعراق وموريتانيا وطنان شاعران كأن الشعر يتحدر من كل ذرة رمل وجزيئة هواء فيهما، نتنفس الشعر مع أنغام الفرح متدفقة تراقص ليل الساهرين، ونعانقه في لحظة حزن تنساب مواويلها كنهر صاف يلقي بظله الوارف الشفيف على نخلة المعنى بكامل ألقها.
أعود فأقول لم أزر موريتانيا، إلا أنني رأيتها في عيون شعرائها وتمسكهم بتراثهم وعراقتهم، رأيتها في حروفهم وهي تنثر روح الشعر في شغاف القلوب، رأيتها في (دراعة) تزاحم زرقتها الألوان.
وبرغم أن الفكر والجمال يستطيعان أن يسافرا دون جواز وأن يتنقلا دون حواجز فهما ضمير الأمة ورونقها إلا أننا نتساءل وفي القلب الكثير من الشوق لماذا تبتعد المسافات رغم الوئام وتختفي سبل اللقاء وحقها الظهور، يا لهذه الخطوط الملونة على الخرائط، كم أبعدتنا رغم اقترابنا وكم سافرنا في تفاصيلها رغم اتفاقنا.
نعم خير من يمثل الأمم شعراؤها، فأنا البعيد عن موريتانيا قريب منها حد التوهج لأن شعرا شفيفا ينهمر من رمالها ويعانق أطراف السماء، لأن كلمات ساحرة تنطلق من أديمها فيشرئب القلب شوقا إليها، أنا الشاعر الذي تجري القصيدة في دمه فتزدان نبضاته بأريجها، وتتخضب روحه بنسيم حروفها، لي في (البصرة) ما يملأ القلب حبا، أنا الشاعر البصري حد الشغف، أبعث إلى موريتانيا وشعبها وكل حبة رمل فيها تحية لا يحصيها سوى قلب عامر بالمحبة ولا تحدها تلك الخطوط الملونة التي تقسم وطننا الواحد.