نشرت هيئة البث الإسرائيلية أن توترًا كبيرًا يتصاعد بين المستويين السياسي والأمني فيما يتعلق بنقل معلومات سرية «بطريقة غير مقبولة» إلى الإعلام الأجنبي.
وتزامن فتح هذا الملف الخطير مع نشر قناة 13 أن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عيَّن متحدثا فشل في اختبار التصنيف الأمني لجهاز الشاباك الأمني.
وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن من المرتقب أن يطلب الشاباك والشرطة من المحكمة نشر معلومات جديدة عن القضية الأمنية في مكتب رئاسة الوزراء.
وقالت مراسلة الغد إن الأسبوع الماضي شهد بدء «مرحلة مفتوحة» في التحقيق المشترك الذي أجراه الشاباك والشرطة الإسرائيلية والجيش، والذي يتعلق بالاشتباه بخرق أمني على خلفية تقديم معلومات سرية بصورة غير قانونية.
ويبحث التحقيق مدى تعريض معلومات ومصادر حساسة للخطر، فضلًا عن الإضرار بتحقيق أهداف الحرب في قطاع غزة.
ما التسريبات؟
في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، نشرت صحيفة بيلد الألمانية مقالًا يحتوي على وثيقة يُزعم أنها وجدت على جهاز الكمبيوتر الخاص بالسنوار تتضمن تفاصيل تعليمات استراتيجية لحماس فيما يتعلق بكيفية إجراء المفاوضات مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار والمحتجزين، وكذلك ما يخص أساليب التلاعب بمشاعر عائلاتهم، والتعامل مع المجتمع الدولي، وذلك بهدف استعادة القدرات العسكرية للعمل ضد إسرائيل.
بعد تسريب الوثيقة إلى صحيفة بيلد، والنشر الكاذب في صحيفة كرونيكل، والكشف عنها في يديعوت أحرونوت، تم الإعلان أن الجيش الإسرائيلي بدأ تحقيقًا لفهم كيفية وصول الوثائق السرية المستخرجة من أجهزة الكمبيوتر التي عثر عليها في غزة إلى الصحف في الخارج.
كما نُشر مقال في صحيفة «جويش كرونيكل» زعم أنه نقل عن وثيقة للسنوار التي تتحدث عن خطة لتهريب محتجزين من محور فيلادلفيا ومن هناك إلى إيران، لكن تبين بعد ذلك أن هذه الوثيقة لم تكن موجودة، واعتذرت الصحيفة، وتم طرد المراسل، وحذف المقال، وتبين أن الاسم الحقيقي للمراسل هو إسرائيلي يدعى إيلي يفراح.
وبعد أيام قليلة، كشف رونين بيرغمان في عدة مقالات في يديعوت أحرونوت، عن أن الوثائق المزعومة لم يكتبها السنوار على الإطلاق، وأن ما جاء فيها هو عكس ما نشر تماما.
عاصفة في إسرائيل
قالت مراسلة الغد إن هذه القضية يحظر حتى الآن نشر تفاصيلها لحساسيتها.
وأشارت مراسلتنا إلى أن أكثر من وسيلة إعلامية منها هآرتس والقناة 12 وهيئة البث توجهت إلى المحاكم الإسرائيلية من أجل السماح بنشر تفاصيل هذه القضية.
وأوضحت أن الشكوك تدور في مكتب رئيس الوزراء عن أنه سرب مثل هذه الوثيقة المزعومة، لدعم موقف نتنياهو الداعي إلى بقاء قوات جيش الاحتلال في محور فيلادلفيا جنوبي قطاع غزة.
ونشرت القصة في موقع بريطاني يتناول قضايا اليهود وآخر ألماني، بعد عدة أيام من المؤتمر الصحفي الذي عقده نتنياهو بشأن أهمية محور فيلادلفيا لإسرائيل، وقد استشهد نتنياهو بالمقالتين في اجتماع مجلس الوزراء وفي اجتماع مع عائلات المحتجزين.
وأضافت مراسلتنا أن من كتب هذه القصة الصحفية في «جويش كرونيكل» قد أعلن عن استقالته بسبب انعدام الدقة في تفاصيل الوثائق التي سربها، وسط شكوك في أنه جرى تحوير بعض تفاصيل هذه الوثائق لتتماشى مع مزاعم بنيامين نتنياهو بشأن التخوف من تهريب محتجزين إلى مصر.
وأكدت على أنه بالرغم من عدم معرفة التفاصيل الكاملة للقضية الحالية، فإنها تثير عاصفة كبيرة في إسرائيل.
ردود فعل
قال يائير لابيد زعيم المعارضة الإسرائيلية: «نتنياهو مسؤول شخصيا عن كل ورقة أو كلمة أو معلومة تخرج من مكتبه»، مضيفا: «لدينا أعداء أقوياء من الخارج، لكن الخطر القادم من داخل البيت ومن مراكز صنع القرار الأكثر حساسية يهز أسس ثقة مواطني إسرائيل في إدارة الحرب».
وجاء في تعليق من رئيس حزب «معسكر الدولة» الإسرائيلي بيني غانتس: «دون الخوض في تفاصيل القضية، من المهم التأكيد على شيء واحد.. رئيس الوزراء هو المسؤول عما يحدث في مكتبه سواء كان جيدا أم سيئا».
وقال مكتب رئيس الوزراء إن التشويش المستمر، في إشارة منه إلى هذه القضية، يهدف إلى تشويه سمعة مكتبه.
وأشارت مراسلة الغد إلى أن هذه ليست القضية الأولى من نوعها بشأن تسريب معلومات إلى وسائل إعلام إسرائيلية أو أجنبية بشأن مفاوضات عودة المحتجزين أو ما يدور في الاجتماعات السرية بمجلس الوزراء.
ولفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى اعتقال عدد من المشتبه بهم في هذه القضية الأمنية التي تهز ديوان نتنياهو. لكن مكتب رئيس الوزراء نفى التحقيق مع أي من الموظفين.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان: «خلافاً للمنشورات الكاذبة والصورة التي تحاول وسائل الإعلام تصويرها، لم يتم التحقيق مع أي شخص من مكتب رئيس الوزراء أو اعتقاله».
وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن أحد الأسباب التي دفعت نتنياهو إلى مطالبة أمس بالسماح بالنشر في هذه القضية، هو أن يرد على موجة الشائعات حول تسريب معلومات زائفة لتحقيق أغراض سياسية.