يحبس العالم أنفاسه من هنا وحتى يوم الأربعاء المقبل لمعرفة الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية التي تُجري الثلاثاء المقبل بين المرشحين دونالد ترامب وكمالا هاريس.
ورغم أن العالم ليس هو من يختار الرئيس الأمريكي فإن تأثير هذه الدولة االتي تتزعم العالم منذ انهيار منظومة القطبين ودخول العالم تحت مظلة القطب الواحد جعل الكل يراقب وينتظر نتائج انتخاباتها .
محاور كثيرة ترتبط عالميا بالانتخابات الأمريكية بدءا بالنمو الاقتصادي العالمي وإدارة مختلف محاور الصراعات الدولية والإقليمية وترسيخ الهيمنة الأمريكية في ظل بروز قوى جديدة معارضة للنفوذ الأمريكي وتوجس من سياسة الرئيس الجديد من طرف بعض المؤيدين .
في التحليل التالي نعرض لأسباب اهتمام العالم بالانتخابات الأمريكية وتأثير هذه الدولة في العالم.
يرى المراقبون أن هنالك أسبابا كثيرة تجعل العالم يهتم بالانتخابات الأمريكة ونتائجها .
أسباب الهيمنة الأمريكية
نظرا لما تمثله الولايات المتحدة من ثقل دولي سياسي وعسكري واقتصادي وتقني، جعلها طرفًا مؤثِّرًا في كل القضايا المرتبطة بالأمن والسلم الدوليين والنزاعات الإقليمية؛ مثل الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب إسرائيل على قطاع غزة ولبنان، وكذلك قضايا التجارة والاقتصاد العالمي والمناخ.
ولتحليل أسباب هيمنة أمريكا على العالم يجب إدراك أنها تحتل المرتبة الأولى اقتصاديا
بثروة تقدر بـ72 تريليون دولار وهي الأولى بالتعليم العالي عاليما بـ30 جامعة عالمية والأولى في الإنفاق على البحث العلمي وتحتكر تجارة السلاح التي تُدِرّ عليها أمولا طائلة وهي المسيطرة على ثروات العالم عبر نشر جنودها وأساطيلها المختلفة خاصة في مناطق النفط بالخليج ـ مثلا ـ كما أنها تقف وراء الكثير من النزاعات في العالم ما يمكنها من بيع السلاح من جهة ويسهل استيلاءها على ثروات الشعوب.
كما تسيطر على إنتاج القمح االعالمي وعن طريق بيعه واحتكاره تسيطر على مصدر الغذاء الأول بالعالم، ولتغليف هيمنتها العالمية بالشرعية الدولية حرصت على وجود أكبر منظمة أممية تدير شؤون السلم والتنمية في العالم على أراضيها (الأمم المتحدة)
وأخيرا السيطرة على الإعلام العالمي حيث باتت تنشر دعايتها مما يختصر عليها الكثير من الجهد والوقت لبسط هيمنتها
الصين : نظرة .. وتوجّس..
الصين دولة كبيرة من حيث عدد السكان والمساحة والمقدرات الاقتصادية وهي المنافس التقليدي الأول لأمريكا .
تنظر الصين بتوجس كبير للفائز في استحقاقات الرئاسة الأمريكية هل هو من الصقور التي تسعى لتقليم أظافرها أم أنه من الحمائم التي تراعي أهميية الحوار في حل المشكلات العالقة بين البلدين.
لكن الصينيين في بكين منقسمون حول أي مرشح سيكون أفضل للصين، وتتمحور المقايضة حول قضيتين: التعريفات الجمركية وتايوان. ويدرك المسؤولون الاقتصاديون الصينيون جيدًا أن "ترامب" دعا إلى تعريفات جمركية شاملة على صادرات الصين، والتي يمكن أن تشكل تهديدًا خطيرًا لاقتصاد الصين، إنها دولة تعتمد بشكل كبير على الطلب الأجنبي، وخاصة من أمريكا؛ للحفاظ على تشغيل مصانعها وتشغيل عمالها، وخلق التصنيع ثروة كبيرة، ويعوض الصين عن الانهيار الخطير في سوق الإسكان.
وفي الوقت نفسه يرى عالم السياسة الخارجية الصينية مزايا لفوز "ترامب" في الانتخابات، فالصين تشعر بأنها محاصرة بشكل متزايد بالجهود الأمريكية، وخاصة من قبل إدارة الرئيس جو بايدن؛ لتعزيز التحالفات مع العديد من جيران الصين: اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين والهند، وقبل كل شيء تايوان. ومن المحتمل أن تستمر "هاريس" في هذه الجهود، وترامب" أقلّ التزامًا بالبناء والحفاظ على التحالفات الدولية، كما أظهر "ترامب" اهتمامًا أقلّ بالدفاع عن تايوان، وهذا أمر مرحب به للغاية في بكين.
الحليف التقليدي وأسئلة المستقبل ؟
أوربا هي الحليف التقليدي لأمريكا وهي ترى بأن هذه الانتخابات هي نهاية حقبة، بغضّ النظر عن النتيجة، واعتمادًا على من تتحدث إليه في أوروبا، فإن فوز "ترامب" إما كابوس أو هدية، ويعتبر "ترامب" حركة النازيين الجدد المتنامية في أوروبا -في المجر وإيطاليا وألمانيا وأماكن أخرى- زعيم حركتهم، وإذا استعاد البيت الأبيض فإنه سيعزز ويدعم خططهم المتشددة بشأن الهجرة والهُوية الوطنية.
في الوقت نفسه يشعر معظم قادة أوروبا الغربية بقلق عميق. ويمكن أن يعني حديث "ترامب" عن فرض تعريفات جمركية بنسبة 20 في المائة على كل شيء يباع لأمريكا، بما في ذلك الصادرات الأوروبية، كارثة لاقتصاد أوروبا. وبالطبع تحدث "ترامب" مرارًا وتكرارًا عن مغادرة حلف شمال الأطلسي، وحتى لو لم تغادر الولايات المتحدة حلف شمال الأطلسي "الناتو" رسميًّا، يمكن أن يقوض "ترامب" بشكل قاتل مصداقية التحالف إذا قال: "لن أذهب للقتال من أجل بعض الدول الأوروبية الصغيرة"، وإذا فازت "هاريس" هناك شعور بأنها أيضًا ستكون منشغلة في الداخل وأكثر قلقًا بشأن الصين، وستتوقع من الأوروبيين أن يفعلوا المزيد لأنفسهم. هناك شعور ملموس في أوروبا بأن بايدن ربما كان آخر رئيس أمريكي مرتبط شخصيًّا بتحالف تمت صياغته في الحرب الباردة.
التجارة العالمية... الملف الشائك
تعتبر التجارة العالمية ملفا شائكا في الانتخابات الأمريكية الحالية، وقد أعلن المرشح دونالد ترامب أن "التعريفة الجمركية" هي "أجمل كلمة في القاموس، أكثر جمالًا من الحبّ، أكثر جمالًا من الاحترام"؛ لذلك فإن هذه الانتخابات هي، من بين أمور أخرى، استفتاء على النظام التجاري العالمي بأكمله؛ حيث يختار الناخبون الأمريكيون خيارًا يمكن أن يؤثر على العالم بأسره، ومن المحتمل أن تواصل "هاريس" إذا تم انتخابها، التعريفات الجمركية المستهدفة على البضائع الصينية؛ لأسباب أمنية وطنية، ويعد "ترامب" بما هو أشد عدوانية بكثير؛ حيث يحدد مستويات التعريفة الجمركية التي لم تشهدها منذ ما يقرب من قرن: 10 إلى 20 في المائة على معظم المنتجات الأجنبية، و60 في المائة أو أكثر على البضائع المصنوعة في الصين.
وسيؤثّر هذا على أكثر من 3 تريليونات دولار من الواردات الأمريكية، ومن المحتمل أن يتسبب في حروب تجارية متعددة؛ حيث ترد الدول الأخرى بتعريفات جمركية خاصة بها، هل يمكن لـ"ترامب" القيام بذلك ببساطة؟ نعم، يمكنه ذلك؛ لديه سلطة قانونية واسعة. وهذا يعني أن الولايات المتحدة تقوض قواعد التجارة الدولية الكبيرة التي ساعدت في إنشائها.
لماذا الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل ؟
يتردد هذا السؤال الكبير على ألسنة الكثيرين والجواب هو أن اللوبي اليهودي الذي يضم 34 منظمة يهودية سياسية في الولايات المتحدة تقوم بجهود منفردة ومشتركة من أجل مصالحها في الولايات المتحدة ومصالح دولة إسرائيل وهو واحد من الكثير من المجموعات المؤثرة ذات المكانة الرسمية في المؤسسات والسلطات
وتعمل أمريكا على تقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي لإسرائيل التي تعتبر موطئ قدم أمريكي استراتيجي في المنطقة بالإضافة إلى شراكات استخباراتية وتكنولوجية متقدمة في كل من العالمين المدني والعسكري.
خلال الحرب الباردة و تعد العلاقات مع إسرائيل عاملاً مهمًا في السياسة الخارجية الشاملة للحكومة الأمريكية في الشرق الأوسط ؛ فقد أولى الكونجرس الأمريكي أهمية كبيرة للحفاظ على علاقة داعمة. تميزت العلاقة بتأثير لجنة الشؤون العامة "أيباك" وهي أقوى جماعة ضغط يهيودية نشطة في أمريكا وتؤيد إسرائيل.
ويلعب اللوبي الإسرائيلي دورا كبيرا من خلال المال والإعلام في التأثير على السياسيين الأمريكين وصناعة القرار خاصة فيما يتعلق بموضوع السلام في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والتي هي جوهر الصراع الذي يربط العرب والمسلمين بالسياسة الأمريكية في المنطقة .
ويهتم الإسرائيليون بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإذا كان بإمكانهم التصويت في الانتخابات، فإنهم سيصوتون بأغلبية كبيرة لـ"ترامب"، وتظهر الاستطلاعات ذلك بوضوح. ولكن بصرف النظر عن الفائز، فمن المحتمل أن يكون التأثير طويل الأجل محدودًا.
فالإسرائيليون -ناهيك عن الحكومة- يعارضون بشدة قيام دولة فلسطينية وحلّ الدولتين أكثر من أي وقت مضى خلال العقود الماضية، ومن غير المرجّح أن يتمكّن أي رئيس أمريكي من تغيير ذلك، ومن المحتمل أن تضع الرئيسة "هاريس" المزيد من الضغط على إسرائيل للتوصل إلى هدنة، وفتح المحادثات مع الفلسطينيين، ولكن من غير المرجح أن تقوم، على سبيل المثال، بقطع الدعم العسكري عن إسرائيل.
نظام انتخابي فريد ...
يتم انتخاب الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية عبر عدة مراحل، تبدأ بانتخابات التصفيات داخل الأحزاب السياسية وتنتهي بمرحلة انتخابات الهيئة الانتخابية. وذلك على النحو التالي:
المرحلة الأولى: وفيها يشكل الراغبون في الترشح لجنة استكشافية (أو لجنة استطلاع) لحشد التأييد لأنفسهم بين أنصارهم في الحزب، ويحصلون على ضمانات من المانحين بتقديم إسهامات مالية لحملاتهم الانتخابية. وإذا اعتقدوا أنهم يتمتعون بتأييد يكفي لخوضهم الانتخابات يخطرون السلطات الفيدرالية باعتزامهم ترشيح أنفسهم، لتأتي بعد ذلك عمليات جمع الأموال وخوض سباق الانتخابات الحزبية
المرحلة الثانية: وفيها يتم اختيار مرشح الحزب الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية أمام مرشحي الأحزاب المنافسة. حيث يتعين على الناخبين المؤيدين لأحد الأحزاب السياسية أن يختاروا مرشح الحزب من بين عدد من مرشحي هذا الحزب.
وتتولى كل ولاية أمريكية –بنفسها- مسؤولية تنظيم وإدارة عملية انتخاب الرئيس. حيث تقوم كل ولاية بتعيين مدير انتخابات تناط به مهمة فرز أصوات الناخبين. أما مهمة تنظيم الانتخابات فإنها تناط بالدوائر الانتخابية في كل ولاية، حيث تضع هذه الدوائر ضوابط الاقتراع وتحدد أوقات فتح مراكز التصويت وإقفالها، كما تحدد طريقة التصويت: إلكتروني أو تقليدي (يدوي)
أما من الناحية المالية، فإن هذه الانتخابات تكلف بعض الدوائر الانتخابية ملايين الدولارات، حيث تتحمل الولايات عبء تمويل الانتخابات، ولا تحصل إلا على دعم ضئيل من الحكومة المركزية.
يشترط فيمن يترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة أن يكون من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية، وأن لا يقل عمره عن 35 عاماً، وأن يكون مقيما في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 14 سنة على الأقل.
ويتم انتخاب الرئيس الأمريكي ونائبه كل أربع سنوات. وخلافا لما يعتقده الكثيرون فإن الناخبين الأمريكيين لا يقومون بانتخاب رئيسهم بشكل مباشر بل بواسطة المجمع الانتخابي الذي يتكون من 538 مندوباً.
صباح الأربعاء..من سيكون القائد الجديد للعالم ؟
صباح الأربعاء المقبل سيعرف العالم من هو رئيس أمريكا الجديد وبعدها ستبدأ المحاولات الجواب على أسئلة كثيرة تتضح مجملها يتعلق بالساحة الدولية وكيفية إدارة صراعاتها وعلاقات أمريكا الجديدة وتحالفاتها وتأثير كل ذلك على جميع دول العالم مع سعي الرئيس الجديد وإدارته لرسم خارطة جديدة للسياسة الدولية محركها الأول الحفاظ على مصالح أمريكا وهيمنتها دون أن ننسى أنه لن يحدث تغيير يذكر ،خاصة على الصعيد الداخلي لأن أمريكا دولة تحكمها مؤسسات ولا تتأثر إدارتها بالأشخاص، فالوكالات الفيدرالية هي من يرسم السياسات والحكومة تنفذ والكونغرس يراقب ويتأكد من تنفيذ البرامج الحكومية .