أثارت المظاهرة التي نظمتها الحركة الإسلامية في إسرائيل، أحدُ أجنحة جماعة الإخوان المسلمين، موجة عارمة من الانتقادت والاستهجان الفلسطيني.
وقال نشطاء من الداخل الفلسطيني إن تلك المظاهرة تعبّر عن انحراف بوصلة الجماعة، التي كان الأولى بها التظاهر أمام السفارة الأميركية بصفتها داعمة لحرب التجويع على قطاع غزة، أو أمام مؤسسات الاحتلال التي لا تبعد سوى أمتار عن مقر السفارة المصرية في تل أبيب.
وقد وقفت قيادات إخوانية أمام السفارة المصرية في تل أبيب للتظاهر دعمًا لغزة والمطالبة بفتح معبر رفح، وكان من بينهم كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية، ورائد صلاح، رئيس جماعة الإخوان، برفقة مجموعة أخرى من أنصار الجماعة، الذين حصلوا على تصريح من وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، أحد رعاة حرب الإبادة في غزة، لأنهم أرادوا التظاهر ضد مصر «نصرًا لغزة»؟
ورغم أن ما حدث حقيقي وليس مزحة، إلا أنه يحمل غرضًا ومرضًا، حسب تعبير مراقبين.
وتظاهر هؤلاء أمام السفارة المصرية في تل أبيب للمطالبة بفتح معبر رفح، متجاهلين حقيقةً واضحة، وهي أن رفح بأكملها تحت الاحتلال الإسرائيلي، وليس معبرها وحده، وأن غزة كلها تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب مراقبون، فإن هذا السلوك كشف عن أزمة سياسية وأخلاقية، إذ تقفز بها جماعة الإخوان وقياداتها، على السبب الحقيقي لمعاناة غزة، والتي يعرفها الجميع، ويلقون الاتهامات ويستهدفون بلدًا من الصعب أن تعد ما دفعته لحماية الفلسطينيين.
وأكد محللون أن ما حدث لا يمكن أن يكون نصرة لغزة، ولا يعدو كونه إفلاس سياسي، وبحث عن عدو بديل يشبع الغرور ويرضي العميان الذين يقفون وراء هذه التحركات حسب المراقبين، وما فعله هؤلاء لا يقصد رفح ولا معبرها، كما لا يقصد الجوع ولا مَنْ يتسبب به، ولكنه يقصد النيل من مصر، ولو كانوا يرغبون في قول الحقيقة، فوزارة الحرب الإسرائيلية لا تبعد أكثر من بضع دقائق عن مكان احتجاجهم في تل أبيب، ومع ذلك لا تتجه الأنظار إليها ولا تُسمع الأصوات عند بوابتها.
التماهي مع إسرائيل
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد بان، أن ما حدث هو ملهاة عبثية تكشف كيف أن هذا تنظيم الإخوان المسلمين المتطرف، الذي ناصب الدولة الوطنية المصرية العداء، قد فقد بوصلته الأخلاقية والسياسية والاستراتيجية على نحو كامل.
وأضاف بان، خلال لقاء على شاشة الغد، أن هذه المظاهرة تعكس حجم التماهي الشديد بين موقف الإخوان وإسرائيل، إذ تظاهرة تلك الجماعة ضد الدولة المصرية التي حملت قضية فلسطين منذ عقود وحاربت على مدار تاريخ الصراع.
وأكد أن مصر تبذل - على كافة المستويات الشعبية والرسمية – كل ما تستطيع في ظل حصار اقتصادي خانق وفي ظل ضغوط متوالية.
وأضاف بان أن من نفذ هذه المذابح ونصب مصائد الموت لم تكن الدولة المصرية بل كانت إسرائيل، متابعا: «وبالتالي يعني هؤلاء إذا كان لدى قليل من الخجل فليتظاهروا في مواجهة إسرائيل»، مشيرا إلى أنه لم تخرج أية مظاهرات من الإخوان ضد إسرائيل.
وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن «المزايدة والمتاجرة هي أدوات راسخة في وعي هذه الحركة منذ النشأة»، مشيرا إلى أنها طالما تاجرت بالقضية الفلسطينية واختبأت خلفها.
وأضاف «هذه المجموعات تتماهى تماما مع أجندة الأعداء وتنفذ بوعي أو دون وعي خطة لإنهاك الشعب الفلسطيني وإرغامه على قبول خطة مخيفة جدا تتعلق بمستقبل دولته بل ووجوده على أرض فلسطين».
خدمة الاحتلال
كذلك قال الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، سامح عيد، إن الحركة الإسلامية الإخوانية للتظاهر أمام السفارة المصرية تطلبت موافقة الوزير بن غفير، كما أنه خلال المظاهرة لم يتفوه الحاضرون بكلمة ضد رئيس احكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
وأضاف عيد في تصريحات على شاشة الغد أن الإخوان حاولوا شن هجمات ضد مصر في عدة دول، ليس إسرائيل فقط، رغم أن مصر تقف ضد تهجير الفلسطينيين وكم المساعدات التي تدخل القطاع أغلبها مصرية.
وأكد أن رفع المتظاهرين للعلم الإسرائيلي خلال المظاهرة أمام السفارة المصرية، رغم كونهم قريبون من وزارة جيش الاحتلال هو موقف مشين للغاية، وأن جماعة الإخوان تريد الوقعية بين مصر وبين الشعب الفلسطيني.
وشدد على أن هذا الموقف (المظاهرة) ضد المصالح الفلسطينية، خاصة سكان القطاع، ويخدم أيضا المصالح الإسرائيلية.