الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لقاء بكييف - رويترز
أعرب عدد من القادة الأوروبيين عن تضامنهم مع أوكرانيا، اليوم السبت، بعد قمة أجريت في ألاسكا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والروسي فولوديمير بوتين لإنهاء الحرب بين موسكو وكييف.
وقال قادة ثماني دول من شمال أوروبا والبلطيق، اليوم السبت إن دعمهم لكييف ولجهود ترمب «لإنهاء العدوان الروسي على أوكرانيا سيظل ثابتا».
وذكر زعماء الدنمارك وإستونيا وفنلندا وأيسلندا ولاتفيا وليتوانيا والنرويج والسويد في بيان أن تحقيق السلام بين أوكرانيا وروسيا يتطلب وقفا لإطلاق النار وضمانات أمنية لكييف.
وجاء في البيان «نرحب بتصريح الرئيس ترمب بأن الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة في الضمانات الأمنية. لا ينبغي وضع أي قيود على القوات المسلحة الأوكرانية أو على تعاونها مع دول أخرى».
وكان ترمب قال إنه اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة السعي إلى اتفاق سلام دون أن يسبقه وقف لإطلاق النار، وهو ما تطالب به أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بدعم من الولايات المتحدة حتى الآن.
زيارة زيلينسكي
يتوجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن يوم الإثنين تحت ضغط أميركي مكثف للموافقة على الإسراع بإنهاء الحرب التي تخوضها بلاده ضد روسيا، لكنه عاقد العزم على الدفاع عن مصالح كييف دون إثارة خلاف آخر في المكتب البيضاوي مع الرئيس دونالد ترمب.
ولم تثمر محادثات ألاسكا عن التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي يسعى إليه ترمب، وقال الرئيس الأميركي اليوم إنه يريد الآن اتفاق سلام كامل وإن على كييف أن تقبل ذلك لأن «روسيا قوة كبيرة جدا، وهم (الأوكرانيون) ليسوا كذلك».
ويلقي هذا الخطاب الصريح بثقل التوقعات على عاتق زيلينسكي مباشرة، مما يضعه في موقف محفوف بالمخاطر مع عودته إلى واشنطن للمرة الأولى منذ تحول محادثاته مع ترمب في المكتب البيضاوي إلى خلاف علني في فبراير/شباط.
ووبّخ ترمب زيلينسكي أمام وسائل الإعلام العالمية في ذلك الوقت، قائلا إن الرئيس الأوكراني لم «يمسك بزمام الأمور» في المفاوضات، وإن ما وصفه بتعنت كييف يهدد بإشعال حرب عالمية ثالثة.
ويأتي سعي ترمب للتوصل إلى اتفاق سريع الآن على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي يبذلها الحلفاء الأوروبيون وأوكرانيا لإقناع الرئيس الأميركي بأن وقف إطلاق النار يجب تطبيقه أولا وليس بمجرد الاتفاق على تسوية كما يسعى الكرملين.
وقال مصدر مطلع لرويترز إنه تم أيضا توجيه الدعوة للزعماء الأوروبيين لحضور اجتماع يوم الإثنين بين ترمب وزيلينسكي، ولكن لم يتضح من سيحضر منهم.
وقال الرئيس الأوكراني إن ترمب أطلعه على محادثاته مع بوتين خلال اتصال هاتفي اليوم استمر أكثر من ساعة ونصف الساعة. وأضاف أن مسؤولين أوروبيين وآخرين من حلف شمال الأطلسي انضموا إليهما بعد ساعة.
وقال مصدر مطلع على المحادثة لرويترز «الانطباع هو أنه يريد اتفاقا سريعا بأي ثمن».
وذكر المصدر أن ترمب أبلغ زيلينسكي بأن بوتين عرض وقف القتال على الجبهات في إطار اتفاق إذا وافقت أوكرانيا على سحب قواتها من منطقتي دونيتسك ولوجانسك شرق البلاد، وهو ما يرفضه زيلينسكي.
وقال المصدر إن ترمب سعى لإقناع زيلينسكي بالموافقة على فكرة اتفاق يسحب بموجبه قواته من منطقة دونيتسك بشرق البلاد والتي تحاول القوات الروسية التي تحتل أجزاء منها بسط سيطرتها الكاملة عليها.
وأضاف المصدر أن زيلينسكي رد قائلا إن هذا غير ممكن.
إيطاليا وألمانيا
في السياق ذاته، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم إن الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة في تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا.
وأضاف ميرتس لقناة (زد.دي.إف) التلفزيونية العامة بعد أن أطلعه ترمب على نتائج محادثاته مع بوتين «الخبر السار هو أن الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة في مثل هذه الضمانات الأمنية ولن تترك الأمر للأوروبيين وحدهم».
وذكر ميرتس أن من المتوقع عقد اجتماع بين بوتين وترمب وزيلينسكي في أقرب وقت ممكن بهدف التوصل إلى اتفاق سلام.
وتابع «إذا نجح هذا الأمر، فسيكون أهم من مجرد وقف إطلاق النار».
وأضاف ميرتس أن ترمب أشار إلى أن روسيا مستعدة على ما يبدو لإجراء مفاوضات استنادا إلى خطوط المواجهة في الصراع، وليس على أساس حدود المناطق الأوكرانية التي تطالب موسكو بالسيادة عليها.
وقال «هذا فرق كبير لأن روسيا تطالب بأراض لم تحتلها بعد».
وفي حديث منفصل لقناة إن-تي.في الألمانية، قال ميرتس إنه لا يعتقد أن زيلينسكي سيواجه وقتا عصيبا في واشنطن خلال لقائه مع ترمب كما حدث في فبراير.
وأضاف ميرتس أن زيلينسكي سيتحدث غدا الأحد إلى قادة أوروبيين سيساعدونه في التحضير للاجتماع.
ورغم قلة النتائج الفورية التي تمخضت عنها قمة ألاسكا، ترى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أسبابا للتفاؤل الحذر بالنسبة لمستقبل أوكرانيا الأمني.
وقالت ميلوني في بيان نشر عبر منصة إكس اليوم السبت «ما زال إبرام اتفاق أمرا معقدا لكنه بات ممكنا في نهاية المطاف، خاصة بعد الجمود الذي استمر شهورا عديدة على الجبهة».
ورفضت كييف علنا فكرة الانسحاب من الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليا التي تسيطر عليها في إطار أي اتفاق. ويقول مسؤولون أوكرانيون إن منطقة دونيتسك حصن يعيق التقدم الروسي في عمق البلاد.
وقال أولكسندر ميريجكو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، لرويترز عبر الهاتف إن تركيز ترمب على اتفاق بدلا من وقف إطلاق النار ينطوي على مخاطر كبيرة لأوكرانيا.
وأضاف «من وجهة نظر بوتين، يعني اتفاق السلام عدة أمور خطيرة، منها عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ومطالبه السخيفة بالقضاء على النزعة النازية ونزع السلاح، بالإضافة إلى المطالب المتعلقة باللغة الروسية والكنيسة الروسية».
وقال ميريجكو إن أي اتفاق من هذا القبيل قد يحدث انفجارا سياسيا داخل أوكرانيا، مضيفا أنه يشعر بالقلق من انتهاء عزلة بوتين الدولية.
`
لقاء سابق بين ترمب وزيلينسكي في ساحة الفاتيكان ـ أف ب
ضمانات أمنية
يمثل تجنب تكرار ما حدث في المكتب البيضاوي أمرا بالغ الأهمية لزيلينسكي للحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة التي لا تزال تقدم المساعدة العسكرية وتتبادل المعلومات المخابراتية.
وبالنسبة لأوكرانيا، فإن الضمانات الأمنية القوية لمنع أي غزو روسي في المستقبل تكمن في أسس أي تسوية سلمية جادة.
وقال مصدران مطلعان إن ترمب والقادة الأوروبيين خلال اتصالهم اليوم ناقشوا ضمانات أمنية محتملة لأوكرانيا ستكون خارج حلف شمال الأطلسي، لكنها مشابهة للمادة الخامسة للحلف.
ويعتبر حلف شمال الأطلسي، الذي تسعى كييف للانضمام إليه، أي هجوم على أحد أعضائه، وعددهم 32 دولة، هجوما على الجميع بموجب المادة الخامسة لميثاق الحلف على الرغم من أن ترمب أوضح أن ذلك لن يحدث قريبا.
وقال أحد المصدرين، طالبا عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل الحساسة، إن القادة الأوروبيين يسعون للحصول على توضيح بشأن نوع الدور الأميركي الذي سيشمله هذا الضمان، ولكن لا توجد تفاصيل بعد.
وقال زيلينسكي مرارا إن عقد اجتماع ثلاثي مع الزعيمين الروسي والأميركي أمر بالغ الأهمية لإيجاد طريقة لإنهاء الحرب الشاملة التي شنتها روسيا في فبراير/شباط 2022.
وتحدث ترمب الأسبوع الماضي عن فكرة عقد مثل هذا الاجتماع، قائلا إنه أمر ممكن إذا نجحت محادثاته الثنائية مع بوتين.
كما اقترح المستشار الألماني فريدريش ميرتس السبت، عقد قمة بين الرؤساء الثلاثة في أوروبا، رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين.
والسبت، أكد القادة الأوروبيون استعدادهم للمساهمة في التحضير لعقد قمة بين ترمب وزيلينسكي وبوتين، غداة اجتماع الرئيس الأميركي مع نظيره الروسي في ألاسكا بهدف إنهاء الحرب في أوكرانيا.